بعد التقارير عن موافقة السعوديّة على استخدام إسرائيل أجوائها لضرب إيران والإعلان عن خطٍّ مُباشرٍ من تل أبيب للرياض لنقل الحجاج: محادثات لنقل الإسرائيليين للهند عبر المملكة
الناصرة-“رأي اليوم”- من زهير أندراوس:
تطوّرٌ لافتٌ وجديدٌ في إطار تدفئة العلاقات الـ”سريّة” و”غير المُعلنة” بين كيان الاحتلال الإسرائيليّ وبين المملكة العربيّة السعوديّة، فبعد أنْ نُشرت تقارير صحافيّة عبريّة وغربيّة عن سماح الرياض لسلاح جوّ الاحتلال باستخدام مجالها الجويّ لتوجيه ضربةٍ عسكريّةٍ لإيران، الأمر الذي نفته السعوديّة لاحقًا، وبعد أنْ تمّ تأكيد النبأ عن فتح خطّ طيران بين الدولة العبريّة والمملكة، عبر الأردن، لنقل الحجاج من فلسطينيي الداخل إلى الرياض لأداء مناسك الحج، والذي لم تنفه المملكة.
بعد ما ذُكر أعلاه، كشفت صحيفة (يديعوت أحرونوت) العبريّة، نقلاً عن مصادر رفيعة في تل أبيب، كشفت النقاب عن أنّه ضمن الاتفاقات التجارية التي وقعت في الهند بين رئيس الوزراء نتنياهو ونظيره الهنديّ مودي، يوجد اتفاق يتعلّق بالرحلات الجوية بين البلدين، وفي مركزه المجال الجوي السعودي، وأنّ الاثنان ينتظران جواب ولي العهد محمد بن سلمان.
وبحسب الصحيفة العبريّة، فإنّ الزيارة التاريخية لنتنياهو، في الهند قد تنجز اتفاقًا تاريخيًا يتعلّق بالعلاقات بين إسرائيل والسعودية. فبين الاتفاقات العديدة التي وقعها الجانبين، برز اتفاق بتعلق بالرحلات الجوية بين البلدين، ناقش الطرفان في إطاره إمكانية الطيران فوق السعودية لتقصير الرحلات بين تل أبيب ودلهي. وأعرب الجانب الهنديّ عن نيته فحص الإمكانية لرغبته في تقصير الرحلة من دلهي إلى تل أبيب عبر الأجواء السعودية لأسبابٍ اقتصاديّةٍ، ومن ناحية إسرائيل، فإنّ الأمر يعني تطبيع العلاقات مع السعودية عبر الهند.
وقال مسؤولون من شركة الطيران الهندية، إير أنديا، إنّهم مستعدون للتوجه إلى السعوديين بطلب استعمال مجالهم الجوي في الرحلات إلى إسرائيل، وأضافوا أنّ موافقة السعودية على هذا الأمر سيندرج في إطار لفتات تُقدّمها السعودية للهند.
ومن المتوقع أنْ يُقصّر الطيران فوق السعودية مدة الرحلة بين الهند وإسرائيل بساعتين، ومن شأن ذلك زيادة عدد السياح بين البلدين، كما أن الخطوة ستؤدي إلى تخفيض أسعار التذاكر للسياح. يذكر أنّ الشركة الهندية، إير-إنديا، كانت قد شغلت رحلات إلى إسرائيل قبل 20 سنة إلّا أنّها أوقت الخط لأسبابٍ اقتصاديّةٍ، وفي الراهن الشركة الوحيدة التي تشغل الخط بين إسرائيل والهند هي الشركة الإسرائيليّة، إل عال، التي تسافر إلى بومباي، وتعتمد مسارًا جويًا طويلاً يتجنّب التحليق فوق السعودية.
يُذكر أنّ تقارير إسرائيلية كانت قد كشفت النقاب عن أنّ الرياض أبلغت تل أبيب عبر مسؤولين أمريكيين بأنّها ستعترض أيّ طائرةٍ إسرائيليّةٍ تعبر مجالها الجويّ في طريقها إلى إيران. وذكرت صحيفة “يديعوت أحرونوت” العبريّة أنّ الرسالة الواضحة تمّ توصيلها خلال مباحثات أجراها مسؤولون من الإدارة الأمريكية في تل أبيب.
ونقلت الصحيفة عن مسؤولين إسرائيليين بارزين قولهم إنّ الأمريكيين يستفيدون من التهديد السعوديّ في محاولتهم لإثناء تل أبيب عن شنّ هجوم أحادي على المنشآت النووية الإيرانيّة. وترى مصادر أنّ السعودية، التي تمتلك مقاتلات أمريكيّة الصنع، كانت ستسمح لإسرائيل باستخدام مجالها الجوي في حال نسقّت الأخيرة للعملية العسكريّة مع البيت الأبيض.
من جانبها، ذكرت صحيفة ‘نيويورك تايمز′ أنّ إسرائيل ستُفضّل استخدام طريق مباشر عبر الأردن والعراق. واختلفت تقديرات المراقبين الأجانب، فمنهم من رأى أنّ الأردنيين سيغضون الطرف عن مرور الطائرات الإسرائيليّة عبر مجالهم الجوي، بينما قال آخرون إنّ عمان قد تعتبر هذا الأمر انتهاكًا لاتفاقية السلام بينها وبين إسرائيل، وهناك طريقان آخران محتملان، الأوّل عبر تركيا وسوريّة، والآخر عبر البحر الأحمر لكنّه أطول. وكانت “يديعوت أحرونوت” ذكرت أنّ واشنطن لن تكون مستعدة لشنّ هجومٍ على إيران، وأنّها ترفض بصورةٍ قاطعةٍ قيام إسرائيل بتنفيذ الهجوم بمفردها.
من ناحيتها، صحيفة “صنداي تايمز″ البريطانية نقلت عن مصدرٍ دبلوماسيٍّ أنّ السعودية أعطت موافقتها الضمنيّة للحكومة الإسرائيليّة على أنْ تحلق طائرات إسرائيليّة فوق أراضيها إذا اضطرت إلى ضرب إيران.
وقال مصدر دبلوماسي للصحيفة إنّ السعوديين أعطوا موافقتهم الضمنيّة على أنْ تستخدم القوات الجويّة الإسرائيليّة أجواءهم في إطار مهمة تصب في الوقت نفسه في مصلحة إسرائيل والسعودية. وأضافت أنّ رئيس الموساد الأسبق مئير داغان أكّد لرئيس الوزراء الإسرائيليّ أنّ السعودية ستغضّ الطرف عن تحليق فوق أراضيها في حال قررت إسرائيل شنّ غارةٍ على المنشات النووية الإيرانيّة.
وتابعت الصحيفة أنّ رئيس الموساد أجرى منذ العام 2002 لقاءات سريّة منتظمة مع سعوديين في هذا الصدد، رغم أنّ البلدين لا يقيمان علاقات دبلوماسية رسمية بينهما. ونقلت الصحيفة عن جون بولتون السفير الأمريكيّ السابق في الأمم المتحدة الذي قام أخيرًا بزيارة لمنطقة الخليج، إنّه “أمر منطقي تمامًا” للإسرائيليين أنْ يستخدموا الأجواء السعوديّة.
وقد نفى مسؤولون إسرائيليون في ديوان رئيس الوزراء نتنياهو الأنباء عن موافقة السعودية على عبور طائرات حربيّة إسرائيليّة في أجوائها لضرب المفاعل النووي الإيرانيّ، وقالوا إنّ الأنباء في الصحيفة البريطانيّة استنادًا إلى مصادر دبلوماسيّةٍ عاريّةً تمامًا عن الصحّة ولا أساس لها.