بن سلمان والموقف الأردني: ضباب في منطقة التفاهم على ثلاثية الشر ومطب «الإخوان»

  • طباعة
  • PDF
  • مشاركة عبر الفيسبوك
  • مشاركة عبر تويتر
  • مشاركة عبر G+
  • مشاركة عبر انستقرام
  • مشاركة عبر تلغرام
  • مشاركة عبر الوتساب
  • عدد الزوار 1971
  • عدد التعلیقات 0
  • -
    +

رسائل ملغزة مجدداً.. وتضامن لفظي فقط وأجندة متباينة في الملف الإيراني
بسام البدارين
 عمان- «القدس العربي»: يزج ولي العهد السعودي الامير محمد بن سلمان مجدداً باسم الأردن على أمل تحقيق معدلات مجاملة وتصفيق سياسي جديدة عندما يتحدث عن مجموعة الدول التي تواجه ما وصفه بمثلث الشر حيث إيران وتنظيمات داعش والقاعدة وجماعة الإخوان المسلمين.
يفعل الأمير السعودي الشاب الذي يمتنع عن تقديم اي مساعدة او مجاملة ثقيلة الوزن تجاه الأردن ذلك مجدداً لغرض سياسي خصوصاً انه قبل نحو شهر طلب من اذرعه الاستثمارية الإيحاء بان مدينة العقبة الأردنية لها حصة ضمن استثمارات ومرافق سياحية ستقام على بوابات البحر الاحمر.
رغم ان ذكر الأردن في التصريح السعودي لم يأت مستقلاً او منفصلاً الا ان بعض الأوساط الإعلامية او السياسية الخفيفة وجدت في الامر رسالة تستوجب بعض التهليل السياسي حيث ان الامير محمد بن سلمان وهو يقدم نفسه بصورة تلمسها الجميع للأمريكيين والغرب وإسرائيل عبر سلسلة من المقابلات إلا ان الإشارة كانت يمكن ان ترتقي إلى رسالة سياسية لو سبقها او لحقها اتصالات في المستوى الثنائي على الاقل. وبكل حال قاموس الامير الشاب الذي يتابعه الأردنيون كغيرهم باهتمام وشغف تضمن وضع الأردن ضمن دول اخرى من بينها الكويت والإمارات والبحرين ومصر تحارب محور الشر الإيراني الإخواني الداعشي.
الدليل الأبرز على ان المسألة لا تتجاوز مجاملة عابرة هو ان الأردن في الواقع لا يتخذ الموقف السعودي نفسه تماماً من ثلاثية الشر المشار اليها. فالعلاقات الأردنية الإيرانية متوترة ومأزومه لصالح الأجندة السعودية… هذا صحيح، لكن الصحيح ايضاً انها ليست علاقات مقطوعة وان السفير الإيراني لايزال يعمل في عمان وان رئيس مجلس النواب الأردني عاطف طراونة ورفاقه تفاعلوا مع المؤسسات الإيرانية أكثر من مرة.
صحيح أيضاً ان الأردن يمتنع عن اعادة سفيره المعين إلى عمله في طهران وان السفير عبد الله ابو رمان عالق في عاصمة بلاده لكنه لا يزال سفيراً وان كان هدف الامتناع عن مزاولة عمله هو البقاء ضمن سقف الموقف السعودي وتجنب إغضاب السعودية.
موقف الحكومة الأردنية من ملف الإخوان المسلمين تحديداً يختلف بالشكل والعمق والمضمون عن الهجمة الاميرية السعودية المفاجئة التي حاولت شيطنة الإخوان المسلمين مؤخرا أملا بطبيعة الحال في ارضاء المتشددين في تل ابيب وواشنطن .
قبل تصريحات بن سلمان الأخيرة ضد الإخوان المسلمين كان الرجل الثاني في جماعة الإخوان الأردنية الشيخ زكي بني ارشيد يعتبر بقاء السعودية على مسافة من الخطابين الإماراتي والمصري علامة فارقة قد لا تكون مريحة ولكنها تؤشر على سعي الرياض لعدم التصعيد خصوصا وان بني ارشيد وفي غالبية نقاشاته المعمقة مع «القدس العربي» لاحظ أن الإخوان المسلمين في اليمن لديهم مثلا نفس الخصم مع السعودية .
بوضوح يتباين موقف الامير الشاب مع موقف والده الملك سلمان من مسألة الإخوان المسلمين. وبوضوح لا يخفي رموز النسخة الأردنية من الإخوان خشيتهم من ان يمتطي بعض خصوم الجماعة في الأردن موقف الامير السعودي الشاب لأغراض التصعيد والتأزيم بين الجماعة والسلطة داخل الأردن وعلى اساس فرية سياسية فكرتها التقرب من العهد السعودي الجديد. وهي مسألة قد تنطوي على حساسية مبالغ فيها لأن الأجندات والمصالح السياسية والاقليمية مع الدول الاخرى مهمة وينبغي عدم التفريط فيها وفقاً لتعبيرات الناشط الإسلامي الأردني البارز مروان الفاعوري لكن دون التفريط بالمقابل بالتوازنات الداخلية الأردنية.
عموماً يتوقع اخوان الأردن الاسوأ في تلك المنطقة الضيقة بعد مجاملة الامير السعودي للأردن ووضعه له في صف الدول التي تحارب محور الشر الثلاثي وبصورة لا تخلو من الدهاء والخبث السياسي وان كانت لا تعكس الواقع والحقيقية. وهي صورة لا تعكس الواقع والحقيقة ليس فقط لان وزير الداخلية الأردني سمير مبيضين اعتبر بالتزامن مع تصعيد بن سلمان ضد الإخوان بأن الحركة الإسلامية الأردنية مكون اساسي في المجتمع.
ولكن ايضاً لان النسخة الأردنية من الإخوان المسلمين جزء من العملية السياسية والبرلمان وبالتالي من السلطة وقد رفض الملك عبد الله الثاني شخصياً تصنيفهم بالإرهاب في مواجهة الادارة الأمريكية نفسها. وهو موقف حسبه مطبخ إخوان الأردن لصالح الدولة الأردنية وبطريقة ساهمت في تراجع النسخة الإخوانية المحلية عن المشاركة تماما في لعبة الشارع حتى عندما تعلق الامر بقضايا وملفات اساسية وكبيرة من بينها اتفاقية الغاز مع الكيان الإسرائيلي وازمة القدس وملف الاسعار. وبالنتيجة يمكن اعتبار حشر الامير محمد بن سلمان للأردن ضمن قائمة الدول التي تواجه الإخوان المسلمين خطوة لا تعكس الواقع ومن الصعب ان يتعامل معها الأردن الرسمي.
لكنها تعرض بذات الوقت على شكل ابلاغ ضمني عن اقصر الطرق لمغازلة العهد السعودي الجديد وفي أحوال سياسية اخرى قد تنتقل إلى مستوى جملة شرطية تلفت نظر الحكومة الأردنية إلى ان الدخول إلى حلقة بن سلمان قد يتطلب في المستقبل القريب وخصوصا بعد فوز الرئيس عبد الفتاح السيسي للمرة الثانية تغيير قواعد اللعبة الأردنية الداخلية مع الإخوان المسلمين تحديدا وهو امر ان استجابت حكومة عمان لضغوطه سينتج في الواقع الداخلي تعقيدات ومشكلات من كل الاوزان والاصناف.
يبقى ان عنصر المصداقية الأساسي في التكهن السياسي تجاه الأردن بعد تصريحات بن سلمان الأخيرة هو الاشتباك مع تنظيمي القاعدة وداعش. وهنا أيضا ثمة فارق بسيط يتمثل في ان الأردن اشتبك مع تنظيمي القاعدة وداعش في وقت مبكر وبصورة مبدئية ولم يستثمر بورقتهما كما فعل الشقيق السعودي.