عهد واشنطن: بن سلمان يعتبر القضية الفلسطينيّة للتسوية وليس لعرقلة العلاقات مع إسرائيل وسايمون هندرسون يُفسّر لماذا اختفى فيديو نديم قطيش عن موقع “العربيّة”؟
الناصرة-“رأي اليوم”- من زهير أندراوس:
لطالما كانت العلاقات بين إسرائيل والأنظمة الملوكيّة المُحافظة في الخليج سرًا معروفا، ولكن في الأشهر الأخيرة، أبدت الحكومات على جانبي البحر الأحمر إشارات تضامن علنية وآخذة بالازدياد، بدءً من تقارير تحدثت عن اجتماعاتٍ دبلوماسيّةٍ عُقدت في مصر وصولا إلى تغريداتٍ داعمةٍ لحقّ إسرائيل في الدفاع عن نفسها، بهذه الكلمات بدأ موقع (تايمز أوف أزرائيل) تقريره عن العلاقات بين السعوديّة والدولة العبريّة.
وفي هذا السياق قال سايمون هندرسون، وهو محلّل ومراقب للشؤون السعودية في “معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى”، للموقع الإسرائيليّ إن ّالخوف المشترك من النفوذ الإيرانيّ، أيْ لإسرائيل والسعودية، وصعود الإصلاحيين في السعودية والرغبة لدى النخب في اجتياز القضية الفلسطينيّة فتحت الباب أمام عهدٍ جديدٍ، وأنّ الإصلاحيّ هو ولي العهد السعوديّ محمد بن سلمان، والذي نُسب إليه جزء كبير من هذه المغازلات الدبلوماسيّة رفيعة المستوى بيت تل أبيب والرياض.
وتابع الباحث الأمريكيّ هندرسون قائلاً للموقع الإسرائيليّ: يعتبر بن سلمان القضية الفلسطينيّة قضية للتسوية، وليس لعرقلة العلاقات مع إسرائيل، لم تعد القضية ذات أهمية قصوى، مُشدّدًا على أنّ القضية الأهم هي إيران. ولفت إلى أنّه في مقابلة أجريت معه مؤخرا في مجلة “ذي أتلانتيك”، أكّد بن سلمان حق إسرائيل بالوجود، وقال للصحافي جيفري غودلبرغ إنّ للإسرائيليين “الحق بأن تكون لديهم الأرض الخاصة بهم”.
ورأى الموقع الإسرائيليّ أنّ تصريحات بن سلمان قد تكون فاجأت المراقبين الغربيين، ولكن في الإعلام السعوديّ الحكوميّ، مرت هذه التصريحات مرور الكرام، وبعض الصحف نشرت ترجمة للمقابلة، ولكن مع تركيز مختلف نوعًا ما: جريدة “عكاظ” كتبت في عنوانها “ولي العهد: إيران والإخوان والإرهابيون.. مثلث الشر”. أما صحيفة “الرياض” الاقتصادية فكتبت في عنوانها الرئيسي: “ولي العهد: ليس هُناك ما يسمى بالوهابية”.
وقال هندرسون أيضًا للموقع الإسرائيليّ إنّ جميع وسائل الإعلام السعوديّة تخضع لسيطرة الحكومة ولتأثير الحكومة، فعلى سبيل المثال يعكس موقع “عرب نيوز” بشكلٍ مباشرٍ حملة العلاقات العامة لمحمد بن سلمان. هذه الحملة تؤكد الإيجابيات طوال الوقت، ومع ذلك هناك الكثير من الأخبار السيئة عن إسرائيل، بحسب تعبيره.
وشدّدّ الباحث الأمريكيّ على أنّ بن سلمان يُريد من وسائل الإعلام التحدث عن العلاقة الجديدة والأوثق مع إسرائيل على أنّها ايجابية، وعلى الرغم من ألتوق إلى مزيد من التطبيع الاقتصاديّ والثقافيّ، إلّا أنّ صراع إسرائيل مع الفلسطينيين لا يزال يُشكّل عقبةً رئيسيّةً، على حدّ قوله.
وتحافظ وسائل الإعلام التي تسيطر عليها الحكومة على خطٍ مماثلٍ بشكلٍ سطحيٍّ عند تغطيتها للنزاع، حيث يتم الحفاظ على لهجة خطابية تجاه إسرائيل في القصص الإخبارية والبيانات الصحفية: مثل هضبة الجولان المحتلة والقدس “هي قلقنا الأهم”، بينما يوُصف قتلى النزاع بـالشهداء. وغالبا ما تعرض قناة “العربية” مواد تنتقد فيها إسرائيل، مثل اللقطات التي بثتها في شهر فبراير عن جنى جهاد، وهي صحافية فلسطينية صغيرة السن وابنة خالة عهد التميمي.
مع ذلك، يعتقد الباحث هندرسون بأنّ التغطية آخذة بالتغير، ففي حين أنّ بعض وسائل الإعلام مثل “وكالة الأنباء السعودية” و”عرب نيوز″ قد لا تكون رسمت خطًا واضحًا حتى الآن، فهي تحاول الحفاظ على نهجٍ إيجابيٍّ حتى في تغطيتها للأحداث الأخيرة في غزة، وتابع: أشعر بالعذابات التي يمرون بها، من ناحية انطباعية، أنا أشعر أنّ ما ينقلونه الآن نابع عن حزنٍ أكثر من غضبٍ، وفق حديثه.
ووفق الموقع الإسرائيليّ، قد تشير الإغفالات الصغيرة أيضًا إلى إستراتيجيّةٍ تتبعها الحكومة في محاولة لتحويل انتباه الجمهور عن انتقاد إسرائيل: وعلى سبيل الذكر، نديم قطيش هو صحافيّ لبنانيّ يتم نشر مقاطع الفيديو الخاصة به على موقع قناة “العربية”، نشاطه المناهض لمنظمة “حزب الله” اللبنانيّة جعله يحظى بشعبيةٍ كبيرةٍ في السعودية، حيث تحصل مقاطع الفيديو الخاصة به على موقع فضائية “العربية” عادةً بمئات آلاف المشاهدات، غير أنّ فيديو قطيش عن الأحداث الأخيرة في غزة، التي وصفها بالمجزرة كان غائبًا بشكلٍ ملفتٍ عن أرشيف “العربية”، كما قال الموقع الإسرائيليّ.