وزير الإعلام السعودي لـ”الإيكونوميست”: الإسلام السياسي مسؤول عن تدمير آثار مكة
إيكونوميست – التقرير
مقتبل عام 2010، انخرطت الصحف وتدوينات مثقفي السعودية في الجدل بشأن موجة ناطحات السحاب جوار الكعبة، وبينما شجع البعض برج ساعة مكة الملكي كأحد مظاهر الحضارة العمرانية الحديثة، رفضها المدافعين عن التراث والتاريخ السعودي.
وأبرزت الروائية السعودية رجاء عالم، خلال روايتها الأخيرة “طوق الحمام” تدمير المناطق التاريخية، مشيرة إلى مدى تضاؤل الكعبة بجانب عمالقة الزجاج والحديد، وأضافت الروائية في تصريحات صحفية: “قبل ظهور الإسلام لم يجرؤ عربي على العيش بمحيط ما نسميه الحرم، معتقدين أن الأنشطة البشرية تدنس بيت الله”.
راودت أحلام العمارة الحديثة السعودية مُقتبل عام 2007، وتمنى الأمير خالد بن فيصل آل سعود تعويض الإخفاقات السابقة من خلال النمو العمراني، حيث شملت خططه إقامة الأبراج الحديثة في مدينة (أبها) لتتحول المدينة القديمة -والتي يصنفها السياح بمملكة الجبال وموطن الخيال لضمها العديد من المعالم الأثرية والأسواق الشعبية- إلى مبانٍ شاهقة يصعب النظر إليها.
والآن، تطل ما كانت تدعى “مكة القديمة” من شرفات ورواق، وتراث كامل للتاريخ الإسلامي، على أكبر مشروع تنمية للسعودية وفقا لـ”دعاية الأمير للمشروع”، وبذلك اعتلت ناطحات السحاب أقدس مكان للإسلام، وانتشرت البيوت المرفهة جوار بيوت زوجات الصحابة والخلفاء.
واليوم، تستثمر مجموعة من الأسر الملكية مئات الملايين من الدولارات لإقامة برجين 50 طابقا على موقع بيت الخليفة الثالث للنبي، هذه هي وتيرة السعودية لإخفاء شاعرية وقدسية مكة.
وفي ظل الانتقادات، تلجأ مكة اليوم لحلول بديلة للحفاظ على التراث الإسلامي، ويقول السيد الصيرفي -أحد مطوري المدينة – إنه يعمل اليوم على تصميم درب التراث، حيث تظهر لنا خرائط تتبع المدينة القديمة غير الموجودة، كما تقوم بتسليط الضوء على منازل الخلفاء الأولى.
ويدعم ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، خطة تسليط الضوء على التراث السعودي الإسلامي. وانتقد وزير الإعلام عادل الطريفي في مقابلة أجريت معه مؤخرا، “المتطرفين والإرهابيين” العازمين على الهدم الثقافي. ويقول الطريفي إن الأماكن كانت مليئة بالثقافة والموسيقى والتقاليد المختلفة، والتي قام بتدميرها الإسلام السياسي. وقد تكون الكعبة مكانا جيدا لبدء الدفاع عن التراث، حسب قوله.
يقول المسؤولون إن الهدم هو الثمن الحتمي للتوسع. ويستاءل أنس صيرفي، مهندس معماري وعضو مجلس التطوير، قائلا: “كيف لمكة استيعاب ملايين الحجاج دون التوسع”، مبررًا اقتراب التوسع العمراني من الكعبة لتقليل حوادث الإصابات المكررة خلال موسم الحج السنوات الأخيرة.
ويرى الملك سلمان، أن الاقتصاد السعودي عليه النمو وتحويل اعتماده من البترول لمجالات أخرى، كما يقوم بإنفاق الملايين على السكك الحديدية والبنية الأساسية والفنادق، خوفا من انخفاض عائدات الحج والبترول السنوات المقبلة.
وتشير الصحيفة البريطانية إلى محاولات العائلة المالكة إنهاء محو مهمة بدأت في القرن الـ18، عندما قامت عدة قبائل بدوية وآل سعود بالتحالف ضد العثمانيين، وإعلان الجهاد، حيث حرض سلالة من الإسلام اليميني المعروف بالوهابية الجهاد ضد الحكم العثماني. وعقب انهيار الدولة بعد الحرب العالمية الأولى اتحدت الوهابية ضد شعائر الإسلام الأخرى المنتشرة بالجزيرة العربية، كجزء من حملة التوحيد الإقليمي والروحي. ثم دعا محمد عبد الوهاب للتوحيد وغزو مكة عام 1924، وكان الملك عبد العزيز قام بتوحيد المملكة العربية السعودية بخوضه لعدة معارك بداية من 1902 حتى 1932.
وتصف “الايكونوميست”، التوحيد بالخاوي، حيث انتقد البعض الخليط الغير المتجانس من المذاهب الإسلامية نتيجة للتوحيد الإجباري تحت المذهب الوهابي، مما ساعد على انتشار التطرف اليميني وهدم الأضرحة -أضرحة يقدسها الشيعة والسنة في التقاليد العربية الإسلامية قديما- والقضاء على العشرات من الأماكن المقدسة الأثرية بالمدينة، تاركين الكعبة على قيد الحياة وحيدة محاصرة بـ”ناطحات السحاب”.