دول الخليج قلقة ليس فقط بسبب تركها من قبل الولايات المتحدة بل ايضا من احتمال استبدال التحالف معها بالتحالف والتعاون مع ايران
بقلم: د. رؤوبين باركو
التصريحات الغريبة لبراك اوباما في هذا الاسبوع، التي تحذر من الاضرار بالممتلكات والارواح اذا حدثت مواجهة شاملة ضد الاسلام، ودعوته الى تفكيك معتقل غوانتنامو، تعكس الانفصال عما يحدث في الشرق الاوسط، باستثناء الحرب الشاملة ضد المنظمات المتطرفة الاسلامية، لا أحد يفكر في الدخول في حرب ضد الاسلام، لا كأشخاص ولا كدول. وعشية انهاء ولايته يتبين أن هناك أمل جديد، اضافة الى المخاوف في دول المنطقة.
احدى علامات الخوف والأمل هي اجتماع مجلس التعاون الخليجي مدة يومين، الذي انتهى أمس في المنامة عاصمة البحرين. وتميز الاجتماع بالخوف من اهمال الولايات المتحدة لاصدقائها العرب. ويتبين أن دول الخليج التي يسيطر فيها الاسلام السني تريد أن تدافع عنها الولايات المتحدة، لا أن تتصارع معها، وهي تأمل أن يغير ترامب هذه السياسة في صالح هذه الدول.
إن الخوف السائد في الخليج ليس الخوف من غياب الولايات المتحدة، بل هو تحالفها مع ايران من اجل ترتيب الوضع الاقليمي. وينتظر الخليج الآن عودة القوة العظمى رقم واحد لقيادة المنطقة. وهناك آمال كبيرة معلقة على الرئيس.
مجلس التعاون الخليجي يشمل ست دول هي الكويت والسعودية والامارات العربية وعُمان والبحرين وقطر. وقد تأسس المجلس في 25 أيار 1981 في أبو ظبي في اعقاب الحرب الايرانية العراقية التي كشفت عن احتمال اصابة هذه الدول وخطر سقوطها فريسة، لا سيما من قبل ايران. وهذا التحالف يسعى الى تعزيز دول الخليج عن طريق تعزيز العلاقات الامنية والاقتصادية بينها في صالح الدفاع الموحد أمام التهديد الخارجي للاراضي والاماكن المقدسة والثروة.
الاجتماع الـ 37 الذي تم في هذا الاسبوع يعكس اليقظة والاستعداد من اجل الدفاع أمام التنظيمات الارهابية والتكفيرية الداخلية، وايضا أمام اعتداء ايران المتزايد.
لقد أشار المشاركون في الاجتماع الى الفوضى الاقليمية بسبب تدخل ايران وروسيا، على خلفية غياب الولايات المتحدة من الساحة. الأنباء الصحفية التي رافقت الاجتماع تحدثت عن الكارثة في حلب وحذرت من أن كتيبة هندسة مصرية تساعد النظام السوري، وأن الطائرات الايرانية أضرت بجيش تركيا. وحسب اقوالهم فان غياب الولايات المتحدة يفسر تدخل ايران فيما يحدث في سوريا والعراق واليمن وليبيا، ودخول قوات معادية اخرى مثل روسيا الى الفراغ الذي نشأ.
اضافة الى تدخل ايران في دول المنطقة، تزداد مؤخرا زعرنة ايران ضد دول الخليج التي تتضمن استفزاز مبشرين شيعة من ايران اثناء الحج في السعودية، والكشف عن شبكات تجسس وتآمر ايرانية في السعودية ودول عربية اخرى، واحتلال جزر ومواقع في الخليج، وإبحار استفزازي ومساعدة عسكرية علنية للحوثيين الذين يستهدفون المناطق السعودية ويطلقون الصواريخ باتجاه مكة والمدينة.
إن محاولة اقامة جسم عسكري مشترك لدول الخليج، فشلت أمام تحدي المتمردين الحوثيين في اليمن، الامر الذي يشير الى دخول ايران العنيف الى شبه الجزيرة. الاستنتاجات الاولية في وسائل الاعلام العربية تتحدث عن فشل دول الخليج في التغلب على خلافاتها الداخلية ومصالحها. وجانب رمزي للاغتراب كان استبعاد قناة “الجزيرة” التابعة لقطر عن هذا الاجتماع. وعلى الرغم من ذلك فقد حظي هذا الحدث بنقطة ارتكاز هامة هي مشاركة رئيسة الحكومة البريطانية، تيريزا ماي، في الاجتماع واعلانها الحاسم عن انشاء خريطة طريق للتعاون الاستراتيجي، حيث أن “أمن دول الخليج ضد داعش وضد ايران هو أمن بريطانيا نفسها”.
لقد ظهرت في الاجتماع “بريطانيا العظمى” كركيزة للعرب. وطالب المجتمعون ايران بالتوقف عن تدخلها في الارهاب والتدخل في الشؤون الداخلية لدول الخليج. وتم الاتفاق على أنه ليس هناك حل عسكري في سوريا والعراق، باستثناء المفاوضات. وأنه يجب مساعدة العراق ضد داعش، وأن هناك حاجة لجهود دولية من اجل ايجاد حل لليمن. وحول المشكلة الفلسطينية، التي كما يقول أبو مازن هي في قلب الأمة العربية والاسلامية، لم يتحدث العرب المجتمعون ولا البريطانيون (الذين قال عنهم في خطابه “مجرمو بلفور”).