واشنطن بوست: كيف استطاع حزب الله صد السعودية؟

  • طباعة
  • PDF
  • مشاركة عبر الفيسبوك
  • مشاركة عبر تويتر
  • مشاركة عبر G+
  • مشاركة عبر انستقرام
  • مشاركة عبر تلغرام
  • مشاركة عبر الوتساب
  • عدد الزوار 2024
  • عدد التعلیقات 0
  • -
    +

نشرت صحيفة "واشنطن بوست" تقريرا لكل من أيرين كاننغهام ولويسيا لوفلوك، تقولان فيه إنه في الوقت الذي تزيد فيه الدول العربية من الضغط على حزب الله لعلاقته بإيران، فإن الحزب الشيعي اللبناني المسلح يعزز من وضعه بصفته قوة إقليمية، حيث انعكست قوته العسكرية خارج لبنان، في الوقت الذي تحمل فيه أزمات سياسية في لبنان.

ويشير التقرير إلى أن صعود هذا الحزب يأتي في وقت تتنافس فيه كل من إيران والسعودية على الهيمنة الإقليمية، ما زاد من حدة الصراعات في سوريا واليمن، لافتا إلى أن السعودية ترى حزب الله وكيلا فعالا لإيران، وقادت في الأسابيع الأخيرة جهدا لعزله.

وتستدرك الكاتبتان بأن موقع حزب الله المسيطر كان واضحا هذا الشهر في ملحمة رئيس الوزراء اللبناني سعد الحريري، فبحسب المسؤولين الأمريكيين واللبنانيين، فإن السعودية أرغمت الحريري على الاستقالة، محطمة بذلك حكومة الائتلاف التي تضمنت وزراء من حزب الله، حيث يقول المسؤولون إن السعودية كانت تأمل أن تقوض جهود إيران بتمهيد الطرق أمام عمل أكثر عدائية ضد حزب الله.

وتبين الصحيفة أنه بدلا من ذلك، فإن تلك الخطوة جمعت اللبنانيين على دعم رئيس الوزراء، وأظهرت حزب الله بصفته قوة للاستقرار، مشيرة إلى أن الحريري أعلن يوم الأربعاء تعليق استقالته، وكان قد التقى رئيس الدولة ميشيل عون وعقد محادثات معه.

ويرجح التقرير أن يستفيد حزب الله الآن من الفوضى، ويستخدم قوته العسكرية والسياسية -والشبكة الاجتماعية الواسعة في لبنان- ليزيد من تمكين نفسه، لافتا إلى أن الحزب من معقله القوي في الجنوب اللبناني، حيث صنع لنفسه اسما في قتال الجيش الإسرائيلي إلى ساحات المعارك في سوريا، ظل في حالة صعود، وأصبح من الصعب تحديه.

وتنقل الكاتبتان عن الباحث غير المقيم في مركز كارنيغي للشرق الأوسط رافاييل لوفيفر، قوله: "كان السعوديون يأملون بأن تخلق استقالة الحريري صعقة كهربائية تتسبب باستقالة الحكومة ويغادر حزب الله وحلفاؤه وزاراتهم وغيرها من مناصب مهمة.. وبالطبع لم يحصل أي من هذا"، مشيرا إلى أن حزب الله أصبح أقوى بعد أن بدأت الحرب السورية، عندما انضم إلى الحكومة التي تدعمها إيران لمحاربة الإرهاب، وأضاف: "أثره في قلب المؤسسات الأمنية اللبنانية هو بالتأكيد أكثر من أي وقت مضى".

وتذكر الصحيفة أن الحكم في لبنان، الذي يبلغ عدد سكانه 6 مليون نسمة، يقوم على اتفاق شراكة بين الطوائف الدينية الرئيسية؛ رئيس الوزراء سني، ورئيس البرلمان شيعي، والرئيس مسيحي، وكلاهما حليف لحزب الله، ولحزب الله 10 مقاعد في البرلمان، وله وزارتان.

ويستدرك التقرير بأن الحزب يستمد قوته أيضا خارج البنية الرسمية للسلطة في لبنان، حيث يقوم الحزب بتقديم المساعدات الاجتماعية، ويلعب دور صانع الملوك، كما يملك جيشا قويا تدعمه إيران، مبينا أنه قادر على أن يتفوق على القوات اللبنانية المسلحة، وساعدت خدماته الاجتماعية -من مدارس ومؤسسات خيرية ومساعدات فنية للمزارعين- على إيجاد ولاء قوي بين الشيعة وغيرهم من المجتمعات.

وتورد الكاتبتان نقلا عن مدير مشروع العراق ولبنان وسوريا في مجموعة الأزمات الدولية، وهو جمعية غير ربحية تجري أبحاثا في الصراعات العنيفة، هيكو ويمن، قوله: "يزدهر حزب الله بسبب موقعه كدولة داخل دولة، فهو يقدم العديد من الأشياء"، ففي أوقات الأزمات عندما تضعف المؤسسات الحكومية، "ما يقدمه حزب الله في دوائره يصبح أكثر أهمية.. فهم متمكنون تماما في مجتمعاتهم من ناحية، وآمنون في وضعهم فيما يتعلق بالمؤسسات الحكومية من ناحية أخرى".

وتلفت الصحيفة إلى أن حزب الله، بصفته قوة ردع قادرة حيث أدت هجماته على الجنود الإسرائيليين إلى انسحابهم من الأراضي اللبنانية، بالإضافة إلى أن حزب الله خاض حربا أخرى عام 2006، انتهت إلى طريق مسدود، لكنها رفعت من مكانة الحزب بصفته قوة ردع قادرة.

ويستدرك التقرير بأن القتال في سوريا هو الذي رفع مكانة الحزب إلى موقع منظمة عابرة للحدود، لديها إمكانيات تنافس الجيوش الإقليمية، حيث يقول لوفيفر إن حزب الله خسر آلاف المقاتلين في سوريا، "لكنه أيضا جند العديد من الأعضاء الجدد.. واكتسب مهارات جديدة، حولته من منظمة شبه عسكرية تستطيع شن عمليات فدائية إلى جيش مصغر فعلي".

ويضيف لوفيفر أن لدى حزب الله الآن كتائب دبابات ووحدات عمليات خاصة، تقوم بالتنسيق مع الجيش الروسي والسوري، وتقوم بعمليات هجومية معقدة في مناطق العدو، بالإضافة إلى أنه يتلقى أموالا وأسلحة باستمرار من إيران، حيث اعتنى رجال الدين الإيرانيون بصعود حزب الله.

وتقول الكاتبتان إنه "لذلك كان حزب الله قادرا على قيادة العمليات ضد الارهابيين على الحدود اللبنانية السورية، بالتنسيق مع الجيش اللبناني، وإرجاعهم في الوقت ذاته إلى الخلف".

وتنقل الصحيفة عن المحلل المقرب من حزب الله محمد عبيد، قوله: "اضطر حزب الله أن يؤدي هذا الدور؛ لأنه عندما لا تقوم الدولة اللبنانية بواجبها في حماية الناس، يجب على أحد ما القيام بذلك"، حيث قام حزب الله والجيش اللبناني في تلك الهجمات بطرد مقاتلي تنظيم القاعدة وتنظيم الدولة من عرسال والقلمون، وقال عبيد عن تلك العمليات: "هذا التنسيق لا يعني أن حزب الله يتحكم بقرارات الجيش اللبناني.. لكن (القتال) ليس سهلا على الجيش اللبناني وحزب الله في كل مكان".

ويفيد التقرير بأن الحزب تبقى له شعبية، خاصة في وجه ما يراه الكثير من اللبنانيين اعتداء سعوديا، لافتا إلى أن حزب الله يحتاج للحفاظ على دعم على مستوى البلد، حيث يصور الحزب نفسه بأنه مدافع عن الطوائف في البلد جميعها، ويسعى للحصول على حلفاء سنة داخل الحكومة وخارجها.

وتنوه الكاتبتان إلى أنه لطالما كان سعد الحريري، وهو سني، معاديا لحزب الله، إلا أنه عندما قدم استقالته يوم 4 تشرين الثاني/ نوفمبر، اتهم الأمين العام لحزب الله، حسن نصر الله الحكومة السعودية باحتجاز رئيس الوزراء اللبناني، وطالب بعودته مباشرة إلى الوطن، حيث يقول ويمن: "يريد حزب الله بالتأكيد حلفاء سنة.. بل إن آفاق الحركة بشكل عام، ظاهريا على الأقل، ليست طائفية".

وتذهب الصحيفة إلى أنه في الوقت ذاته، فإنه حتى بعض اللبنانيين الذين يقولون إنهم ليسوا منتمين للحزب، إلا أنهم مؤيدون أقوياء له، فيقول بلال بلوط من الجنوب، الذي يعمل جابيا للديون: "هناك من هو مع حزب الله لأسباب أيديولوجية، وهناك من يؤيد حزب الله لأنه يحمينا.. القوات اللبنانية تعمل ما بإمكانها، لكن حزب الله لديه جيش".

وتختم "واشنطن بوست" تقريرها بالإشارة إلى قول بلوط: "عندما تحصل على شعبية فإنك تحصل على نفوذ سياسي، وحزب الله يتحسن ويقوى كل يوم".