وول سترريت جورنال: بن سلمان استمع لطلب من رئيسين بشأن الوليد بن طلال.. والتيارات المتشددة التحدي الأخطر أمام حكمه
كشفت تقارير صحفية أمريكية عديدة عن أن السعودية وتحديدا ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، تلقى رسائل عديدة من رؤساء سابقين بشأن الملياردير ورجال الأعمال السعودي الشهير الأمير الوليد بن طلال.
ويعد بن طلال، أحد أبرز رجال الأعمال والأمراء الموقوفين في فندق “ريتز كارلتون”، بسبب اتهامات بالفساد.
وقالت صحيفة “وول سترريت جورنال” الأمريكية إن بن سلمان تلقى رسالتين من رئيسين فرنسيين سابقين، هما، فرانسوا هولاند، ونيكولا ساركوزي، يعربان فيهما عن قلقهما من اعتقال الوليد بن طلال.
ونقلت الصحيفة الأمريكية عن مستشارين مقربين من الرئيسين الفرنسيين وولي العهد السعودي تأكيدهما وصول تلك الرسائل، التي أظهرت تخوف المستثمرين الأجانب من احتجاز بن طلال.
وقالت الصحيفة الأمريكية إن استمرار اعتقال المئات من رجال الأعمال والمسؤولين والأمراء منذ أوائل نوفمبر/تشرين الثاني، بسبب حملة مكافحة الفساد، يزيد من حالة “عدم اليقين التجاري” في المملكة.
وقال المستشارون للصحيفة الأمريكية إن ولي العهد السعودي، استمع فعليا إلى وجهات نظر الرئيسين السابقين حول الأمير الوليد بن طلال.
وأوضح المستشارون أن بن سلمان رد عليهما، قائلا إن العلاقات الفرنسية-السعودية مهمة جدا بالنسبة له.
وكان “وول ستريت جورنال” قد نشرت تقريرا سابقا، أشارت فيه إلى أن السلطات السعودية طالبت بن طلال، أغنى رجل أعمال في السعودية والوطن العربي، بدفع أكثر من 6 مليارات دولار، لتسوية اتهامات بغسل الأموال والرشوة والابتزاز، فيما أشارت المصادر إلى أن الأمير يناضل من أجل عدم إبرام تلك التسوية.
نقلت الصحيفة الأمريكية عن مصدر مقرب من هولاند، تأكيده أن الرئيس السابق، اتصل هاتفيا بولي العهد السعودي، لكنه رفض التعليق وإبداء رأي نهائي في الأمر، كما أن شخص مقرب من ساركوزي، أكد أنه يجري أيضا “محادثات منتظمة” مع بن سلمان بشأن الوليد بن طلال.
وأوضحت الصحيفة أن نداءات هولاند وساركوزي، جاءت بعض شكاوى للمديرين التنفيذيين الفرنسيين من شراكاتهم مع بن طلال، عقب اعتقاله، وهو ما أعلنه صراحة الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون.
ونقلت الصحيفة عن أحد مساعدي ماكرون قوله
“لا يمكننا التعليق على نداءات هولار أو ساركوزي، ولكننا لدينا علاقات قوية مع الوليد، بصفته مستثمر كبير لدينا، لكننا نرفض أيضا التعليق على الشأن الداخلي السعودي”.
وكان المسؤولون السعوديون قد عقبوا في وقت سابق، على القلق الدولي من حملة مكافحة الفساد، وقالت إن “مكافحة الفساد، هي مفتاح بيئة استثمارية محلية سليمة، لمواصلة حث الاستثمار الأجنبي”.
ويرتبط الأمير الوليد بن طلال، بمجموعة من الشراكات في فرنسا، التي تشمل حصص في سلسلة فنادق فرنسية، ونصف حصة البنك الفرنسي “كريدي أجريكول”، ووقعت شركة طيران تابعة له اتفاق شراكة كبيرة مع شركة طيران “إيرباص” الفرنسية.
ونقلت الصحيفة عن دينيس فلوريس، رئيس مؤسسة “لآفوازيير كونسيل” التي تتخذ مقر لها في باريس، قوله: “المستثمرون مترددون، بعض الصفقات معلقة، بسبب عدم اليقين بشأن من سيشارك معها في ظل تلك الحالة من عدم اليقين”.
ويترأس هولاند، صندوق استثمار فرنسي سيادي في الشركة القابضة المملوكة للأمير الوليد، بقيمة 150 مليون دولار.
كما أن ساركوزي وقع صفقات مع شركات فرنسية يتولى فيها مناصب قيادية بقيمة 12 مليار دولار أمريكي.
كما أن الأمير الوليد اجتمع مع ماكرون، في سبتمبر/أيلول الماضي، لمناقشة توسيع العلاقات الفرنسية السعودية، التي تشمل تأسيس صندوق استثماري بقيمة 400 مليون دولار. (سبوتنيك)
ومن جهة اخرى سلّطت صحيفة “وول ستريت جورنال” الأمريكية الضوء على ما وصفته بأنه “أكبر تهديد” يواجه الحكم الملكي في السعودية، ويبرز كأكبر التحديات القادمة في وجه وريث العرش، الأمير محمد بن سلمان.
وتبدأ الصحيفة تقريرها، بما ترويه المواطنة السعودية أروى النعيمي عن أيام صغرها حين كانت كانت تواجه توبيخًا قاسيًا من معلميها بالمدرسة إذا ما رسمت طائرًا، إذ كانوا يخبرونها بأن الخلق هو صفة الله وحده، ومن الحرام شرعًا التشبه بصفة لله.
غير أن النعيمي، التي تبلغ من العمر 32 عامًا، أصبحت نجمةً صاعدة في المشهد الفني داخل المملكة، وبعد أن كانت تفكر في الهجرة بحثا عن الحياة الطبيعية في مكان آخر، وجدت أن الحياة التي طالما تاقت إليها أصبحت قريبة جدًا، في ضوء الإصلاحات الجديدة، إذ صارت المرأة تحظى بنصيب كبير من تلك الإصلاحات التي أعلنها ولي العهد.
وتنطلق الصحيفة من هذه الرواية، إلى مناقشة “التحدي القادم” لولي العهد، وهو خطر “التيارات المتشددة” في المملكة، إذ إن الإصلاحات الأخيرة ربما تثير مخاوف كبيرة بين بعض هذه التيارات، وبالتالي فهي تمثل تحديا رئيسيا لرؤية محمد بن سلمان، الذي تعهد بإعادة بلاده إلى الإسلام المعتدل، لأنه يعتبر التحرر الاجتماعي جزءا حيويا من رؤيته الاقتصادية.
وتقول الصحيفة: “الآن تواجه سيطرة التيار الديني أخطر تحدٍ لها في العصر الحديث، إذ بات الملك وولي عهده مضطرين إلى تنويع الاقتصاد المعتمد على النفط، ومن ثمّ فهما يتحركان بوتيرة أسرع من أسلافهما لكشف إرث التيارات المحافظة التي استولت على البلاد منذ أربعة عقود وشكلت وعي الأجيال.
تضرب التيارات المحافظة بجذورها في المملكة، وتتشابك مع الأسرة الحاكمة، ففي القرن الثامن عشر، أقام آل سعود تحالفا مع الواعظ محمد بن عبد الوهاب الذي طالب بالتزام الإيمان الخالص على هدي النبي محمد وأصحابه، ومن حينها صارت “الوهابية” المذهب المهيمن في السعودية، وملهم أجيال من الجهاديين في الداخل والخارج، وفقا للصحيفة.
وساعدت الشراكة بين أحفاد عبد الوهاب والعائلة المالكة في تأسيس الدولة السعودية الحديثة عام 1932. ومنذ ذلك الحين، حكمت الملكية بدعم من المؤسسة الدينية التي تسيطر على نظام العدالة، على أساس الشريعة الإسلامية. وقد ساعد رجال الدين الوهابيين في إضفاء الشرعية على حكم آل سعود، بحسب الصحيفة.
وأوضحت الصحيفة أن اندلاع الثورة الإسلامية في طهران عام 1979، كان السبب الرئيسي في النفوذ الذي تمتع به التيار المحافظ داخل المملكة، خاصة بعد حصار الحرم المكي الذي دام لأسابيع طويلة في نفس العام، وهو الأمر الذي دفع حكام السعودية إلى السماح للقيادات الدينية بصياغة نظام أخلاقي صارم من شأنه الحفاظ على مكانة السعودية كقائد للعالم الإسلامي بعد ظهور المنافس الإيراني الذي طغت الصبغة الإسلامية على نظامه الجديد.واتخذ القادة السعوديون خطوات لتهدئة التيار المحافظ، الذي اعتبروه أكبر تهديد لحكمهم، فأعطى النظام الملكي رجال الدين في المملكة حرية فرض قانون أخلاقي صارم على الجمهور، وإعادة تشكيل نظام التعليم، تحت مسمّى لجنة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.
عندما تولى الملك سلمان العرش في أوائل عام 2015، كان عدد قليل يتوقع أن يكون هو المشرف على التغيير الاجتماعي السريع، وقد عرف الملك بعلاقة وثيقة مع المؤسسة الدينية حين كان حاكما للرياض. ويقول العديد من المحللين إن هذا أعطاه وابنه ولي العهد الأمير محمد نفوذا أكبر لإجراء تغييرات مقارنة بسلفه الملك عبد الله.
وأوضحت “وول ستريت” أنه في الوقت الذي تقل فيه أسعار النفط، أصبح تخفيف القواعد الاجتماعية ضرورة اقتصادية وسياسية للأمير محمد، القوة الدافعة وراء خطة طموحة لإنهاء اعتماد المملكة على النفط.
وتحاول المملكة التي يقل عمرها عن 30 سنة وبها بطالة بنسبة 12.8 في المائة، أن تصبح أكثر جاذبية للمستثمرين الأجانب ولشباب البلد نفسه، وتريد جلب المزيد من النساء إلى قوة العمل، وفي حالة الفشل فإن الجيل القادم قد يضيع إما بالسفر للخارج أو الاندماج مع المجموعات المتطرفة في الداخل.
ولذلك يحاول ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان نقل البلاد بعيدا عن التطرف الديني الذي استقر في السبعينيات، ويسعى إلى العودة ببلاده المجتمع المعتدل الذي توخاه الملك عبد العزيز بن سعود عندما تأسست البلاد عام 1932.
في العام الماضي، بدأت الحكومة أيضا بإرسال المعلمين في الخارج لمعرفة كيف تعمل المدارس الغربية، وهي خطوة تهدف جزئيا إلى معالجة التطرف بين المعلمين، وجردت الشرطة الدينية من سلطتها للاعتقال، ما أسفر عن تآكل التحالف بين النظام الملكي والمؤسسة الدينية.
في سبتمبر، اعتقلت السلطات عشرات رجال الدين كجزء من حملة واسعة ضد المعارضة وصادرت أموالهم، من بينهم الأمير البارز خالد بن طلال الذي عارض تقليص صلاحيات الشرطة الدينية بحسب أشخاص مطلعين على الأمر، لكنه الآن معتقل في سجن الحائر.
كما أنشأت الحكومة مركزًا جديدًا لفحص الأحاديث النبوية، في محاولة لمنع استخدامها لتبرير العنف. بعد 30 عاما من المحافظة الدينية، ومع ذلك لا تزال عملية التغيير صعبة خصوصًا أنها أصبحت متجذرة في عقول كثير من المواطنين، بحسب الصحيفة.
ففي أبها يقول شيخ كبير، إنه لا يريد المساس بالدين، ولا يحب اختلاط الرجال بالنساء، لافتًا إلى أن الجميع غير سعداء، لكنهم خائفون من الحديث عن ذلك، وليس هذا فحسب بل إنه في وقت سابق من هذا الشهر، طلب أحد المعلمين من طلابه رسم الإبل، رفض أحدهم، ورسم بدلا من ذلك مشهدًا طبيعيًا.
وفي السياق ذاته، نشرت صحيفة “ديلي تلغراف” تقريرا للناقد جيرارد أودونيفان يعلق فيه على الفيلم الوثائقي “آل سعود: عائلة في خضم حرب”، الذي بثه تلفزيون “بي بي سي2″، الذي يبحث في التحديات التي تواجه الحاكم الجديد للسعودية ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، البالغ من العمر 32 عاما.
ويشير الفيلم إلى أن الجهاد في أوسع صوره الدعوية متجذر في بنية الدولة السعودية، وأن “الحلف التاريخي” بين آل سعود ومؤيدي الشكل المحافظ المتطرف من الإسلام المعروف بالوهابية هو في الواقع “وعد بنشر الوهابية في أنحاء العالم”.
وينوه التقرير إلى أن الفيلم حاول في الوقت ذاته أن يخلق توازنا، مركزا على أن ولي العهد وعد باجتثاث الإرهاب، والعودة للإسلام المعتدل والقوانين المضادة للإرهاب التي سنها، مثل فرض عقوبة الإعدام على من يمول الإرهاب. (سبوتنيك)