أمير قطر: مستعدون للحوار.. وأي حل يجب أن يحترم السيادة وألا يكون في صيغة إملاءات
دبي، الإمارات العربية المتحدة (CNN)-- قال أمير قطر الشيخ تميم بن حمد، الجمعة، في أول خطاب له منذ بداية الأزمة، إن الحياة في قطر تسير بشكل طبيعي منذ بداية "الحصار"، مشيدا بموقف الشعب القطري وتضامنه مع قيادته.
وأعرب أمير قطر عن أمله في "حل الخلافات بالحوار والتفاوض". وقال: "لقد آن الأوان لوقف تحميل الشعوب ثمن الخلافات السياسية بين الحكومات". وأضاف أن "أي حل لهذه الأزمة يجب أن يشمل ترتيبات تضمن عدم العودة إلى هذا الأسلوب الانتقامي في التعامل مع المواطنين الأبرياء عند حدوث خلاف سياسي بين الحكومات".
وتابع بالقول: "إننا منفتحون على الحوار لإيجاد حلول للمشاكل العالقة... وأي حل للأزمة يجب ان يقوم على مبدأين وهما أن يكون الحل في إطار احترام سيادة كل دولة وإرادتها وألا يوضع في صيغة إملاءات من طرف على طرف بل كتعهدات متبادلة والتزامات مشتركة ملزمة للجميع ونحن جاهزون للحوار والتوصل إلى حلول في القضايا الخلافية كافة في هذا الإطار".
وأشاد الشيخ تميم بجهود الوساطة التي يقوم بها أمير الكويت الشيخ صباح لأحمد الصباح، معربا عن أمله في أن تكلل جهود أمير الكويت بالنجاح. وأعرب أمير قطر عن تقديره "للمساندة الأمريكية للوساطة والمواقف البناءة لألمانيا وفرنسا وبريطانيا وأوروبا عموما وروسيا". كما أشاد بـ"الدور المهم الذي لعبته تركيا في إقرارها السريع لاتفاقية التعاون الاستراتيجية الموقعة بيننا والمباشرة في تنفيذها". ووجه الشكر إلى "كل من فتح لنا أجوائه ومياهه الإقليمية حينما أغلقها الأشقاء".
وقال الشيخ تميم: "نتحدث بعقلانية لتقييم المرحلة التي نمر بها وتخطيط المستقبل الواعد الذي أثبت شعبنا أنه أهل له وبوجدانية لأننا جميعا تأثرنا بروح التضامن والتآلف والتحدي التي سادت، وخيبت آمال الذي راهنوا على عكسها، لجهل بطبيعة مجتمعنا وشعبنا".
وأضاف: "الحياة في قطر تسير بشكل طبيعي منذ بداية الحصار، وقد وقف الشعب القطري تلقائيا وبشكل طبيعي وعفوي دفاعا عن سيادة واستقلال وطنه، لقد أصبح كل من يقيم على هذه الأرض ناطقا باسم قطر، وأشير هنا بكل اعتزاز إلى المستوى الأخلاقي الرفيع الذي يتمتع به هذا الشعب، في مقابل حملة التحريض والحصار الذي تلاها".
واعتبر أمير قطر أن "هذه الحملة والخطوات التي تلتها خططت سلفا، وأقدم مخططوها ومنفذوها على عملية اعتداء على سيادة قطر، بزرع تصريحات لم تقل، لتضليل الرأي العام ودول العالم، وبغرض تحقيق غايات محددة سلفا".
وقال: "لم يدرك من قام بهذه الخطوات أن شعوب العالم لا تتقبل الظلم بهذه البساطة والناس لا يصدقون من لا يحترم عقولهم وثمة حدود لفاعلية الدعاية الموجهة التي لا يصدقها أصحابها أنفسهم، ولذلك فإن الدول العربية وغير العربية التي لديها رأي عام تحترمه وقفت معنا أو على الأقل لم تقف مع الحصار على الرغم من الابتزاز الذي تعرضت له".
ورأى أمير قطر أن "الدول التي اتخذت هذه الخطوات اعتمدت على مفهوم تهمة الإرهاب في الغرب وعلى تملق مشاعر بعض القوى العنصرية في المجتمعات الغربية وأفكارها المسبقة، ولكن سرعان ما تبين لهم أن المجتمعات الغربية، مثلنا، لا تقبل أن تُطلق تهمة الإرهاب لمجرد الخاف السياسي أو لأغراض مثل قمع التعددية في الداخل أو لتشويه صورة دول أخرى وعزلها عن الساحة الدولية".
وقال: "هذا السلوك عدا عن كونه ظلما، يلحق في النهاية ضررا بالحرب على الإرهاب، كما أن المؤسسات الغربية السياسية والمدنية والإعلامية ترفض الإملاءات مثلما نرفضها، وتبين ذلك من رد الفعل الدولي على الشروط التي حاول البعض فرضها علينا، ولا سيما التحكم بعلاقاتنا الخارجية، وتحديد استقلالية سياساتنا، وإغلاق وسائل الإعلام والتحكم بحرية التعبير في بلادنا"
وأضاف: "نحن نعرف أنه وجدت وتوجد حاليا خلافات مع بعض دول مجلس التعاون الخليجي بشأن السياسات الخارجية المستقلة التي تنتهجها قطر، ونحن أيضا بدورنا لا نتفق مع السياسة الخارجية لبعض الدول الأعضاء في مجلس التعاون، ولا سيما في الموقف من تطلعات الشعوب العربية والوقوف مع القضايا العادلة، والتمييز بين المقاومة المشروعة للاحتلال وبين الإرهاب وغيرها من القضايا، لكننا لا نحاول أن نفرض رأينا على أحد، ولكم نعتقد أن هذه الخلافات قد تفسد للود قضية".
وتابع أمير قطر بالقول: "اعتقد بعض الأشقاء أنهم يعيشون وحدهم في هذا العالم، وأن المال يمكنه شراء كل شيء، فارتكبوا بذلك خطأ آخر، إذ ذكرتهم دول ومؤسسات عديدة أنهم ليسوا وحدهم وأن الكثير من الدول لا تفضل المصلحة الآنية على المبدأ والمصلحة البعيدة المدى، وتبين لهم أن حتى الدول الفقيرة لديها كرامة وإرادة، وأنه لا يمكنهم فرض أمور تجاوزها التاريخ، لقد حاولوا المس بمبدأين ضحت من أجلهم الإنسانية وهما مبدأ سيادة الدول وإرادتها المستقلة، وحرية التعبير والحق في الوصول إلى المعلومة، فلا معنى لحرية التعبير إذا لم يكن لدى المواطن الحق في الحصول على المعلومة".
واعتبر الشيخ تميم أن "احتكار المعلومة هو الذي كسرته قطر بالثورة الإعلامية التي أحدثتها ولم يعد ممكنا العودة إلى الخلف، فقد أصبحت هذه الثورة إنجازا للشعوب العربية كلها". وقال: "لقد شعرنا بالحزن ونحن نتابع كيف تقوم بعض الدول باتباع أسلوب التشهير والافتراء على قطر بنوع من الوشاية السياسية ضدها في الغرب، فهذا في كل الأعراف عيب، لأن الادعاءات غير صحيحة ولأنها مساس بغير حق بدولة شقيقة، ألا نعلم أبنائنا منذ الصغر أن الوشاية والكذب هما رذيلتان من أسوأ الرذائل، أليس التشهير وتلطيخ السمعة جريمة يحاسب عليها القانون في جميع الدول المتحضرة".
وأضاف: "قطر تكافح الإرهاب بلا هوادة ودون حلول وسط، وثمة اعتراف دولي بدور قطر في هذا المضمار، وهي تفعل هذا ليس لأنها تريد أن ترضي به أحدا في الشرق أو الغرب بل لأنها تعتبر الإرهاب بمعنى الاعتداء على المدنيين الأبرياء لغايات سياسية جريمة بشعة ضد الإنسانية ولأنها ترى أن القضايا العربية العادلة تتضرر من الإرهاب، فهو يمس بالعرب والإسلام والمسلمين".