مصادر رفيعة بواشنطن لـ”هآرتس″: الإعلان عن صفقة القرن بات وشيكًا جدًا.. أقّل من دولة والأغوار والقدس لإسرائيل والـ”مُحفّزات الاقتصاديّة” للفلسطينيين خليجيّة
الناصرة – “رأي اليوم”- من زهير أندراوس:
في ظلّ تواتر التقارير والتسريبات عن اقتراب موعد عرض “خطّة السلام الأمريكيّة” من قبل إدارة ترامب، والتي يُجمع المُجتمع الدوليّ على تسميتها بصفقة القرن، والتي تؤكّد معظمها على أنّها ستشمل عرضًا لا يصل للحدّ الأدنى ممّا طرحته ما يُطلق عليها “مُبادرة السلام العربيّة”، في ظلّ هذه المُستجدّات، وجب التذكير بأنّ إسرائيل رفضت في العام 2002 المُبادرة العربيّة، وما زالت، رغم أنّها لم تشمل حقّ العودة، وأكثر من ذلك، فقد ردّ رئيس الوزراء الإسرائيليّ آنذاك أرئيل شارون، على العرض العربيّ بشكلٍ عسكريٍّ فظٍ ووقحٍ وصلفٍ، الذي تمثّل بإعادة احتلال الضفّة الغربيّة، فيما عبّر وزير الأمن الإسرائيليّ في العام 2002، بنيامين بن اليعزر، عن ارتياحه الكامل من الخطّة العربيّة، مُوضحًا لصحيفة (معاريف) العبريّة أنّ مُبادرة السلام السعوديّة، هكذا سمّاها، هي اكبر إنجاز للحركة الصهيونيّة منذ تأسيسها.
وفي السياق، كشفت صحيفة “هآرتس” العبريّة النقاب عن أنّ خطة الرئيس الأمريكيّ، دونالد ترامب، المرتقبة لتسوية القضية الفلسطينيّة، تتضّمن عرض قرية أبو ديس عاصمة للدولة الفلسطينية المفترضة بدلاً من مدينة القدس (وهو ما سبق أن سُرِّب في أكثر من وسيلة إعلام عالميّةٍ وحتى إسرائيليّةٍ)، في مقابل انسحابٍ إسرائيليٍّ من 3 إلى 5 قرى من بلدات عربية واقعة شماليّ المدينة المقدّسة وشرقيّها، على أنْ تبقى البلدة القديمة تحت سيطرة الاحتلال الإسرائيليّ.
وأشارت “هآرتس″، التي اعتمدت على مصادر أمريكيّة وإسرائيليّة مُتطابقة، أشارت إلى أنّ إعلان “صفقة القرن” بات وشيكًا، وأنها لا تتضمن إخلاء البؤر الاستيطانيّة في الضفّة الغربيّة المُحتلّة، بما في ذلك المستوطنات التي تُسّمى بحسب المُعجم الصهيونيّ بـالمعزولة، وعلى أنْ تبقى منطقة الأغوار تحت السيطرة الكاملة للاحتلال الإسرائيليّ.
استناداً إلى ذلك، رأت الصحيفة أنّ الدولة الفلسطينية، وفق “صفقة القرن”، ستكون “دولة ناقصة”، ومن دون جيش أوْ أسلحة ثقيلة، مقابل حزمة من الحوافز المادية الضخمة المقدّمة من السعودية ودولٍ خليجيّةٍ أخرى.
وأوضحت الصحيفة العبريّة، نقلاً عن مصادر رفيعة في تل أبيب أنّ هناك مخاوف أردنيّة من أن تُمنَح السعودية، بموجب الصفقة الأمريكيّة، موطئ قدم في الحرم القدسي، وهو ما يعني سحب الامتياز الأردني في الإشراف على الأوقاف الدينية الإسلامية والمسيحية في المدينة المقدسة. هذا مع العلم أنّ نتنياهو تعهد للملك الأردني، عبد الله الثاني، خلال لقائهما الأخير في عمّان، بالحفاظ على الوضع الراهن في الأماكن المقدسة، كما قال البيان الرسميّ الذي أصدره ديوانه عقب عودته من لقاء الملك في العاصمة عمّان.
وتابعت الصحيفة إنّه بحسب مسؤولين كبار في البيت الأبيض، فإنّ واشنطن عاقدة العزم على نشر تفاصيل الخطّة بعد عرضها على زعماء المنطقة، مُوضحةً أنّ هذا النشر سيُلزم نتنياهو ورئيس السلطة الفلسطينيّة، محمود عبّاس، للردّ بشكلٍ علنيٍّ على المبادئ التي ستتضمّنها المُبادرة الأمريكيّة، لافتةً في الوقت عينه إلى أنّ الخطأ الأكبر الذي ارتكبته الإدارة الأمريكيّة السابق بقيادة الرئيس باراك أوباما كان إجراء المفاوضات مع نتنياهو وعبّاس بشكلٍ سريٍّ، الأمر الذي منحهما الفرصة للتملّص وعدم الكشف عن موقفهما أمام الجمهور، على حدّ تعبير الصحيفة.
ورأت الصحيفة أيضًا أنّه يتحتّم على الإدارة الأمريكيّة الاعتماد على اتفاق أوسلو وجميع الاتفاقيات والخطط التي عُرضت في السابق، مثل مُبادرة السلام السعوديّة، مُعبّرةً عن اعتقادها بأنّ هذه هي الطريقة الناجعة والناجحة لإقناع الدول العربيّة بالمُوافقة عليها، مؤكّدةً على أنّ ما أسمتها بالحوافز الاقتصاديّة للفلسطينيين لن تُجدي نفعًا، وفق تعبيرها.
واختتمت الصحيفة قائلةً إنّ رئيس الوزراء الإسرائيليّ يخشى من المُوافقة على مبدأ حلّ الدولتين، لأنّ ذلك قد يقود اليمين المُتطرّف في الحكومة الحاليّة إلى فضّ الائتلاف الحاكم في كيان الاحتلال، وبالتالي “نصحت” الصحيفة إدارة ترامب بأنْ تمتلك الجرأة والشجاعة على “مُواجهة” اليمين المُتطرّف حتى مُقابل ثمن إسقاط أوْ سقوط حكومة نتنياهو.
وكانت الصحيفة كشفت الأسبوع الماضي عن أنّ إدارة الرئيس ترامب تُحاول إقناع الدول العربيّة في الخليج باستثمار مئات الملايين من الدولارات في مشاريع اقتصادية في قطاع غزة ، في محاولةٍ لتهدئة الوضع الأمنيّ هناك وتوليد زخم قبل أنْ يعرض البيت الأبيض “صفقة القرن”.