«فاينانشيال تايمز»: السعودية ستعاني لمواجهة نفوذ إيران في العراق

  • طباعة
  • PDF
  • مشاركة عبر الفيسبوك
  • مشاركة عبر تويتر
  • مشاركة عبر G+
  • مشاركة عبر انستقرام
  • مشاركة عبر تلغرام
  • مشاركة عبر الوتساب
  • عدد الزوار 2006
  • عدد التعلیقات 0
  • -
    +

ترجمة وتحرير شادي خليفة - الخليج الجديد
 حين تقدم تنظيم الدولة الإسلامية جنوبا نحو بغداد بعد الاستيلاء على الموصل، ثاني أكبر مدينة في العراق، اتجهت الحكومة إلى حلفائها للمساعدة.
وكانت الاستجابة الأولى من قبل إيران، التي أرسلت بسرعة أسلحة ومستشارين عسكريين لدعم الجيش العراقي المتعثر. وقد كشف هذا التحرك عام 2014 عن قوة العلاقات الإيرانية مع العراق، وقد أصبحت الميليشيات الشيعية المدعومة من إيران منذ ذلك الحين تشكل جزءا من جهود بغداد لطرد تنظيم الدولة من المدن، بما في ذلك الموصل.
والآن، مع تراجع الجهاديين، تتطلع إيران إلى تعزيز موطئ قدمها في البلاد. ولكن بعد أعوام من كونها اللاعب الإقليمي المهيمن في العراق، تواجه الآن منافسة مفاجئة على النفوذ من قبل المملكة العربية السعودية، منافستها الإقليمية الرئيسية وحليفة الولايات المتحدة. ويعني هذا أن العراق قد يتحول إلى ساحة الخلاف التالية بين طهران والرياض، بعد دعم كل منهما جانبا مختلفا في الحروب في سوريا واليمن.
وفي الأشهر الأخيرة، استضافت السعودية، القوة السنية الكبرى في المنطقة، «حيدر العبادي»، رئيس الوزراء العراقي، و«مقتدى الصدر»، رجل الدين الشيعي المؤثر في العراق. كما أعلنت الرياض وبغداد نيتهما فتح معبر عرعر الحدودي للمرة الأولى منذ 27 عاما.
ويشكل هذا التقارب تحولا في استراتيجية المملكة، التي بدا أنها قد انسحبت لأعوام عديدة من العراق لصالح إيران، ويعتبر هذا التحرك خطوة في اتجاه الحد من نفوذ طهران.
وقال مستشار للحكومة الإيرانية لصحيفة «فايننشال تايمز» إن العراق يعد جزءا حاسما من خطط الرئيس الإيراني «حسن روحاني»، لجعل العلاقات الإقليمية محور سياسته الخارجية.
وأضاف: «نعتبر زيادة نفوذنا في العراق على مختلف المستويات الأولوية الأولى والحيوية بالنسبة لنا. وينبغي ألا ندع العراقيين يتغيرون معنا. وتناقش القوى السياسية والعسكرية الإيرانية حاليا ما يمكن عمله لزيادة النفوذ وإلى أي مستوى».
وأضاف أنه يأمل أن يتم ذلك دون تصاعد التوتر مع الرياض. لكن إحدى الشكاوى الرئيسية للسعودية، وإدارة «ترامب»، ضد إيران ما تعتبره تدخلا من قبل طهران في الدول العربية.
واتهم «دونالد ترامب» إيران في خطاب ألقاه في الأمم المتحدة بأنها دولة مارقة تصدر «العنف وسفك الدماء والفوضى». وأشار الرئيس الأمريكي إلى أنه سوف ينسحب من الاتفاق النووي لعام 2015 الذي وقعته إيران مع القوى العالمية، متهما إيران بانتهاك روح الاتفاق بسبب تدخلاتها في الدول العربية بما فيها العراق وسوريا، وتطوير برنامج صواريخها الباليستية.
ورد «روحاني» قائلا: «إنه سيكون من المؤسف جدا أن يتم تدمير هذا الاتفاق من قبل القادمين الجدد على عالم السياسة».
وقد قدمت طهران دعما عسكريا حاسما للرئيس السوري «بشار الأسد» لمساعدته في تحقيق النظام للمكاسب في الحرب الأهلية المستمرة منذ 6 أعوام في البلاد.
لكن علاقات إيران مع العراق أصبحت الآن أعمق مما هي عليه في سوريا، سياسيا واقتصاديا وثقافيا. وقد ازدهرت علاقة الدولتين بعد أن أطاح الغزو الأمريكي عام 2003 بـ«صدام وجلب الأغلبية الشيعية في العراق إلى السلطة.
وترى طهران في الحرب ضد تنظيم الدولة في العراق أولوية أمنية، حيث يشترك البلدان في حدود طويلة، وقد أعلن التنظيم مسؤوليته عن شن هجومين في العاصمة الإيرانية في يونيو/حزيران الماضي، أسفرا عن مقتل 13 شخصا على الأقل. ويرأس وزارة الداخلية العراقية عضو في قوة بدر شبه العسكرية التي تدعمها إيران.
وتعتبر الجمهورية الإسلامية أيضا الراعي الرئيسي لبعض الميليشيات الشيعية القوية التي تهيمن على قوات الحشد الشعبي في العراق، وهي قوة متطوعين تم تنظيمها لمواجهة تنظيم الدولة عام 2014.
كما أصبح العراق مقصدا مهما للسلع الإيرانية، حيث بلغ حجم الصادرات غير النفطية التي تم شحنها إلى البلاد في العام المالي الماضي نحو 6.6 مليارات دولار.
وقال أستاذ جامعي إيراني في العلاقات الدولية: «إن للعراق قيمة متأصلة في إيران، وهي أهم بكثير من سوريا». وأضاف: «لا تستطيع إيران خسارة العراق، ولن تفعل ذلك، لكنها لن تموت إذا فقدت سوريا».
غير أن هيمنة طهران على العراق تواجه تحديا. وقد أظهر السيد «العبادي» مقاومة أكبر للنفوذ الإيراني من سلفه، «نوري المالكي»، الذي كان مؤيدا لإيران. وقد بذل رئيس الوزراء العراقي جهودا متكررة لكبح جماح الميليشيات الشيعية. كما كانت هناك دلائل على الاستياء من تأثير طهران داخل القاعدة الشيعية في العراق، خاصة وأن «مقتدى الصدر»، رجل الدين الشيعي، قد بدأ ينتقد إيران.
ويبدو أن الرياض قد بدأت تنتهج بعض الانفتاح في علاقاتها الخارجية، في الوقت الذي تنتهج فيه سياسة خارجية أكثر حزما، وذلك جزئيا لمواجهة النفوذ الإقليمي لإيران. وباستضافتها للسيد «مقتدى الصدر»، أوضحت السعودية أنها مستعدة للتعاون مع القادة الشيعة، قاعدة النفوذ الإيراني في العراق، وليس فقط مع حلفائها السنة التقليديين.
وكان المسؤولون السعوديون يعتبرون «المالكي» دمية في يد طهران، في حين اتهم «المالكي» الرياض بدعم المسلحين السنة العراقيين. وفي فبراير/شباط الماضي، زار وزير الخارجية السعودي «عادل الجبير» بغداد، في أول زيارة يقوم بها وزير خارجية سعودي للعراق منذ عام 1990.
وقال مسؤول خليجي بارز: «يمكننا رؤية أن هناك معركة هامة حول النفوذ في العراق. وقد فشلت الكثير من الرهانات على المجتمع السني (من قبل دول الخليج) في العراق. ولم تتمكن الجماعة السنية (العراقية) من الوصول إلى مجموعة قيادة ذات مصداقية».
ومع ذلك، أصر مستشار السياسة الخارجية الإيرانية على أن الرياض سوف تكافح من أجل تحدي هيمنة طهران.
وقال: «لدى السعودية المزيد من الأموال والتكنولوجيات العسكرية المتقدمة أكثر منا، ولكن لا يمكن بالضرورة ترجمة ذلك إلى نفوذ في العراق». وأضاف أن «لدى إيران أنصار في العراق وسوريا ولبنان، وهو ما يتم ترجمته إلى نفوذ».
المصدر | فاينانشيال تايمز