الخارجيّة الروسيّة تُخيّر المُعارضة السوريّة: إمّا الذّهاب إلى “سوتشي” أو التمسّك برَحيل الأسد..

  • طباعة
  • PDF
  • مشاركة عبر الفيسبوك
  • مشاركة عبر تويتر
  • مشاركة عبر G+
  • مشاركة عبر انستقرام
  • مشاركة عبر تلغرام
  • مشاركة عبر الوتساب
  • عدد الزوار 2022
  • عدد التعلیقات 0
  • -
    +

1500 مُشارك وخَريطة الطّريق إلى الاستقرار والانتخابات تَحدّدَت.. والجبير أبلغَ الحريري بالخِيار السعوديّ الجَديد والصّادم
تَعكفْ وزارة الخارجيّة الروسيّة حاليًّا على إعداد قائمةِ المُشاركين في مُؤتمر الحِوار الوَطنيّ السوريّ الذي مِن المُقرّر أن يُعقَد أواخر الشّهر المُقبِل في مُنتجع سوتشي، ومن المُتوقّع أن يُشارك فيه 1500 شخصيّة سوريّة تُمثّل مُختلف ألوان الطّيف السياسيّ والعَشائريّ والجُغرافيّ والمَذهبيّ في البِلاد.
المعُارضة السوريّة، خاصّةً الهيئة العُليا للمُفاوضات، التي تتّخذ من الرّياض مَقرًّا لها، ستُواجِه خياراتٍ صَعبةٍ أبرزها التخلّي عن مُطالبتها برحيل الرئيس السوري بشار الأسد في بِداية المَرحلة الانتقاليّة، وهي المُطالبة التي أدّت إلى اتهامِها بإفشال الجَولة الثّامنة من مُفاوضات جنيف، فالخارجيّة الروسيّة التي ستكون صاحبة الكَلِمة العُليا في تَوجيه الدّعوات للمُشاركة، اشترطتْ التخلّي كُليًّا عن الحَديث عن بَقاء الرئيس الأسد من عَدمِه في السّلطة، حيثُ أكّدت أنّها لن تَسمح بتَحويل المُؤتمر إلى مَيدانٍ للشّعارات في هذا المِضمار، لأن المُطالبة برَحيل الأسد تَعني الرّغبة في استمرار الصّراع المُسلّح.
هذا الشّرط الرّوسي يَضع الهيئة العُليا للمُفاوضات برئاسة السيد نصر الحريري أمام خيارين، إمّا المُشاركة والتخلّي عن المُطالبة برحيل الأسد، وهي التي نَصّ عليها بَيانها الذي أصدرته من الرياض قبل الذّهاب إلى جولة المُفاوضات الأخيرة في جنيف، أو التمسّك بهذهِ الفَقرة، أي رحيل الأسد، واستبعادِها من مُؤتمر الحِوار الوَطني في سوتشي، وخُروجِها من أيِّ ترتيباتٍ تتعلّق بمُستقبل سورية.
مُؤتمر سوتشي سَيكون “أُم المؤتمرات”، ومِن المُتوقّع أن تكون قراراته حاسمة، لأنّها ستتضمّن تَعديلاتٍ دستوريّةٍ، وإجراء انتحاباتٍ رئاسيّةٍ وتَشريعيّة، وقد لا يَكون هُناك أي دَور لأي فَصيلٍ مُعارض في هذهِ الانتخابات إذا أُستُبعِد، أو أبعد نَفسه من المُشاركة في المُؤتمر المَذكور.
ستافان دي ميستورا كان صادِقًا وواضِحًا في الوَقت نفسه عندما طالب المُعارضة في جَولة جنيف الأخيرة بالتخلّي عن مَطالِبها برَحيل الأسد، والتّعاطي مع المُتغيّرات على الأرض السوريّة، في إشارةٍ إلى سَيطرة الجيش العربيّ السوريّ على أكثر من 95 بالمِئة من الأراضي بدَعمٍ روسيٍّ إيرانيٍّ وحزب الله، وها هي الخارجيّة الروسيّة المُضيفة لمُؤتمر الحِوار تُطالب بالشّيء نَفسه، ممّا يعني أن هُناك تَفاهُمًا دوليًّا في هذا الصّدد.
فإذا كان الرئيس الفرنسي إمانويل ماكرون أعلن رَسميًّا بأنّ بِلاده تُخطّط لفَتح قنوات حِوار مع الرئيس الأسد في دِمشق، وهي الأكثر دَعمًا للمُعارضة سياسيًّا وعَسكريًّا، فهذا يَعني أن على المُعارضة السوريّة التقاط هذهِ الرّسالة والتخلّي عن مَطالِبها التي باتت بَعيدةً عن الواقِع، حسب المُراقبين الفَرنسيين.
الرئيس الروسي فلاديمير بوتين يَعرف ما يُريد، ويَملُك خريطة طريق واضحة المَعالم في الأزمةِ السوريّة مُنذ اليَوم الأول لاتخاذه قراره بالتدخّل عَسكريًّا، ووَضع كُل ثِقَله خَلف النّظام، وعندما يُعلِن عن سَحب قوّاتِه بعد اكتمال إنجاز مُهمّتها، فهذا يَعني أن الحَرب في سورية انتهت، ومَرحلة السّلام والاستقرار وإعادة الإعمار قد بَدأت.
لا نَستبعد أن يكون السيد عادل الجبير، وزير الخارجيّة السعودي، الذي كان يُكرّر عِبارته الشّهيرة لأكثر من عام، والتي تقول “يَجب رحيل الأسد سِلمًا أو حَربًا”، قد نَصح السيد الحريري أثناء اجتماعه به أمس في مَقرّه بالرياض بضَرورة التخلّي عن هذهِ المَطالب، لأن بِلاده، أي السعوديّة، في حاجةٍ ماسّةٍ إلى علاقةٍ قويّةٍ مع موسكو، وتُخطّط لشِراء صَفقةِ صواريخ “إس 400″ لحِماية أجوائها من صواريخ الحوثي الباليستيّة بعد فَشل مَنظومة “الباتريوت” الأمريكيّة.
الرئيس بوتين والمِحور السوريّ الإيرانيّ التركيّ الذي يَتزعّمه انتصر في الحَرب السوريّة، وحانَ الوَقت لفَرض شُروطِه وتَصوّراتِه في مَرحلة السّلم وإعادة الإعمار، ومَن يَركبْ قِطار مُؤتمر سوتشي من مَحطّة البِداية سيَجد له مِقعدًا في العَمليّة السياسيّة المُقبلة، ومن يَستنكِف ويَتلكأ في الصّعود سيَظل وحقائبه في المَحطّة، ويُواجِه صَقيع الانتظار الذي سَيطول حَتمًا، بل سَيكون مَفتوح النّهايات.
“رأي اليوم”