نيويورك تايمز: السعوديون قلقون من مواجهة واقعهم الجديد
على الرغم من أن ولي العهد السعودي محمد بن سلمان أعلن قبل تسعة أشهر السماح للمرأة بقيادة السيارة، رافعاً بذلك حظراً استمر أكثر من أربعين عاماً، فإن المجتمع السعودي ما زال يرفض هذه الفكرة؛ لتربيته على أن ذلك يفسد المجتمع، بحسب صحيفة "نيويورك تايمز" الأمريكية.
وتابعت الصحيفة أن أمس الأحد كان اليوم الأول للسماح للمرأة السعودية بقيادة السيارة، لينتهي الحظر الذي استمر لعقود، حيث كانت المدارس والمساجد تثقف الناس بأن عقل المرأة أصغر من عقل الرجل، وأنها لا تستطيع حل المسائل المعقدة التي تواجهها، وأنه من العيب اختلاطها مع الغرباء، وأن الجلوس خلف مقود السيارة يمكن أن يسبب تشوهات خلقية لطفلها إن كانت حاملاً.
وفجأة تغير كل شيء، وما زال العديد من السعوديين يحاولون التأقلم مع واقعهم الجديد.
وإلى الآن لا يعرف عدد السعوديات اللواتي نزلن بسياراتهن إلى شوارع السعودية أمس، ولكن السلطات السعودية قالت إن مئات الآلاف من السعوديات تقدمن بطلب للحصول على رخصة القيادة.
ولايزال الكثير من السعوديين في هذه الدولة البالغ تعدادها نحو 33 مليون نسمة، يشعرون بالقلق من هذه الحرية الجديدة التي مُنحت للمرأة، فالعديد منهم يعتقدون أن البيت هو المكان المناسب للنساء، وهو ما تعلموه منذ الطفولة.
كل يوم كانت المدارس والمساجد تعلم الناس أن المرأة مثل الحلوى يجب لفها للحفاظ عليها، وأن النزول إلى الشوارع فضلاً عن الوجود مع رجال غرباء، يعني إزالة الحاجز بينها وبين الجنس الآخر، كما يقول فالح محمد للصحيفة.
هذه التعاليم التي كان السعوديون يسمعونها طيلة عقود لا تقتصر على كبار السن، فحتى الشباب السعودي لديهم نفس التخوف، ماذا سيحدث إذا حجزت سائقة سيارة من قبل رجل الشرطة؟ هل ستتعرض للمضايقات والتحرش؟
أسئلة يطرحها الشباب السعودي بعد نزول النساء إلى الشارع ، وتقول نورا (20 عاماً)، وهي طالبة كيمياء بالرياض: "لا أريد أن أصنع التأريخ كأول سعودية تقود السيارة، الرجال لديهم عقلية متخلفة للغاية، إنهم جزء من سنوات طويلة تم تعليمهم على ذلك".
وفي جدة، المدينة الساحلية على البحر الأحمر، تجتمع مجموعة من النساء السعوديات ممَّن يعتبرن أنفسهن ليبراليات، حيث تجري نقاشات طويلة حول الأوضاع الجديدة في السعودية، إنهن يعتقدن أن المهمة ستكون شاقة في الشوارع.
وعلى الطرف الآخر، حيث الطبقة الأقل مالاً في السعودية، ما زال الطريق طويلاً أمامهم للتفكير فيالحصول على رخصة قيادة والسماح للنساء بالنزول إلى الشارع.
ويتطلب الدخول في مدرسة لتعليم قيادة السيارات في الرياض 3000 ريال سعودي (800 دولار)، وهو قيمة راتب موظف في أول تعيينه، ومن ثم فإنه مبلغ لا يتوفر للجميع، بحسب محمد الفالح الذي كان يتجول مع ابنه في مركز تجاري بالرياض.
ونشأ الجيل الحالي من السعوديين على تعاليم متشددة، غرسها فيهم تيار ديني قوي أو ما يطلق عليه الوهابية، التي تحكم سيطرتها على مرافق التعليم في البلاد، وهو تيار ديني انتشر أيضاً في العديد من البلاد الإسلامية.
وبمقابل هذا التشدد في الحياة العامة الذي مارسته السلطة الدينية في السعودية، فإنها كانت أيضاً تحث على ضرورة طاعة المواطنين السعوديين لولي الأمر طاعة مطلقة، وهو الأساس الذي أسهم كثيراً في توطيد الحكم لأسرة آل سعود