هل بَدأَ العَد التَّنازلي فِعلاً لإغلاقِ مَلفْ الأُمراء ورِجال الأعمال السُّعوديين المُعتَقلين بِتُهم الفَساد في فُندق “الريتز كارلتون”؟

  • طباعة
  • PDF
  • مشاركة عبر الفيسبوك
  • مشاركة عبر تويتر
  • مشاركة عبر G+
  • مشاركة عبر انستقرام
  • مشاركة عبر تلغرام
  • مشاركة عبر الوتساب
  • عدد الزوار 2028
  • عدد التعلیقات 0
  • -
    +

ومَن سَيُعوّض الأبرياء المُطلَق سَراحُهم عن الأضرار المَعنويّة التي ألحقتْ بِهم وكيف؟ وهل سَتكون مُحاكَمة الرَّافِضين للتّسوية عَلنيَّة؟
تُفيد تقارير إخباريّة جَرى نَشرها في بَعض الصُّحف السعوديّة بأنّ العَد التّنازلي لإغلاق مَلفْ مُعتَقلي “الريتز كارلتون” من الأُمراء ورِجال أعمال كِبار قَد بدأ، حيث أسقطت التُّهم عن 90 مَوقوفًا، وما زالَ هُناك 95 آخرين سيُحالون إلى النِّيابةِ العامّة.
النائب السعودي العام الشيخ سعود المعجب أكَّد في تَصريحاتٍ سابِقة أنّه تَم جَمع حواليّ 100 مليار دولار في إطارِ تسوياتٍ مع بعض المُتّهمين في الفَساد، بينما قال السيد محمد الجدعان، وزير الماليّة، أن هذهِ التسويات “ستُساهِم في تَمويل المراسيم الملكيّة التي صَدرت لمُساعدة المُواطِنين على مُواجهة الغَلاء وارتفاع الأسعار”، وتَصِل قيمتها إلى حواليّ 52 مليار ريال على الأقل.
هُناك جانِبان لخُطوة التّوقيفات هذهِ التي أقدمت عليها السُّلطات السعوديّة: الجانِب الأول هو تَسليط الأضواء على الفَساد والفاسِدين الذين نَهبوا المال العام في صَفقاتٍ مَشبوهة، وإعادة بَعض أو مُعظَم هذهِ الأموال مِنهم، الأمر الذي حَقّق ارتياحًا مَلموسًا في أوساط المُواطِنين، والشّباب مِنهم خاصّة، والثاني أن هذهِ الحَملة خَلقت حالةً من “البَلبلة” و”الانقسامات” في بعض أوساط المُجتمع السعوديّ، وأثّرت بِشَكلٍ سَلبيّ على الاقتصاد، وقِطاع الاستثمار مِمّا أدّى إلى حالةٍ من الرّكود في بَعض القِطاعات الخَدميّةِ الأُخرى.
أن تتم تبرِئة تِسعين شَخصًا وإطلاق سَراحِهم، ونسبة كبيرة مِنهم من الأُمراء، ورِجال الأعمال الكِبار، فهذا الرّقم الكَبير يعني أن المعلومات التي أدّت إلى اعتقال هؤلاء والتّحقيق معهم، إمّا كيديّة، أو خاطِئة، أو الاثنين مَعًا، وكان من بين هؤلاء على سَبيل المِثال، السيد إبراهيم العساف، وزير الماليّة السابق، الذي عادَ إلى عَملِه كعُضوٍ في مَجلس الوزراء.
هذا الملف باتَ يُشكّل عِبئًا على كاهِل السلطات السعوديّة، في ظِل رَفضْ بعض الأُمراء مثل الوليد بن طلال، التَّجاوب مع التحقيقات والتسليم بِتُهمة الفَساد، لأنّه سيتم تَحويلهم إلى سِجن الحائر في الرياض اعتبارًا من مَطلع الشهر المُقبل، الأمر الذي يَعني تَقديمهم إلى مُحاكماتٍ تُوفّر وقائعها صيدًا ثَمينًا للصِّحافةِ العربيّة والعالميّة، الحَريصة على مُتابعة تفاصيلها المُثيرة، كُلٌّ لأسبابِه.
المُعضلة الكُبرى تَكمُن في أن مُعظم الذين جَرى الإفراج عنهم، سواء لبرائِتهم من تُهم الفساد، أو الذين عَمِلوا على تَسويةِ أوضاعِهم بِدَفع مبالِغ نَقديّة، أو عقارات وأُصول أُخرى، سيَقضون ما تَبقّى من حياتِهم مُطاردين بعارِ الفَساد، دون المِئات، وربّما الآلاف غيرهم، من المُتورِّطين في الفَساد فِعلاً، ولم يُواجِهوا أيَّ تحقيقاتٍ أو تُهَم.
كيف يُمكِن تعويض هؤلاء، وخاصّةً الذين أُسقِطت عنهم التّهم، من جَرّاء ما لَحِق بِهم من أضرارٍ مَعنويّة، وربّما ماليّة من جَرّاء تَضرّر سُمعَتِهم وأعمالِهم، خاصّةً أنّه لم تَصدُر أيُّ إجراءاتٍ علنيّةٍ ورسميّة بِرَدْ الاعتبار إليهم، فلَيسوا كُلهم وزراء في الحُكومة مِثل السيد العساف، تَجسّد عَودته إلى مِقعَده في مَجلس الوزراء بِمَثابة “إشهار” لبَراءتِه.
من التقى بالسيد صبيح المصري، رجل الأعمال السعودي الفِلسطيني الأصل قبل وبعد تَوقيفِه في فندق “الريتز كارلتون” يَلحظْ الفارِق، فالرَّجل وحسب من التقوه بعد عَودتِه من الرياض كان “مَكسورًا”، حسب توصيفهم، رغم أنّه كان “شاهِدًا” ولم يَكن “مُتّهمًا”، وما عَجَّل بتَقصير فَترة إقامته في المُعتقل “الفَخم” الضُّغوط السياسيّة والإعلاميّة في الأُردن وخارِجُه تعاطُفًا مَعه.
إنّها قَضيّةٌ شائِكةٌ ومُعقّدة، وكُلّما طالَ أمدْها تَعاظمت نتائجها السلبيّة، ولعلَّ التَّعجيل بنِهايتِها ربّما يُقلّص من الأضرار، مِثلما يَعتقد الكثير من المُراقبين للشّأن الدّاخلي والخارِجي السعودي مَعًا.
“رأي اليوم”