الإصلاح السعودي خدعة.. و"رؤية 2030" معرضة للانهيار
ترجمة وتحرير شادي خليفة - الخليج الجديد
في هذا الشهر، أصدرت الخارجية الكندية تعليقا حول المملكة العربية السعودية، وكانت قد أعربت على "تويتر" عن "قلقها البالغ" إزاء اعتقال "سمر بدوي"، (التي انضمت إلى شقيقها رائف بدوي في السجن)، وحثت السلطات السعودية على إطلاق سراح "سمر" وجميع الناشطين السلميين الآخرين في مجال حقوق الإنسان.
وكان رد الفعل السعودي غير مناسب إلى حد كبير، وقد قوبل طلب كندا باستدعاء السفير، وتعليق التجارة، وإنهاء الرحلات الجوية بين المملكة وكندا، وتم إخراج الطلاب السعوديين من المدارس الكندية، ومؤخرا، تم إجبار المرضى السعوديين الذين يتلقون الرعاية في كندا على المغادرة.
وقالت وزارة الخارجية السعودية على وجه التأكيد: "لن نقبل بأي شكل من أشكال التدخل في الشؤون الداخلية للمملكة".
رؤية 2030
ولكن بدلا من تأكيد سيادة المملكة على شؤونها الداخلية، فقد أكد هذا الرد المبالغ فيه على أن "الإصلاحات" في عهد ولي العهد الأمير "محمد بن سلمان"، التي يتم الترويج لها كحلقة في إطار "رؤية 2030"، ليست سوى واجهة هشة، غير قادرة على مواجهة أدنى نقد.
ولا يحتاج المرء إلا إلى النظر إلى النفاق الذي يحيط بحقوق المرأة لرؤية الطبيعة المجوفة للإصلاح، وعلى الرغم من رفع حظر القيادة على النساء في 24 يونيو/حزيران، قامت السلطات السعودية بسجن أكثر من 12 من ناشطي حقوق المرأة منذ شهر مايو/أيار، وفي هذه الأثناء، واجهت النساء اللائي يمارسن حريتهن الجديدة انتقاما حادا؛ حيث قام متحفظون على القرار بمضايقة "سلمى الشريف"، البالغة من العمر 32 عاما، وأضرموا النار في سيارتها.
وعلى الرغم من هذه الأحداث، تروج عناوين الصحف والقنوات الإعلامية التي اشترتها المملكة لـ "بن سلمان" كزعيم لتحرير المرأة.
وفي ضوء هذه الأعمال المثيرة في السياسة الخارجية، اتضح أن "رؤية 2030" لم تكن سوى منتجا ترويجيا مصمما لجذب المشاهدين في الغرب، وليست مجموعة من الإصلاحات الحقيقية.
وألقت مشاحنات، الأسبوع الماضي، بين كندا والسعودية الضوء على هذه الحقيقة؛ وبالنظر إلى حقيقة أن وزارة الخارجية السعودية أطلقت بعض التغريدات التي توحي بأن رسالة تضامن بسيطة مع الناشطين المسجونين تعد تدخلا كنديا في الشؤون السعودية الداخلية، فإن دعاوى الإصلاح السعودي تصبح أمرا مثيرا للسخرية.
عرضة للانهيار
وتخشى السعودية بشدة فقدان السيطرة على السرد "الإصلاحي" الذي عملت على تنميته تحت إشراف "بن سلمان"، ويمثل بيان الخارجية الكندية تراجعا للصورة الإعلامية الإيجابية التي تمتعت بها المملكة الخليجية على مدار الأشهر القليلة الماضية، وما وراء ذلك، حيث يعد النقد الأول لسجل البلاد في مجال حقوق الإنسان من إحدى الحكومات الغربية الكبرى منذ أن تم تعيين "بن سلمان" وليا للعهد.
ويكشف مخطط العلاقات العامة في المملكة أن ما يسمى ببرنامج الإصلاح ليس أكثر من مجرد خدعة، ويتضح ذلك من رد الحكومة السعودية على نظيرتها الكندية، ويبين ذلك أن "رؤية 2030" تستند إلى أساس هش، وقد تتعرض للانهيار.
وقد نتخيل إمكانية حدوث "تأثير الدومينو"؛ حيث يمكن للدول الأخرى في الغرب الانضمام إلى دعوة كندا والضغط على ولي العهد لمتابعة التغييرات التي يزعم أنه ينفذها، وسيضطر "بن سلمان" حينها لتحويل الأقوال إلى أفعال، بدلا من استخدام "الإصلاح" كأداة لتوطيد سلطته في الداخل وتحسين صورته في الخارج.
لكن السعودية تجاوزت كثيرا في إجراءاتها ضد كندا، وإلى جانب الخلاف الدبلوماسي، نشر حساب "تويتر" سعودي مؤيد للحكومة السعودية تنبيهات تستحضر صورا تذكر بأحد أسوأ الهجمات الإرهابية في التاريخ.
وأظهرت الصورة المنشورة في 6 أغسطس/آب طائرة تابعة لشركة طيران كندا تتجه نحو أعلى مبنى في تورونتو للاصطدام به، وكتب عليها تعليقا يقول: "هذه عاقبة من يدس أنفه فيما لا يعنيه"، في إشارة إلى تغريدة الخارجية الكندية.
الهجوم على" تويتر"
وواصلت الحسابات المرتبطة بالسعودية حملة الهجوم في موقع "تويتر"، وتم نشر عشرات التغريدات التي تدين "الإبادة الجماعية الثقافية" للسكان الأصليين في كندا، وتعرب عن دعمها للانفصال في كيبيك.
ولا تعد كندا أول دولة تواجه الغضب الناري من قبل ولي العهد بسبب انتاج سياسة خارجية على خلاف مع السعودية، وخذ، على سبيل المثال، الحصار المستمر لقطر.
وفي يونيو/حزيران 2017، قامت المملكة رسميا بقطع العلاقات مع جارتها الخليجية، واتهمتها بتمويل الجماعات الإرهابية والتمتع بعلاقات وثيقة مع إيران، وكما هو الحال مع كندا، تجاوزت المملكة كل الحدود في صدعها مع قطر، وفي يونيو/حزيران، تم تأكيد خطط حفر قناة على الحدود مع قطر، وإذا تم تحقيق ذلك، فإن هذا المشروع سيحول الدولة الخليجية الصغيرة المعزولة دبلوماسيا إلى جزيرة.
الضغط الدولي
وتستدعي هذه الاستجابة المبالغ فيها ضد قطر، والآن كندا، النقاش حول كيف يقوم "بن سلمان" بقيادة شؤون بلاده الداخلية والخارجية إلى الهاوية.
ويميل المرء إلى ربط العلاقات بين تعظيم ولي العهد وسلوك السعودية غير العقلاني على المسرح العالمي، ويتم تسويق "بن سلمان" كقوة دافعة وراء "رؤية 2030"، وبالنظر إلى حملة القمع المستمرة ضد ناشطي حقوق الإنسان، فلا يعد هذا مجرد عيب في "رؤية 2030"، ولكن في الرجل الذي يقف وراءها.
وينبغي لأولئك الملتزمين حقا بالنضال من أجل حقوق الإنسان والمرأة في الخليج أن يدعموا "أوتاوا" في التعامل مع عدوان الرياض، ويجب على المواطنين في الغرب دفع السياسيين والحكومات للوقوف مع كندا، والانضمام إلى إدانة إصلاحات "بن سلمان" الخاطئة.
وبدون مثل هذا الضغط، من المرجح أن تستسلم الحكومات الأوروبية تباعا لإرادة الملك المصاب المنتظر بجنون العظمة.
المصدر | مضاوي الرشيد- ميدل إيست آي