هل تخلط الضربة الثلاثية أوراق القمة العربية؟: العراق يطالب بإدراجها على جدول الأعمال ومصر تعرب عن قلقها وقطر والسعودية في تناغم نادر داعم لواشنطن
رغم “مقعد سوريا الفارغ” في الظهران.. وتضارب الانباء عن حضور ملك المغرب مستمر تزامنا مع انباء عن سحب قوات الرباط من اليمن
برلين – “رأي اليوم” – فرح مرقه:
تخلط الضربة الثلاثية الغربية على سوريا فجر السبت، أوراق القمة العربية المنتظر التئام مجلسها على مستوى رؤساء الدول الأحد في منطقة الدمام شرقي العاصمة السعودية الرياض، حيث يمكن توقّع ان تزيد الضربة الانقسامات البينية من جهة وتخطف بالمقابل الاضواء من الموضوعات المفترض مناقشتها وعلى رأسها نقل السفارة الامريكية للقدس وملف اللاجئين الفلسطينيين وفقا لبيان وزراء الخارجية الجمعة.
وقصفت الولايات المتحدة بدعم من بريطانيا وفرنسا مواقع في العاصمة السورية دمشق بعد اسبوع من الترقب واخلاء الاجواء بعد تهديد الرئيس الامريكي دونالد ترامب بالرد على ما زعم انه هجوم كيماوي حصل في دوما واتهم به نظام الرئيس بشار الاسد. الهجوم ايدته قطر والسعودية سلفا في تناغم نادر، رغم ان الدولتين من المرتقب “مواجهة” بينهما على طاولة القمة العربية المقبلة الاحد.
ويرى مراقبون “استباقيّاً” ان القمة العربية لن تكون ذات نتائج حقيقية، باعتبار القمم السابقة كانت في ذات السياق، رغم الاعلان عن حضور الامين العام للأمم المتحدة انطونيو غوتيرش والممثلة العليا للاتحاد الأوروبي للسياسة الخارجية فيديريكا موغيريني، وتقديم عدة احاطات لمجلس جامعة الدول العربية، خصوصا فيما يتعلق بالقرار الامريكي حول القدس والذي احدث “هزّات ارتدادية” لا يزال صداها واضحاً حتى اليوم.
ومنذ الصباح تباينت المواقف العربية تجاه الضربة الثلاثية، ويتوقع ان يتبلور المزيد من التباين ويظهر في كلمات رؤساء الدول العربية الاحد في القمة المنعقدة: حيث بدت مصر قلقة وبدرجة اكبر لبنان، بينما اعتبر العراق الضربة فرصة جديدة لتمدد الارهاب، مطالباً رسميا بإدراج تداعيات الضربة على طاولة القمة العربية. الأردن، من جانبه وخلافا للضربة السابقة على مطار الشعيرات، اتخذ موقفا محايداً حيث لم يؤيد الضربة، ورفض استخدام الاسلحة الكيماوية بالوقت ذاته، رغم انه ايد الضربة الماضية.
الضربة الثلاثية على سوريا، وان كانت اضرارها كلها تركّزت في البنى التحتية ولم تحدث عمليّاً خسائر بشرية، الا انها بكل الاحوال فتحت فصلا جديدا في الازمة السورية من جهة، ويبدو انها من الممكن ان تفتح فصلين جديدن ايضا على المستويين الاقليمي والدولي، حيث التحالف الامريكي البريطاني يعود لحالة من المتانة التي يضاف اليها “روح المغامرة” الكبيرة، التي تذكّر بأحداث عام 2003 في العراق، الا ان العالم اليوم ازاء انضمام فرنسا ايضاً الى الحلف القوي.
ويتوقع ان تشهد القمة تباينا كبيرا في المواقف اذا ما طرحت الملفات الايرانية والتركية بالاضافة لملف الاخوان المسلمين، في الوقت الذي فاجأت فيه الرياض الجميع بعدم دعوتها وفد المعارضة السورية (الذي تحتضنه) واستبدال ذلك بمقعد سوري فارغ يرفع الى جواره العلم السوري، في خطوة تتماشى وتصريحات ولي العهد السعودي الامير محمد بن سلمان الاخيرة عن “بقاء (الرئيس السوري بشار) الاسد”.
وتترقب العاصمة الاردنية عمان اعمال القمة، والتي يتأمل كثر في ان تُذيب جليد العلاقات بين الاردن والسعودية خلال تسليم رئاسة القمة العربية وعلى هامشها، حيث تنتقل رئاسة القمة من الاردن الذي استضاف القمة 28 في البحر الميت العام الماضي إلى الرياض التي قررت استضافة القمة في منطقة الظهران شرقي العاصمة.
وحظي نقل مكان القمة من العاصمة السعودية الى الظهران بالكثير من الاهتمام حيث اشار خبراء ومحللون الى انه قد يكون ضمن رسالة لقطر التي يتوقع حضور اميرها القمة، إذ لا تريد العاصمة السعودية له الوصول الى العاصمة قبل تسوية الخلاف، بينما يصر اخرون على كون القمم تعقد وفقا لخيارات الدول ولوجستيات المواقع، مستشهدين بعقد الاردن للقمة في منطقة البحر الميت جنوبي العاصمة الاردنية عمان بدلا من وسط العاصمة نفسها.
وبدأت دعوات خليجية في الاونة الخليجية تتحدث عن ضرورة “تمتين” الجبهة الاردنية امام حالة الاستقطاب الواسعة في المنطقة، الامر الذي رأى فيه سياسيون اردنيون فرصة للتفاؤل بمواقف قريبة لعمان، الامر الذي اكده ايضا بيان وزراء الخارجية العربية عقب اجتماعهم الخميس حول رفض الاجراءات الامريكية تجاه القدس واعلانها عاصمة لاسرائيل، الامر الذي بدا في الفترة الماضية نقطة خلاف اساسية بين عمان والرياض والقاهرة اللتين ظهرتا اكثر تقبلا للاعلان الامريكي.
وآخر مؤتمر قمة عُقد بالسعودية، كان بالعاصمة الرياض عام 2007، بحضور وفود من غالبية الدول العربية، وأقرت تفعيل مبادرة السلام العربية بعد خمس سنوات من إطلاقها، ودعت إسرائيل إلى القبول بها، وهو ما ينتظر أن تعيد قمة الظهران التأكيد عليه.
وكان وزراء الخارجية العرب قد اعتمدوا في اجتماعهم في الرياض مشاريع قرارات القمة، التي سترفع إلى القادة العرب الاحد، وأعاد الوزراء تأكيد حق دولة فلسطين بالسيادة على الأراضي الفلسطينية المحتلة كافة عام 1967، بما فيها القدس الشرقية ومجالها الجوي ومياهها الإقليمية وحدودها مع دول الجوار، كما أعاد الوزراء تأكيد التمسك بالسلام بوصفه خياراً إستراتيجياً، وحل الصراع العربي – الإسرائيلي وفق مبادرة السلام العربية عام 2000 بعناصرها كافة.
وكما معظم القمم العربية، يرافق القمة العربية تنبؤات بحضور ملك المغرب محمد السادس الى القمة في الرياض، رغم انه يقاطع القمم العربية منذ عام 2005، الامر الذي يستبعده البعض خصوصا مع تزامن القمة مع انباء عن سحب الرباط قواتها من التحالف العربي الذي تقوده السعودية في اليمن.