غياب سلمان عن قمة العشرين في هامبورغ لاسباب غامضة تطرح الكثير من علامات الاستفهام..
لماذا اوفد وزير المالية لتمثيله وليس ولي عهده؟ وهل هناك “مفاجآت” استدعت بقاءه في المملكة ولها علاقة بالازمة القطرية؟
توقف الكثيرون باهتمام شديد عند التصريح الصحافي المقتضب الذي ادلى به المتحدث باسم الحكومة المانية شتيفن زايبرت اليوم الاثنين، واعلن فيه ان العاهل السعودي الملك سلمان بن عبد العزيز لن يحضر قمة مجموعة العشرين التي ستعقد في مدينة هامبورغ يومي السابع والثامن من الشهر الحالي.
ما يثير الاستغراب أيضا ان الانباء الاولية تشير الى انه قرر ايفاد السيد محمد الجدعان، وزير المالية، لحضور هذه القمة نيابة عنه، فقد كان من المتوقع ان يتولى الأمير محمد بن سلمان هذه المهمة، ليس لانه ولي العهد، وانما لتوليه الملف الاقتصادي السعودي باعتباره صاحب رؤية 2030، ولان هذه القمة التي يحضرها 20 زعيما عالميا بما فيها زعماء روسيا وامريكا وأوروبا فرصة ذهبية للتواصل وتبادل الآراء.
المملكة العربية السعودية تعيش حاليا “زحمة” من الاحداث السياسية والاقتصادية والأمنية، تفرض اعباءا إضافية على اهل الحكم فيها، ولكن ندرة المعلومات وغياب الشفافية، فتح الباب على مصراعيه امام التكهنات والاشاعات، خاصة على وسائط التواصل الاجتماعي.
هناك ثلاثة تفسيرات حتى الآن توضح أسباب هذا الغياب من قبل العاهل السعودي ونجله عن قمة تعتبر على درجة عالية من الاهمية، بالنسبة الى المملكة التي تتباهى بين اقرانها بانتمائها اليها، وتعكس مكانتها الاقتصادية المتقدمة في الشرق الأوسط والعالم.
الأول: يقول بأن الأوضاع الصحية للملك سلمان ليست في افضل احوالها، ويشير أصحاب هذا التفسير الى اختفائه عن المسرح السياسي السعودي اكثر من أسبوع بعد إصداره مرسوم عزل الأمير محمد بن نايف من ولاية العهد، وتعيين نجله الأمير محمد بن سلمان مكانه، وضرب هؤلاء مثلا بعدم حضوره مراسم تقديم العلماء والامراء والوزراء وكبار رجال الدولة البيعة لولي العهد الجديد، ولكن هناك من يوضح ان العرف المتبع يقتضي عدم حضور الملك.
الثاني: انشغال العاهل السعودي بالازمة الخليجية، وتطوراتها خاصة ان المهلة التي أعطيت لدولة قطر للالتزام بالنقاط الـ13 التي طرحت عليها انتهت، ثم جرى تمديدها ليومين، وينتهي هذا التمديد مساء غد الثلاثاء، الامر الذي يتطلب وجوده لاحتمال حدوث تطورات تصعيدية ضد قطر، اقتصادية، وربما عسكرية أيضا.
الثالث: تزايد التوقعات داخل السعودية، وخارجها، بصدور مراسيم ملكية سعودية جديدة لاستكمال التغييرات في قمة الحكم، وترتيب مؤسساته بما يعزز مكانة ولي العهد الجديد، علاوة على تسريب انباء عن حدوث حالة من “التذمر” في أوساط بعض اجنحة الاسرة الحاكمة تجاه خطوة عزل الأمير بن نايف الذي قالت صحف أمريكية وبريطانية بينها “نيويورك تايمز″، انه ممنوع عليه مغادرة قصره في مدينة جدة، ويعتقد خبراء في شؤون الاسرة السعودية الحاكمة ان استمرار الأمير متعب بن عبد الله على رأس “الحرس الوطني” يشكل “تهديدا” لسلطة الأمير بن سلمان المستقبلية لان هذا الحرس يشكل جيشا موازيا ويتكون في معظمه من أبناء القبائل، وقياداته من “امراء مهمشين” او من خارج دائرة ابناء واحفاد الملك المؤسس عبد العزيز آل سعود، او بالأحرى الافرع الثانية من آل سعود، وهناك من يقدر تعداد منتسبي الحرس الوطني بأكثر من 150 الف شخص، ويتدرج تسليحه من البنادق الخفيفة الى الدبابات والمدرعات والطائرات المروحية، ولكن الأمير متعب بايع الأمير بن سلمان على السمع والطاعة، وهناك من يقول انه سيتقبل الوضع مثلما تقبله الأمير بن نايف.
ما نريد الوصول اليه هو ان غياب العاهل السعودي عن قمة العشرين في هامبورغ نهاية هذا الأسبوع، كان غيابا سياسيا، وبهدف التواجد في الداخل لاستكمال ترتيب مؤسسات الحكم، وربما يكون من بينها التنازل لولي عهده عن العرش أيضا، وتنصيبه ملكا تحت ذرائع عديدة من بينها المرض والتقدم في السن.
عاصفة تعيين الأمير محمد بن سلمان وليا للعهد هدأت قليلا، وعلى السطح خصوصا، ومن غير المستبعد ان يكون الهدوء الحالي مضللا، ويمهد لعواصف أخرى، صغيره او كبيرة، لان عملية التغيير لم تكتمل بعد، ولم تكن بالسلاسة التي يجري الحديث عنها في الأوساط الإعلامية الرسمية تحديدا، حسب ما تفيد التقارير الغربية، والمملكة في انتظار مفاجآت جديدة على اكثر من صعيد.
“راي اليوم”