صفقات السلاح السعودية تثير جدلا حول العالم

  • طباعة
  • PDF
  • مشاركة عبر الفيسبوك
  • مشاركة عبر تويتر
  • مشاركة عبر G+
  • مشاركة عبر انستقرام
  • مشاركة عبر تلغرام
  • مشاركة عبر الوتساب
  • عدد الزوار 2107
  • عدد التعلیقات 0
  • -
    +

 لم تقتصر صفقات السلاح السعودية ومن ثم الإماراتية اللتان تقودان حربا في اليمن، على القيمة العالية التي تتضمناها، بل تثير كل صفقة تسليح الجدل حول العالم، بين الدول المصدرة لهذه الأسلحة، لما تقترفه الدولتان العربيتان باليمن.

وأظهرت معطيات دراسة حديثة صدرت، قبل أيام، أن المملكة العربية السعودية جاءت في المرتبة الثانية بعد الهند كأكبر مستورد للأسلحة في العالم خلال العقد الماضي، بينما حلت مصر في المرتبة الثالثة، تليها الإمارات العربية المتحدة.

وجاءت السعودية، كثاني أكبر مستورد للأسلحة في العالم خلال الفترة بين 2017/2008، فيما تحوز الأسلحة المصنعة في الولايات المتحدة الأمريكية على ما نسبته 98% من واردات المملكة.

ولا تزال هذه الصفقات تثير الجدل حول العالم، وسط اتهامات للسعودية والإمارات بارتكاب جرائم حرب في اليمن، ودعوات لوقف تصدير الأسلحة لهما.

فشل أمريكي

وقبل أيام، فشل مجلس الشيوخ الأمريكي، في التصويت ضد مشروع قرار يقضي بوقف الدعم الأمريكي للحملة العسكرية السعودية في اليمن.

وتزامن ذلك مع اجتماع في البيت الأبيض للرئيس الأمريكي «دونالد ترامب» مع ولي العهد السعودي «محمد بن سلمان» الذي استهل زيارة للولايات المتحدة تستغرق أسبوعين.

ورفض أعضاء مجلس الشيوخ مشروع القرار بنسبة 55 صوتا ضده مقابل 44 صوتا معه.

وقد حاول مقترحو مشروع القانون للمرة الأولى استخدام بند في قانون سلطات الحرب لعام 1973، يجيز لأي عضو في مجلس الشيوخ طرح مشروع قرار بشأن سحب القوات الأمريكية من أي صراع لم تحصل على تفويض من الكونغرس بالمشاركة فيه.

وكان أعضاء من المجلس من الداعمين للقرار وصفوا قبل التصويت النزاع المستمر في اليمن منذ ثلاث سنوات بأنه «كارثة إنسانية» محملين السعودية المسؤولية عنها وعما آلت إليه الأوضاع في اليمن.

ومنذ 2015، يقدم البنتاغون «دعمًا غير قتالي» للسعودية يتضمن تبادل معلومات استخباراتية وتزويد المقاتلات بالوقود جوًا.

والأسبوع الماضي، طلب وزير الدفاع الأمريكي «جيمس ماتيس» من الكونجرس عدم التدخل في الدور الأمريكي في الحرب، محذرًا من أن فرض قيود يمكن أن «يزيد من أعداد القتلى المدنيين ويعوق التعاون مع شركائنا بشأن مكافحة الإرهاب، ويخفض نفوذنا مع السعوديين، وهو ما يمكن أن يؤدي إلى تفاقم الوضع والأزمة الإنسانية».

وذكرت دراسة نشرت الشهر الجاري، أن الولايات المتحدة باعت بأكثر من 650 مليون دولار أسلحة إلى السعودية والإمارات، مع توسع حرب اليمن العام الماضي.

وسبق للسعودية أن أبرمت صفقة أسلحة دفاعية ضخمة مع الولايات المتحدة بقيمة 110 مليارات دولار، منتصف العام الماضي.

غضب بريطاني

وفي بريطانيا، أطلقت نهاية العامة الماضي، «الحملة ضد تجارة الأسلحة»، عبر موقعها الإلكتروني، حملة جمع توقيعات لمطالبة البرلمان والأحزاب السياسية بالتحرك لوقف مبيعات السلاح البريطانية إلى السعودية.

وجمعت الحملة أكثر من 10 آلاف توقيع، قبل أن تنظم عدة وقفات أمام سفارة الرياض في لندن، لمطالبة الحكومة البريطانية بوقف بيع الأسلحة للسعودية، وتنديداً بـ«جرائم السعودية في اليمن».

وخلال زيارة «بن سلمان» الأخيرة إلى لندن، الشهر الجاري، وقع الآلاف عريضة تطالب بإلغاء زيارته، فضلا عن تقديم منظمات حقوقية مذكرة إلى الحكومة البريطانية تعتبر فيها ولي العهد السعودي «مجرم حرب».

وقالت منظمات منها حملة «أوقفوا الحرب»، وحملة «منع انتشار الأسلحة النووية»، وحملة «وقف تصدير الأسلحة»، و«المنظمة العربية لحقوق الإنسان في بريطانيا»، إن «زيارة بن سلمان لبريطانيا تلحق بالبلاد العار؛ نظرا للجرائم الخطيرة التي ارتكبها في اليمن، وأن مصالح الشعب البريطاني وقيمه تتعارض مع هذه الزيارة».

ومنتصف العام الماضي، حكمت المحكمة العليا في بريطانيا، بأن المملكة المتحدة تصرفت بشكل قانوني في منح تراخيص التصدير للشركات التي تبيع أسلحة للسعودية لاستخدامها في الصراع اليمني، ولكن ذلك لم يفعل الكثير لتلميع علاقة بريطانيا مع الرياض فيما يتعلق بالتورط السعودي في اليمن.

وفي أواخر العام الماضي، كشف موقع «ميدل إيست آي» البريطاني، عن تلقي نواب بريطانيين رشى من السعودية، بلغت قيمتها 133 ألف دولار أمريكي، وذلك في إطار حشد الدعم لسياستها وحربها في اليمن.

وتشمل الأسلحة التي باعتها بريطانيا للسعودية طائرات حربية من طراز «تايفون» و«تورنيدو» وطائرات دون طيار بقيمة 12.8 مليارات دولار، وقنابل وصواريخ بقيمة 5.1 مليارات دولار.

وعلى الرغم من هذا الهجوم، أبرمت السعودية «مذكرة نوايا» مع بريطانيا، لشراء 48 مقاتلة «تايفون»، متعددة المهام، بقيمة أولية 14 مليار دولار.

تحذير فرنسي

وفي فرنسا، أظهر استطلاع للرأي أجرته مؤسسة «يوجوف»، الإثنين، أن 75% من الفرنسيين يريدون أن يعلق الرئيس «إيمانويل ماكرون» مبيعات الأسلحة لدول تشارك في حرب اليمن، منها السعودية والإمارات.

وتتزايد الضغوط على «ماكرون» لتقليص الدعم العسكري للبلدين الخليجيين، بسبب المخاوف من استخدام الأسلحة الفرنسية في الحملة العسكرية التي أكملت عامها الثالث.

وأظهر الاستطلاع أن 88% من المشاركين يعتقدون أن بلادهم ينبغي أن توقف صادرات الأسلحة إلى جميع الدول التي قد تستخدمها ضد المدنيين، بينما قال 75% إن فرنسا يجب أن توقف صادرات الأسلحة للدول المشاركة في حرب اليمن.

وقال 7 من كل 10 شملهم الاستطلاع إن على الحكومة وقف تصدير الأسلحة للسعودية والإمارات.

والسعودية والإمارات من بين أكبر مشتري الأسلحة الفرنسية حيث يشتريان من فرنسا دبابات وعربات مدرعة وذخائر ومدفعية، وتشتري الإمارات طائرات مقاتلة فرنسية، وفق «رويترز».

وفي 22 مارس/آذار الجاري، أمهلت جماعتان حقوقيتان، الحكومة الفرنسية، شهرين لوقف مبيعات الأسلحة للسعودية والإمارات، أو مواجهة إجراءات قانونية.

وأرسل محامون يعملون في المنظمتين رسالة إلى مكتب رئيس الوزراء الفرنسي «إدوار فيليب» يطالبون فيها بتعليق تراخيص التصدير.

وقبلها بيومين، قال مسؤولون فرنسيون إنهم طلبوا بالفعل من موردي السلاح الإحجام عن طلب تراخيص تصدير جديدة لصالح السعودية والإمارات.

والأسبوع الماضي، كشف تقرير أعدته شركة محاماة بطلب من منظمات حقوقية فرنسية، أن باريس وموردي الأسلحة الفرنسيين يواجهون مخاطر قانونية متزايدة لتوريدهم أسلحة إلى السعودية والإمارات برغم تحذيرات من أن مثل تلك الأسلحة قد تستخدم في حرب اليمن.

وقال كاتبا التقرير«جوزيف بريهام» و«لورانس غريغ» لصالح منظمة «العفو» الدولية ومنظمة «إيه سي إيه تي» الفرنسية لحقوق الإنسان: «تظهر هذه الدراسة مخاطر قانونية شديدة بأن توريد فرنسا أسلحة يتنافى مع التزاماتها الدولية».

جاء التقرير في وقت حرج بالنسبة لـ«ماكرون» الذي من المقرر أن يستضيف ولي العهد السعودي «محمد بن سلمان» في مطلع أبريل/نيسان المقبل.

وتعتبر فرنسا، ثالث أكبر مصدر للأسلحة في العالم، السعودية والإمارات من أكبر مشتري أسلحتها، ولأكبر الشركات الدفاعية الفرنسية مثل «داسو» و«تاليس» عقود كبرى في الخليج.

وفي السنوات الأخيرة اشترت الرياض دبابات فرنسية ومركبات مدرعة وذخيرة ومدفعية، بينما اشترت الإمارات طائرات مقاتلة.

وقف ألماني

وجاء هذا الغضب والتحذير الفرنسي، عقب قرار ألماني في يناير/كانون الثاني الماضي، بوقف صادرات الأسلحة للدول المشاركة في حرب اليمن، في إشارة إلى التحالف العربي الذي تقوده السعودية ثم الإمارات.

وقالت الحكومة الألمانية، في تصريح مقتضب إنها «لا تصدر حاليًا أي تصاريح بتصدير أسلحة لا تتوافق مع نتائج المحادثات الاستكشافية للحكومة الجديدة»، دون أن تذكر تفاصيل أخرى.

غير أن الورقة التي نتجت عن المحادثات الاستكشافية بين «الاتحاد المسيحي» (يمين وسط)، بزعامة المستشارة «أنغيلا ميركل»، و«الحزب الاشتراكي الديمقراطي» (يسار وسط)، بشأن تشكيل حكومة جديدة في البلاد، التي نشرت يوم 12 يناير/كانون الثاني الماضي، تنص على أن «الحكومة الألمانية لن تصدر من الآن فصاعدا أي تصاريح بتصدير أسلحة للدول المشاركة في حرب اليمن».

وجاء هذا القرار، بعد دعوة الكنائس في ألمانيا، الحكومة، إلى وقف كل صادرات الأسلحة إلى السعودية، بسبب استخدامها في حرب اليمن.

كما ترى أحزاب المعارضة الألمانية، فضلا عن المنظمات الحقوقية، أن الحرب في اليمن، أدت إلى كارثة إنسانية في البلد الذي يقطنه أكثر من 27 مليون شخص.

ووفق بيان وزارة الاقتصاد، فإن السلطات الألمانية وافقت على تصدير أسلحة إلى دول التحالف العربي في اليمن، بلغت 1.3 مليار يورو (1.58 مليار دولار) في 2017.

النرويج على الخطى

وفي يناير/كانون الثاني الماضي، أعلنت النرويج أيضا، أنها قررت تعليق صادرات الأسلحة والذخيرة للإمارات؛ بسبب مخاوف من احتمال استخدامها في حرب اليمن.

وأوضحت وزارة الخارجية النرويجية، في بيان، أنه «بعد تقييم الأوضاع في اليمن في 19 ديسمبر/كانون الأول الماضي، والمخاطر المتزايدة من المشاركة العسكرية الإماراتية هناك، يجري إلغاء رخص توريد الأسلحة والذخائر إلى الإمارات»، مشيرة إلى أنه «لن تكون هناك أية عقود مستقبلية».

البرلمان الأوروبي

وجاء قرارا ألمانيا والنرويج، بعد أشهر من حظر البرلمان الأوروبي، خلال الجلسة العامة له في سبتمبر/أيلول الماضي، بمدينة ستراسبورغ الفرنسية، عمليات بيع الأسلحة للسعودية، بسبب ما وصفها بانتهاكات المملكة في اليمن.

وكان البرلمان الأوروبي وافق، بداية 2016، على مشروع قرار فرض حظر على تصدير الأسلحة إلى السعودية التي تقود التحالف في اليمن.

مراجعة كندية

وقبل أسبوع، كشفت الصحافة الكندية، لأول مرة، تفاصيل صفقة بيع كندا مركبات عسكرية مدرعة خفيفة إلى السعودية، بقيمة 15 مليار دولار، علقتها كندا.

وبحسب ما نشرته هيئة الإذاعة الكندية الرسمية، من تفاصيل حول الصفقة التي خلقت حالة من الجدل لدى الرأي العام الكندي لفترة طويلة، فإن جزءًا من المركبات الخفيفة المذكورة تم تجهيزها بـ«أسلحة ثقيلة».

الصفقة وقعت في نوفمبر/تشرين الثاني 2014 في عهد رئيس الوزراء الكندي السابق، «ستيفن هاربر»، وتبلغ قيمتها 15 مليار دولار.

وجاء القرار الكندي، بعد مطالبات العام الماضي، لمجموعات مدافعة عن حقوق الإنسان، بوقف كل مبيعات الأسلحة إلى السعودية، بسبب استخدامها في قمع للمدنيين في اليمن.

والسعودية هي أكبر سوق للأسلحة الكندية بعد الولايات المتحدة، وخلال العام الماضي اشترت المملكة أسلحة بقيمة 142 مليون دولار كندي (حوالي 95 مليون يورو)، وهو يمثل ما يقرب من 20% من إجمالي الصادرات العسكرية الكندية.

وسبق أن طالبت «هيومن رايتس ووتش» و56 منظمة غير حكومية بفتح تحقيق دولي مستقل في الانتهاكات التي ترتكبها جميع أطراف النزاع في اليمن.

ودعت هذه المنظمات إلى إنشاء تحقيق دولي مستقل لتقصي الحقائق وتوضيح المسؤولية عن الخروقات والانتهاكات المزعومة بهدف تأمين المساءلة على المدى الطويل.

ويقول التحالف الذي تقوده السعودية إنه لا يستهدف مدنيين، في الوقت الذي تتهمه فيه جماعات حقوق الإنسان بقصف المدارس، والمستشفيات، والأسواق، والمناطق السكنية.

وتقود السعودية منذ 26 مارس/آذار 2015، تحالفا عربيا في اليمن ضد «الحوثيين»، يقول المشاركون فيه إنه جاء استجابة لطلب الرئيس اليمني «عبدربه منصور هادي» بالتدخل عسكريا، لحماية اليمن وشعبه من عدوان الميليشيات الحوثية.

المصدر | الخليج الجديد