العلاقات الرسمية السعودية المصرية تتحسن لكن نظيرتها الشعبية مرشحة للتوتر

  • طباعة
  • PDF
  • مشاركة عبر الفيسبوك
  • مشاركة عبر تويتر
  • مشاركة عبر G+
  • مشاركة عبر انستقرام
  • مشاركة عبر تلغرام
  • مشاركة عبر الوتساب
  • عدد الزوار 1789
  • عدد التعلیقات 0
  • -
    +

بعد قرار قضائي مفاجيء بعودة جزيرتي “تيران” و”صنافير” للسيادة السعودية.. جدل قضائي.. وغضب شعبي مصري.. وصداع متوقع لحكومة السيسي
اذا أراد المرء ان يتعرف على طبيعة العلاقات المصرية السعودية، وتحسنها او تدهورها، فإن عليه ان يتابع احكام القضاء المصري وتعاطيها مع مسألة اتفاقية ترسيم الحدود بين القاهرة والرياض، التي تعطي السعودية حق السيادة على جزيرتي “تيران” و”صنافير” في مدخل خليج العقبة.
فموقف القضاء المصري من هاتين الجزيرتين هو “التيرموميتر” الذي يقيس درجة حرارة العلاقات السعودية المصرية صعودا او انخفاضا، ويؤشر الى طبيعة مواقف السلطات المصرية في هذا المضمار.
نشرح اكثر ونقول انه في ذروة تأزم العلاقات المصرية السعودية لاسباب عديدة ابرزها رفض الرئاسة المصرية للطريقة “المتعجرفة” التي تتعامل معها القيادة السعودية من خلالها، حسب ما جاء في الاعلام المصري الحكومي، أصدرت محكمة القضاء الإداري، وهي اعلى محكمة في السلم القضائي المصري، حكما نهائيا بإبطال تنفيذ اتفاقية ترسيم الحدود، والتأكيد على “مصرية” جزيرتي “تيران” و”صنافير”، والدستور المصري ينص على ان احكام هذه المحكمة قاطعة لا يجوز ابطال تنفيذها الا بحكم آخر من المحكمة نفسها.
العلاقات المصرية السعودية تتحسن بشكل مضطرد هذه الأيام، ونتيجة ضغط من إدارة الرئيس ترامب على الحكومة السعودية لانهاء القطيعة بين البلدين، ومساعدة الحكومة المصرية لمواجهة متاعبها الاقتصادية، واستئناف المنحة النفطية، وفي هذا الاطار التقى الرئيس عبد الفتاح السيسي العاهل السعودي الملك سلمان بن عبد العزيز على هامش قمة عمّان التي انعقدت يومي الأربعاء والخميس الماضيين، واتفقا على تبادل الزيارات بعد قطيعة قاربت العام، واجرى وزير الخارجية السعودي عادل الجبير اتصالا هاتفيا بنظيره المصري سامح شكري السبت لبحث ترتيبات زيارة الرئيس السيسي الى الرياض بدعوة من الملك السعودي.
هذا التحسن في العلاقات يتطلب حكما قضائيا جديدا يؤكد على سريان اتفاقية ترسيم الحدود مجددا، التي تصر السعودية على سريانها، وتطبيق ما ورد فيها من بنود، وبما يوفر لمجلس الشعب المصري (البرلمان) الغطاء الشرعي لمناقشة الاتفاقية واعتمادها بشكل نهائي ونقلها الى حيز التنفيذ.
المحامي اشرف فرحات رفع دعوى امام محكمة الأمور المستعجلة التي قامت بدورها بتأييد طلبه “بعدم الاعتداد بحكم المحكمة الإدارية العليا الصادرة يوم 6 كانون الثاني (يناير) الماضي، واستمرار سريان معاهدة ترسيم الحدود”، مما يعيد الجدل مجددا الى البرلمان والشارع المصري معا.
المحامي خالد علي الذي يعتبر مقدم الدعوى ببطلان هذه المعاهدة امام المحكمة الإدارية العليا قال على صفحته على “الفيسبوك” “ان حكم المحكمة المستعجلة باطل وغير دستوري، لانها محكمة غير مختصة بحكم الدستور واحكام المحكمة الإدارية نهائية قاطعة”.
من الواضح ان المملكة العربية السعودية تصر إصرارا قويا على إعادة السيادة السعودية على جزيرتي “تيران” و”صنافير”، كشرط لعودة العلاقات الاستراتيجية بين البلدين الى صورتها السابقة، وتنفيذ كل المعاهدات الموقعة، والا لجرى تلافي هذا الجدل القانوني، او تجميده، ولو بصورة مؤقتة، لتخفيض الضغط الشعبي على الرئيس السيسي، فهذه الجزر ظلت خاضعة للسيادة المصرية لاكثر من مئة عام على الأقل، ودون وجود أي اعتراض، وصمت سعودي، خاصة عندما كانت تحت الاحتلال الاسرائيلي، ويمكن ان يظل الحال كذلك لعدة أعوام قادمة، فهي جزر جرداء غير مأهولة، لا للطيور، ولا توجد فيها (حتى الآن على الاقل) أي معادن او احتياطات نفطية او غازية، ومرة أخرى نجدد القول ان المملكة العربية السعودية ومصر تملكان آلاف الجزر الجرداء في البحر الأحمر.
الشعب المصري منقسم حول مسألة السيادة على هذه الجزر، والغالبية العظمى منه تؤيد مصريتها ومعها النخبة السياسية والثقافية التي ايدت الرئيس السيسي، وانتخابه رئيسا للجمهورية، واطاحة حكم الاخوان المسلمين، ولا نعرف حقيقة مشاعر الشعب السعودي، فحرية التعبير ليست مثالية، وتغريدة واحدة لا ترضى عنها الدولة يمكن ان تؤدي بصاحبها الى السجن لسنوات، ومنع السفر والتغريد لسنوات، وفوق هذا وذاك غرامة مالية.
نحن في هذه الصحيفة “راي اليوم” نعتبر هذه الجزر عربية، ولا يهمنا تحت أي سيادة تكون، وكنا وما زلنا نفضل تأجيل النظر في هذا الملف الشائك الذي يؤدي الى توتير العلاقات بين شعبين شقيقين لمعرفتنا مدى حساسية هذا الملف، ولدى الشعب المصري على وجه الخصوص، ولكن يبدو ان هناك جهات لا تريد الوفاق، وتصب الزيت دائما على نار الخلافات لزيادتها اشتعالا.
“راي اليوم”