اعتبارات سياسية قد تعقد البحث عن العدالة لجمال خاشقجي

  • طباعة
  • PDF
  • مشاركة عبر الفيسبوك
  • مشاركة عبر تويتر
  • مشاركة عبر G+
  • مشاركة عبر انستقرام
  • مشاركة عبر تلغرام
  • مشاركة عبر الوتساب
  • عدد الزوار 1864
  • عدد التعلیقات 0
  • -
    +

الرياض ـ (أ ف ب) – لم ينجح ولي العهد السعودي محمد بن سلمان ربما في نزع فتيل الأزمة حول قتل الصحافي جمال خاشقجي، لكن خطابه المندد بالجريمة وأداءه الواثق في منتدى الرياض الاستثماري حصدا تأييدا داخليا، فيما يحذر خبراء من أن تعيق اعتبارات ومصالح سياسية البحث عن العدالة.
وبعد لزومه الصمت ثلاثة أسابيع، تناول محمد بن سلمان القضية لأول مرة الأربعاء، منددا بـ”حادث بشع″ ومتعهدا بجلب “كل مجرم ومذنب” أمام العدالة.
وحصدت هذه التصريحات الأولى الصادرة عن ولي العهد منذ مقتل خاشقجي في الثاني من تشرين الأول/أكتوبر في قنصلية بلاده في اسطنبول، تصفيقا حارا في قاعة مكتظة بالحضور في فندق “ريتز كارلتون” بالرياض.
على موقع “تويتر”، تنافس العديد من السعوديين في الإشادة بولي العهد، وفي تأكيد ثقتهم به وبالإجراءات التي تقوم بها السلطات السعودية لكشف ملابسات مقتل الصحافي السعودي، وفخرهم به.
وفي اليوم السابق، وبينما كانت تقارير إعلامية تركية تتحدث عن احتمال تورط ولي العهد في القضية، كان الأمير محمد يصل باسما الى منتدى “مبادرة مستقبل الاستثمار” في الرياض، ويتدافع سعوديون مشاركون في المؤتمر لالتقاط صورة “سلفي” معه.
وتتناقض هذه الصور مع موجة الاستنكار الدولي المتصاعد جراء جريمة القتل التي وصف الرئيس الأميركي دونالد ترامب الأداء السعودي فيها بأنه “إحدى أسوأ عمليات التستر” في التاريخ، و”إخفاق تام”.
وجاء سلوك محمد بن سلمان الذي عكس ثقة بالذات خلال المنتدى بعد اتصال هاتفي أجراه مع الرئيس التركي رجب طيب اردوغان الذي تعهد بكشف “الحقيقة كاملة” عن الجريمة، ما أثار تكهنات حول احتمال عقد صفقة في الكواليس.
ويقول الباحث في معهد دول الخليج العربية بواشنطن حسين إبش إن موقف ولي العهد “يوحي بذلك بالتأكيد”.
ويتابع “يجب مراقبة الخطاب التركي عن كثب خلال الأيام المقبلة، لكن من الممكن تماما أن تكون الحكومة السعودية نجحت في التوصل إلى صفقة مع إردوغان، ولا سيما بدعم الولايات المتحدة”.
ولم تشأ وزارة الإعلام السعودية الرد على أسئلة بهذا الصدد.
ووبعدما تحدثت الرياض عن مقتل خاشقجي في “شجار” ثم بأيدي “عناصر تصرفوا خارج صلاحياتهم”، أعلنت النيابة العامة السعودية الخميس للمرة الأولى أنها تحقق في معلومات وردتها من تركيا مفادها أن المشتبه بهم “أقدموا على فعلتهم بنية مسبقة”.
– “دبلوماسية دفتر الشيكات” –
وأبقت أنقرة عملية قتل خاشقجي، صاحب مقالات الرأي في صحيفة “واشنطن بوست”، في صدارة الأخبار في جميع أنحاء العالم من خلال تسريب معلومات ملفتة وبعضها مروع الواحدة تلو الأخرى.
لكنها لم تقدم بعد دليلا قاطعا، رغم تأكيدات مسؤولين أتراك بأنهم يملكون تسجيلات تثبت أقوالهم.
ولفتت الأستاذة في جامعة واترلو الكندية بسمة المومني إلى أن موجة الاستنكار الدولية المتصاعدة قد تكون مكنت إردوغان من التفاوض “بعيدا عن الأضواء” مع المملكة الغنية بالنفط، في وقت تعاني تركيا من أزمة اقتصادية خانقة.
وتقول “إردوغان على يقين بأن السعوديين وحلفاءهم الإماراتيين يمكن أن يكونوا مصدرا لأموال وفرص استثمار تركيا بأمس الحاجة إليها”.
وأضافت أن السعوديين يبدون حريصين على “صمت الأتراك حول من المسؤول فعليا عن قتل خاشقجي”.
ويواصل الأتراك التحقيق في قتل خاشقجي، لكن المومني تتفق مع محللين غربيين يتحدثون عن “دبلوماسية دفتر الشيكات” التي تعتمدها الرياض ومكنتها من تعبئة حلفائها العرب والأفارقة لمساندتها في أزمتها الدولية الحالية.
– تبدل في الموقف من قطر –
وأكد محمد بن سلمان في كلمته الأربعاء أنه لن يحصل “شرخ” بين السعودية وتركيا، وأن البلدين يتعاونان في التحقيق حول قتل خاشقجي.
من جهة أخرى، فاجأ ولي العهد بنبرته المهادنة حيال قطر، حليفة تركيا، ما أثار تكهنات حول احتمال التوصل إلى “تسوية” أيضا مع الإمارة الصغيرة الخاضعة منذ أكثر من عام لحصار تفرضه عليها السعودية وحلفاؤها لاتهامها بدعم “الإرهاب”.
وقال ولي العهد بهذا الصدد إن “قطر على خلافنا معهم لديها اقتصاد قوي، وستكون مختلفة تماما بعد خمس سنوات”.
وقال خبير الشرق الأوسط في واشنطن سيغورد نويباور إن “إعادة إحلال الاستقرار في الخليج من خلال إصلاح الخلافات بين السعودية وقطر يبقى بالنسبة لإردوغان أولوية على جدول أعماله الإقليمي”.
– العدالة لخاشقجي –
ويخشى العديد من السعوديين أن تضر هذه الأزمة بصورة ولي العهد.
ويرى الباحث حسين إبش أن الضغط الدولي لن يزول بسهولة حتى لو أرادت واشنطن وأنقرة “طي الصفحة”.
ويشير إلى أن “دولا أخرى، وعلى الأقل الكونغرس والإعلام في الولايات المتحدة، لديها كلمتها أيضا”.
ولوحت دول غربية، بينها فرنسا، بفرض عقوبات، ولو أن الرئيس الأميركي دونالد ترامب كرر أكثر من مرة تمسكه بعقود تسلح موقعة مع السعودية بمليارات الدولارات.
وفي ظل كل هذه الاعتبارات، يعبر البعض عن خشية من ألا يفضي البحث عن الحقيقة والعدالة لخاشقجي إلى نتيجة. ويقول المومني “إن الاعتبارات الجيوسياسية لها الأولوية على البحث عن المذنب الحقيقي في قتل خاشقجي”.
وتضيف أن “الولايات المتحدة وحلفاء آخرين لديهم عقود مالية وعقود تجارية ضخمة مع السعوديين، ولا يريد المسؤولون تعريضها للخطر من أجل إحقاق العدالة لخاشقجي”.