وزير الأمن الإسرائيليّ السابق: على واشنطن وتل أبيب قطع علاقاتهما فورًا مع السعوديّة بسبب جريمة قتل خاشقجي وبإمكانهما مُواجهة الخطر الإيرانيّ لوحدهما
الناصرة-“رأي اليوم”- من زهير أندراوس:
حتى اللحظة لم يصدر أيّ تصريحٍ رسميٍّ من دولة الاحتلال الإسرائيليّ حول جريمة قتل وتقطيع الصحافيّ السعوديّ، جمال خاشقجي، في قنصلية بلاده بإسطنبول، ووفق كلّ المؤشّرات والدلائل فإنّ الحكومة الإسرائيليّة بقيادة بنيامين نتنياهو، اتخذّت قرارًا بعدم الإدلاء بدلوها حول هذه الجريمة النكراء، على الرغم من تشدّقها المُستمِّر حول تأييدها لحريّة الصحافة وحقوق الإنسان، ووفق الإعلام العبريّ، فإنّ تل أبيب تُفضّل مصالحها الإستراتيجيّة والتكتيكيّة على التمسّك بالقيم العالميّة لحقوق الإنسان، حيثُ التزمت حكومة الاحتلال الصمت المُطبَق أيضًا، عندما اتهمّت بريطانيا روسيا بمُحاولة تسميم الجاسوس السابق سيرغي سكريبال قبل عدّة أشهر بسبب العلاقات التي تربط تل أبيب مع موسكو.
وفي هذا السياق لا بُدّ من الإشارة إلى أنّ تل أبيب عولّت، وعلى ما يبدو ما زالت تُعوّل على وليّ العهد السعوديّ في تطبيع العلاقات بين الرياض وتل أبيب وتمرير خطّة السلام الأمريكيّة، والمعروفة إعلاميًا بـ”صفقة القرن” لتصفية القضيّة الفلسطينيّة نهائيًا، ومن هذه المُنطلقات كان المقال، الذي نشره اليوم الاثنين في صحيفة (هآرتس) العبريّة، وزير الأمن الإسرائيليّ الأسبق، موشيه آرنس، والذي طالب فيه بقطع علاقات إسرائيل نهائيًا مع السعوديّة، كان هذا المقال بمثابة تغريدٍ خارجٍ عن سرب الإجماع القوميّ الصهيونيّ، علمًا أنّ آرنس، يُعتبَر من صقور حزب (ليكود) الحاكِم بقيادة نتنياهو.
ولفت وزير الأمن الإسرائيليّ الأسبق إلى أنّه الآن وبعد أنْ كُشِف النقاب عن عملية القتل البشعة، والذي تمّ التخطيط له مُسبقًا، يتحتّم على الولايات المُتحدّة الأمريكيّة وإسرائيل أنْ تتخذّا قرارًا حول علاقاتهما المُستقبليّة مع السعوديّة، أقوى وأكبر دولةٍ عربيّةٍ، مُضيفًا أنّ السعوديّة، تنظر وبحقٍّ إلى النظام الإيرانيّ بأنّه خطير وعنيد ويعمل على شطبها عن الخريطة، ومن هذا المُنطلق، فإنّ أمريكا وإسرائيل تُعتبران شريكتان طبيعيتان ومُخلصتان في المعركة ضدّ التهديد والتمدّد الإيرانيين، والإرهاب الذي تقوم طهران بنشره وتشجيعه في الشرق الأوسط، وبالتالي، تابع آرنس، تجاهلت واشنطن وتل أبيب حتى اللحظة نظام الاستبداد والقمع في المملكة، طبقًا لقوله.
ولكن، أضاف آرنس، بعد جريمة قتل الصحافيّ السعوديّ خاشقجي، وحديث الرئيس الأمريكيّ، دونالد ترامب، الذي وصف الرواية السعوديّة بأنّها من أكبر عمليات التلفيق السيئة جدًا في التاريخ، فمن الواجب أنْ تُعيد تل أبيب النظر في العلاقات مع الرياض، كما أكّد.
بالإضافة إلى ذلك، شدّدّ الوزير الإسرائيليّ الأسبق على أنّ المُطالبة بإيجاد توازنٍ بين المصالح القوميّة لكلٍّ من إسرائيل والولايات المُتحدّة وبين القيم التي تضربها السعوديّة بعرض الحائط، هي بمثابة أمرٍ غريبٍ جدًا، مُوضحًا أنّه في هذه القضية العينيّة لا مكان للبحث عن التوازن، لأنّ من شأن هذا الأمر أنْ يمنح الشرعيّة للأعمال الوحشيّة التي قامت وتقوم بها السعوديّة، وبالتالي، أضاف، فإنّ إقامة أيّ حلفٍ من زعماء المملكة سيكون مُلطخًا من ناحيةٍ أخلاقيّةٍ.
ونوّه الوزير الأسبق إلى أنّه فيما يتعلّق بمُواجهة التهديد الإيرانيّ بهدف المُحافظة على مصالحهما القوميّة، فإنّ واشنطن وتل أبيب قادرتان، بدعم من حلفائهما، وحتى لوحدهما، أنْ تقوما بذلك، ذلك أنّ النظام في طهران، بحسب الوزير الإسرائيليّ، بات على شفا الإفلاس، وأنّ عمليةً مُكثّفةً من قبل واشنطن وتل أبيب، بإمكانها أنْ تجعل النظام الإيرانيّ يركع على قدميه مًتوسّلاً، بحسب زعمه، لافتًا في الوقت عينه إلى أنّ ضمّ السعوديّة إلى هذه الجهود لتقويض النظام الإيرانيّ من شأنها أنْ تُثير علامات استفهامٍ وسؤالٍ حول القاعدة الأخلاقيّة لهذا الحف، ومُضافًا إلى ذلك، أكّد على أنّه من غيرُ المُستبعد أنْ يؤدّي إشراك السعوديّة إلى إضعاف الحلف ضدّ إيران، قال آرنس.
ورأى الوزير آرنس أيضًا أنّ حقيقة تهديد إيران أكثر من أيّ عدوٍّ آخر على إسرائيل لا تعني بأيّ حالٍ من الأحوال أنْ تدفع الدولة العبريّة إلى التردّد، ويجب عليها أنْ تُسمِع صوتها بشكلٍ واضحٍ، إذْ أنّها وواشنطن يجب أنْ تعملا بشكلٍ مُنسّقٍ، لما في ذلك مصلحة كبيرة لهما، وبناءً على ذلك، خلُص آرنس إلى القول، إنّ إسرائيل وأمريكا يجب أنْ تُبادِرا لاتخاذ هذا الموقف من تلقاء نفسيهما، وألّا تنتظران الضغط الذي يقوم بمُمارسته الرئيس التركيّ، رجب طيّب أردوغان، مُشدّدًا على أنّ خطوة من هذا القبيل، قطع العلاقات مع السعوديّة، من شأنها أنْ تدفع الطغمة الحاكِمة في الرياض إلى اتخاذ القرارات بالإسراع في عمليات الإصلاح، واستدرك قائلاً إنّ! كلّ تأخيرٍ إسرائيليٍّ وأمريكيٍّ في اتخاذ القرار سيجبي منهما أثمانًا باهظةً، وبالتالي يجب اتخاذ القرار فورًا وبدون تأخيرٍ، على حدّ قوله.