ولي العهد السعودي يصل الى منتدى الاستثمار في الرياض لحضور الفاعلية التي تعوّل عليها المملكة لاستقطاب الاستثمارات والتي تطغى عليها قضية مقتل خاشقجي ليبدد الغموض بشأن حضوره
الرياض (أ ف ب) – وصل ولي العهد السعودي الامير محمد بن سلمان الى منتدى “مبادرة مستقبل الاستثمار” في الرياض لحضور الفاعلية التي تعوّل عليها المملكة لاستقطاب الاستثمارات والتي تطغى عليها قضية مقتل الصحافي جمال خاشقجي.
وظلّ حضور ولي العهد الشاب (33 عاما) مسألة غامضة بسبب التطورات المتلاحقة لقضية خاشقجي. وقالت مصورة وكالة فرانس برس أنّه وصل الى المنتدى المنعقد في فندق ريتز كارلتون برفقة العاهل الاردني الملك عبدالله الثاني والملياردير الامير الوليد بن طلال.
انطلقت في الرياض الثلاثاء أعمال مؤتمر اقتصادي تعوّل السعودية عليه لاستقطاب استثمارات، في خضم تداعيات قضية مقتل الصحافي السعودي جمال خاشقجي في قنصلية بلاده في اسطنبول والتي تسببت بانسحاب مسؤولين ورؤساء شركات من المنتدى.
وافتتح المؤتمر الهادف إلى جذب الاستثمارات للمملكة الغنية بالنفط والساعية الى تنويع اقتصادها، عند الساعة 09,30 بالتوقيت المحلي (06,30 ت غ) وسط إجراءات أمنية مشددّة في فندق “ريتز كارلتون” في العاصمة السعودية.
ومن المقرر أن يتحدث في اليوم الأول من المنتدى الذي يستمر حتى الخميس الرئيس التنفيذي لصندوق الاستثمارات الخاصة الروسي كيريل ديميتريف، ورئيس مجلس إدارة المجموعة النفطية الفرنسية “توتال” باتريك بوياني، ومسؤولون سعوديون ورجال أعمال.
ولم يتأكّد بعد حضور ولي العهد الامير محمد بن سلمان للمنتدى. وكان شارك في النسخة الاولى للمنتدى العام الماضي قائلا إنه سيقود السعودية نحو “الانفتاح”.
وينظّم المؤتمر صندوق الاستثمارات العامة الذي يترأسه ولي العهد.
وتسعى السلطات السعودية من خلال هذا الحدث إلى تقديم المملكة المحافظة على أنها وجهة تجارية واستثمارية مربحة، في إطار خطة تنويع الاقتصاد المرتهن تاريخيا للنفط، وتمهيد الطريق لمبادرات جديدة وعقود بمليارات الدولارات.
– لن تتكرّر –
ولكن مقتل خاشقجي داخل القنصلية السعودية في اسطنبول يطغى على المؤتمر الذي أطلقت عليه وسائل الإعلام اسم “دافوس في الصحراء” تيمّناً بالمنتدى الاقتصادي العالمي في دافوس.
فبعدما أكدت السلطات السعودية أن خاشقجي غادر القنصلية التي دخلها في الثاني من تشرين الأول/اكتوبر، عادت وقالت إنه قتل في داخلها، نافية أي دور لولي العهد في ذلك، تعليقا على تقارير إعلامية تحدثت عن احتمال تورطه.
وحمّلت الرياض مسؤولية مقتل خاشقجي الذي كان يعيش في الولايات المتحدة ويكتب مقالات في صحيفة “واشنطن بوست” منتقدة لبعض سياسات الأمير محمد، لمجموعة من السعوديين قالت إنهم حاولوا التفاوض معه في القنصلية لإعادته الى المملكة، قبل ان يندلع شجار و”اشتباك بالأيدي” ما أدى الى مقتله.
وذكرت أنها أوقفت 18 شخصا على ذمة القضية، متعهدة بمحاسبة المتورطين، وقامت بإعفاء مسؤولين أمنيين من مهامهم، بينهم نائب رئيس الاستخبارات أحمد عسيري والمستشار في الديوان الملكي برتبة وزير سعود القحطاني.
وتعهد الرئيس التركي رجب طيب أردوغان الأحد بكشف “الحقيقة الكاملة” خلال كلمة يلقيها أمام نواب حزبه الحاكم في البرلمان الثلاثاء.
وصرح وزير الخارجية السعودي عادل الجبير الثلاثاء لصحافيين في جاكرتا حيث يقوم بزارة أن جريمة مثل قتل الصحافي جمال خاشقجي “يجب ألّا تتكرر بعد اليوم”، متعهدا بإجراء تحقيق “معمق وشامل” في القضية.
وألغى مسؤولون دوليون ورؤساء شركات مشاركتهم في المنتدى الاقتصادي، بينهم رئيسة صندوق النقد الدولي كريستين لاغارد، بسبب القضية.
وكان آخر هذه الشخصيات رئيس مجلس إدارة شركة كهرباء فرنسا “أو دي إف” جان برنار ليفي، ورئيس مجلس إدارة شركة “سيمنز” جو كايزر.
– إجراءات مشدّدة –
عند مدخل فندق “ريتز كارلتون”، انتشرت سيارات الشرطة والقوات الخاصة، وقام عناصر في الحرس الملكي، بينهم نساء، بتفتيش الصحافيين والمشاركين في المنتدى.
وفي هذا الفندق، أوقفت السلطات لأسابيع عشرات الأمراء والمسؤولين ورجال الأعمال على خلفية قضايا قالت إنها تتعلق بالفساد، بأمر من ولي العهد.
وعشية افتتاح المؤتمر، التقى ولي العهد الشاب (33 عاما) وزير الخزانة الأميركي ستيفن منوتشين في الرياض، علما أن المسؤول الأميركي ألغى مشاركته في المؤتمر على خلفية قضية خاشقجي.
وتعطّل مساء الاثنين الموقع الالكتروني للمنتدى بعد تعرّضه على ما يبدو لهجوم الكتروني. كما تعطّل الموقع مجددا عدة مرات بعيد انطلاق اعمال المنتدى.
وتقول مجموعة “أوراسيا” الاستشارية للمخاطر أن ولي العهد يواجه “أزمة علاقات عامة حادة”.
وينتهج الأمير محمد سياسة القبضة الحديدية في الملفات الرئيسية في المملكة. وبعد توليه منصبه، جرت حملة اعتقالات طالت رموزا دينية وثقافية وحقوقية، بالتوازي مع حملة انفتاح اجتماعي شهدت السماح للنساء بقيادة السيارات وإعادة فتح دور السينما.
وتشارك الرياض في حرب مكلفة في اليمن وتقود “حصارا” دبلوماسيا على قطر، ما يثير قلق المستثمرين.
وحصلت أزمات دبلوماسية بين الرياض ودول غربية بينها ألمانيا وكندا منذ تسلم الأمير محمد الذي يتولى أيضا منصب وزير الدفاع، ولاية ولي العهد في حزيران/يونيو 2017.
وتهدد هذه النزاعات العلاقات بين السعودية، أكبر مصدّر للنفط في العالم، ودول عدة. وقد دعت برلين الإثنين الأوروبيين إلى تعليق عقود التسليح الجديدة مع الرياض ما لم تكشف حقيقة قضية خاشقجي.
وقالت الخبيرة في الشؤون الاقتصادية السعودية إيلين والد لفراس برس إن “انسحاب رؤساء شركات أميركية بارزين من المنتدى يخلق فرصة أمام الشركات الروسية والآسيوية”.
وأضافت “لكن ليست هناك مؤشرات بعد على أن الشركات بدأت تبتعد عن قطاع الأعمال في المملكة”.