ضُغوطٌ أمريكيّةٌ على قطر “لحَلحَلة” الأزمة الخليجيّة تَمهيدًا لتَشكيلِ تَحالفٍ لتَضييقِ الحِصار على إيران؟ هل تَتجاوب الدَّوحة؟ وما هِي مَلامَح الحُلول المُقتَرحة؟

  • طباعة
  • PDF
  • مشاركة عبر الفيسبوك
  • مشاركة عبر تويتر
  • مشاركة عبر G+
  • مشاركة عبر انستقرام
  • مشاركة عبر تلغرام
  • مشاركة عبر الوتساب
  • عدد الزوار 2464
  • عدد التعلیقات 0
  • -
    +

 عندما يُبْلِغ مايك بومبيو وزير خارجيّة أمريكا نَظيره القَطريّ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني بأنّ الرئيس دونالد ترامب يُريد “أن يرى تَهدِئةً للأزمةِ الخليجيّة تقود إلى حلٍّ نِهائيٍّ، لأنّ استمرار هذهِ الأزمة لا يُفيد غير إيران”، فإنّ هذا يَعني أنّ على دَولة قطر أن تتجاوَب مع مَطالِب الدُّول الأربَع المُقاطِعة لها، وأن تنضم للتَّحالُف الأمريكي الذي يُريد مُحاصَرة إيران وفَرض عُقوباتٍ اقتصاديّةٍ خانِقة ضِدها.
من الواضِح أنّ إدارة الرئيس ترامب تُمارِس ضُغوطًا على دولة قطر هَذهِ الأيّام على أكثرِ من صَعيدٍ، فقد كانَ لافِتًا قِيام جاريد كوشنر صِهر الرئيس الأمريكي ومُستشارِه الخاص بزِيارة الدوحة أثناء جَولَتِه العَربيّة لتَسويق “صِفقة القرن”، والحُصول على تَمويل لمَشاريع استثماريّة في شَمال سيناء مِثل إقامَة مَحطتيّ كَهرباء، وتحلِيَة مِياه، وبناء ميناء، ومَطار في رفح المِصريّة المُحاذِية لقِطاع غزّة.
مَوقِع دولة قطر تَعزَّز بِفَوز الرئيس رجب طيب أردوغان وحِزب العدالة والتنمية الذي يتزعّمه في الانتخابات الرِّئاسيّة والبَرلمانيّة المُزدَوجة، ولم يَكُن مُفاجِئًا أن يَعبُر القَطريّون عن فَرحِهم بهذا الانتصار بتَوزيع الحَلوى في سوق واقِف الشهير، فتُركيا كانَت من الدُّول القَلائِل، إلى جانِب إيران، التي دَعمت المَوقِف القطريّ في مُواجَهة المُقاطَعة، وأرسلَت أكثر من 30 ألف جندي للتَّصدِّي لأيِّ مُحاولةٍ لتَغيير النِّظام.
المُشكَلة تَكمُن في أن الدُّول الأربع المُقاطِعة لدولة قطر هي التي غَير مُتعَجِّلة لحَل الأزمة الخليجيّة، واستمرار حالة الجُمود الحاليّة تُناسِبها، لأنّها ليست مُتضرِّرة من استمرارها، وبَدأت المملكة العربيّة السعوديّة في طَرح عَطاءاتٍ لإقامَة قناة سلوى التي تَهدِف إلى تحويل قطر إلى جزيرة مُغلَقة بَحريًّا، وعلى أن تبدأ أعمال الحَفر في غُضون أسابيع.
الشيخ محمد بن عبد الرحمن، وزير الخارجيّة القطري، أدلى بتصريحاتٍ قبل أيّامٍ كَشف فيها عن مُحاولةٍ كويتيّة لتَجديد الوِساطة، وقال أنّ الدول المَعنيّة، أي السعوديّة والإمارات والبحرين ومِصر، لم ترد على الرَّسائِل التي أرسَلتها القِيادة الكويتيّة في هذا الإطار، وكانت بِلاده هي الطَّرف الوحيد الذي رَد بالإيجاب، الأمر الذي يُؤكِّد ما ذكرناه سابِقًا حول رِهانها على إطالة أمَد الأزمة، ورَسم حِساباتِها على هذا الأساس.
قرأنا ما يُمكِن نشره من مَطالِب الرئيس ترامب لدولة قطر عبر تصريحات وزير خارجيّته بومبيو، ولكنّنا لم نَقرأ، أو نسمع، رد وزير الخارجيّة القطريّ عليها، ولا نعرف ما إذا كانت الإدارة الأمريكيّة ستقوم بِجُهودٍ جديدة لمُحاولة عَقد قِمّة تجمع أطراف هذهِ الأزمة، فالأُمور ما زالَت تتَّسِم بالضَّبابيّة حتّى الآن على الأقل.
الحَل الذي تَقتَرحه دول المُقاطَعة وِفق ما ذكره العاهل البحريني موجود في الرياض، أي أن يذهب أمير قطر إلى العاصمة السعوديّة حامِلاً مُوافَقة بِلاده مع مُعظَم المَطالب الـ13 أو كلها، بِما في ذلك إغلاق محطّة “الجزيرة”، ووَقف تمويل حركات الإسلام السياسي، وعلى رأسِها حركة “الإخوان المسلمين”، ولا نَعتقِد أنٍ هذا الحَل مَقبول لدى القِيادة القطريّة لأنّه يَمُس بِسيادَتها.
الرِّسالة الأمريكيّة التي فَك وزير الخارجيّة الأمريكي بعض رُموزِها أثناء لقائِه بنَظيره القَطريّ تَضع قطر أمام خَياراتٍ صَعبة، وأبرزها الوُقوف في الخَندق الأمريكي في مُواجهة إيران، والمُشارَكة بقُوّة في العُقوبات المَفروضة عليها، فهل تَرضَخ لهَذهِ الضُّغوط؟
المَنطِق يقول “لا”، ولكن متى كانَت الإدارة الأمريكيّة الحاليّة مَنطقيّة في قَراراتها وسِياساتِها في المِنطَقة والعالم؟
الأيّام القَطريّة القادِمة ربّما تَكون صَعبَةً، أو هكذا يَعتِقد الكَثيرون الذين يُتابِعون الأزمة الخليجيّة وتَطوُّراتِها.. والله أعْلَم.
“رأي اليوم”