التحديات والملفات الشائكة أمام قادة دول الخليج في قمة المنامة
عبداللطيف التركي – التقرير
تنعقد القمة الخليجية يومي 6 و7 ديسمبر/كانون أول المقبل، ويلتقي فيها قادة الدول الست، مع رئيسة وزراء بريطانيا تيريزا ماي، في ظل تغييرات كبيرة تشهدها المنطقة، وحالة ترقب لما سيفعله الرئيس الأمريكي الجديد، دونالد ترامب، وتصريحاته المثيرة للجدل التي قال فيها إنه سيجعل دول الخليج العربي تدفع أموالاً مقابل تقديم الحماية الأمريكية لها، والتي أثارت موجة من الانتقادات الخليجية الحادة، وتطورات ما يجري في العراق وحرب الموصل، وقرار البرلمان العراقي ضم ميلشيا الحشد الشعبي للجيش العراقي، وأحداث سوريا والمكاسب التي حققها نظام بشار الأسد على الأرض، بالتحالف مع روسيا وإيران، إضافة إلى استمرار الحرب في اليمن وفشل الهدنة الأخيرة.
تحديات كبيرة
قادة دول الخليج الستة أمام تحديات كبيرة ومعقدة، وتتطلب خطوات عملية للارتقاء بدور مجلس التعاون، وتنفيذ قراراته وتوصياته، وهناك آمال عريضة للانتقال من “التعاون” إلى “الاتحاد”، وهي الدعوة التي وجهها العاهل السعودي الراحل الملك عبد الله بن عبد العزيز، خلال قمة الرياض في ديسمبر/كانون أول 2011، عندما طالب انتقال دول الخليج من مرحلة التعاون إلى الاتحاد، ولكن هذا التوجه تؤيده دول المجلس وتعارضه سلطنة عمان.
“قدرنا جميعًا”
نائب رئيس الإمارات، رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، محمد بن راشد آل مكتوم، قال إن مجلس التعاون الخليجي “قدرنا جميعًا”، فيما قال ولي ولي العهد السعودي محمد بن سلمان، إن دول الخليج أمامها فرصة أن تتكتل وتصبح أكبر سادس اقتصاد في العالم، وهناك مطالبات بتفعيل دور المجلس وهيئاته ولجانه لـ”تحقيق التكامل الاقتصادي في شتى القطاعات والتنسيق الأمني والدفاعي، الذي يحقق الأمن والاستقرار والسلام في المنطقة”.
سلطنة عُمان
وزير شؤون مجلس الشورى والنواب البحريني غانم البوعينين، قال إن ملف الاتحاد الخليجي سيكون حاضرًا في قمة قادة دول مجلس التعاون التي تستضيفها بلاده الشهر المقبل، مشيرًا إلى أن “الاتحاد قد يتم من دون سلطنة عُمان”، وأضاف “البوعينين” أن “موقف عُمان من الاتحاد معروف ويُحترم، ولكن يجب ألا نقف عند هذا الحد، وقد يكون هناك اتحاد ويبقى مجلس التعاون موجودًا لمن يرغب”، وأكد أنه في حال أُقيم الاتحاد الخليجي سيكون متقدمًا كثيرًا عن “مجلس التعاون”.
الخطوات المطلوبة
وتابع “البوعينين”: “بمعنى أن الدول التي ترغب في الانضمام للاتحاد بالخطوات السياسية والاقتصادية وغيرها ستكون في حال متقدمة من مرحلة التعاون، ومن يريد أن يكون في التعاون فليبق، وعُمان مقدرة، ومن دون شك حكمة عُمان لا يُستغنى عنها، ولكن يجب ألا نقف عند موقف واحد، وأعتقد أن هناك دائمًا حلولاً يمكن أن توصلنا إلى الاتحاد الخليجي”.
الاتحاد الخليجي
وأشاد الوزير البحريني بنتائج التقارير التي تُرصد بشأن الاتحاد الخليجي من دول المجلس، وقال: “هناك توجه جيد من الدول الأعضاء لهذا المشروع”، وشهدت الفترة القليلة الماضية جهودًا لتكثيف التعاون الخليجي، لاسيما على الأصعدة الأمنية والعسكرية والاقتصادية، حيث جرت عدد من التمارين العسكرية والأمنية المشتركة إلى جانب اجتماعات اقتصادية، واختتمت دول الخليج العربي، تمرينًا مشتركًا لأجهزتها الأمنية في البحرين، عقد للمرة الأولى بهدف التدريب على مواجهة “المخططات الإرهابية”.
خمس أولويات
دول المجلس، أعلنت يوم 10 نوفمبر/تشرين ثان الجاري، خلال الاجتماع الأول لـ”هيئة الشؤون الاقتصادية والتنموية” لمجلس التعاون، اتفاقها على “خمس أولويات أساسية تحظى بالاهتمام والمتابعة الفورية” لإحداث “نقلة نوعية” لمسيرة التنمية الاقتصادية في بلدانها، وحول الرسالة الخليجية بشأن اختتام التمرين الأمني المشترك الذي شهدته البحرين هذا الشهر بحضور مسؤولين من دول الخليج، قال “البوعينين”: “همنا من هذا التمرين هو الجانب الإيراني، لأننا في دول الخليج محددين من هو عدونا الحالي وهو إيران”.
العلاقات البحرينية الإيرانية
وأردف: “نحن لا نخلق أعداء، ولكن مواقفهم وتدخلاتهم (إيران) في شؤون البحرين واضحة جدًا ولا تحتمل التأويل، والتمرين الخليجي المشترك هو خاتمة وبداية أيضًا لأمر جديد، خاتمة لعمل مشترك انطلق منذ ٢٠١١ بعد أن تشرفت البحرين بحضور الأشقاء الخليجيين من قوات درع الجزيرة لأرضها”، وتشهد العلاقات البحرينية الإيرانية تجاذبات سياسية على خلفية اتهامات المنامة لطهران بالتدخل في الشأن الداخلي البحريني، ودعم المعارضة “الشيعية” بالبلاد.
ضيف الشرف
القمة الخليجية في المنامة، يلتقي فيها قادة الدول الست، رئيسة وزراء بريطانيا تيريزا ماي، وبذلك تكون تيريزا ماي ثاني زعيم أوروبي يحضر قمة خليجية، وذلك بعد فرانسوا أولاند الذي سبق أن حلّ ضيف شرف على القمة التشاورية بالرياض في مايو/أيار 2015.
مسيرة المجلس
وجدول أعمال القمة واللقاء المرتقب مع تيريزا ماي، استعرضه محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الإمارات، رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي خلال استقباله في دبي عبداللطيف بن راشد الزياني أمين عام مجلس التعاون الخليجي، بحسب وكالة الأنباء الإماراتية الرسمية، واستعرض الجانبان مسيرة المجلس والإنجازات التي تحققت لشعوب الدول الأعضاء خاصة في المجالات الاجتماعية والاقتصادية والأمنية.
التنسيق الأمني والدفاعي
كما تم خلال اللقاء استعراض “حرص القادة والزعماء على تفعيل دور المجلس وهيئاته ولجانه في تحقيق التكامل الاقتصادي في شتى القطاعات والتنسيق الأمني والدفاعي، الذي يحقق الأمن والاستقرار والسلام في المنطقة”، وقد “استمع بن راشد إلى تقرير الزياني حول مسيرة المجلس والخطوات التي قطعتها الدول الأعضاء، وصولاً إلى الأهداف الوطنية المشتركة لشعوبها، ولاسيما على الصعيدين الاقتصادي والأمني، فضلاً عن التنسيق السياسي الكامل في المؤتمرات والاجتماعات والهيئات الاقليمية والدولية”.
مظلة واقية
وأكد نائب رئيس الإمارات، دعم بلاده مسيرة المجلس الذي اعتبره “مظلة واقية تحمي مقدرات ومكتسبات دولة وشعوب على مختلف الصعد وفي جميع الميادين”، وقال إنه “قدرنا جميعًا”.
حل سلمي
وزراء خارجية دول مجلس التعاون الخليجي عقدوا اجتماعًا، في مملكة البحرين، للتحضير للقمة الخليجية المقرر عقدها ديسمبر/كانون أول المقبل بالمنامة، بحثوا خلاله التطورات الإقليمية والدولية، وأعقب وزارء خارجية الخليج الاجتماع التحضيري، باجتماع آخر مع نظيرهم اليمني عبدالملك المخلافي، تم خلاله بحث التطورات باليمن، وأكدوا دعمهم “حل سلمي” للأزمة اليمنية.
مسيرة العمل الخليجي المشترك
وقالت وكالة الأنباء البحرينية الرسمية، إن وزير الخارجية الشيخ خالد بن أحمد بن محمد آل خليفة، افتتح أعمال الدورة 141 للمجلس الوزاري لمجلس التعاون التحضيرية للقمة الخليجية السابعة والثلاثين التي ستعقد في ديسمبر المقبل بالبحرين، وبحسب الوكالة، بحث الاجتماع ما تم إنجازه في إطار تحقيق التكامل والتعاون في مسيرة العمل الخليجي المشترك.
التطورات السياسية الإقليمية والدولية
كما تدارس وزراء الخارجية “آخر التطورات السياسية الإقليمية والدولية، ومستجدات الأوضاع في المنطقة بما في ذلك الأوضاع في سوريا وليبيا والعراق، والجهود الدولية المبذولة لمكافحة الإرهاب”، وشهدت الفترة القليلة الماضية جهودًا لتكثيف التعاون الخليجي، لاسيما على الأصعدة الأمنية والعسكرية والاقتصادية، حيث جرت عدة تمارين عسكرية وأمنية مشتركة إلى جانب اجتماعات اقتصادية.
المخططات الإرهابية
واختتمت دول الخليج العربي، الأسبوع الماضي، تمرينًا مشتركًا لأجهزتها الأمنية في البحرين، عقد للمرة الأولى بهدف التدريب على مواجهة “المخططات الإرهابية”، ونظم التمرين الأمني خلال الفترة الممتدة بين 27 أكتوبر/تشرين أول الماضي، وحتى 16 نوفمبر الجاري، وعقب الاجتماع التحضيري للقمة الخليجية اليوم، اجتمع وزراء خارجية دول مجلس التعاون مع نظيرهم اليمني، عبد الملك المخلافي “لمناقشة مستجدات الأوضاع وتبادل وجهات النظر حيال ما يجري من تطورات في اليمن”.
تطور خطير
وخلال الاجتماع، قال وزير الخارجية البحريني إن: “الفترة الماضية شهدت تطورًا خطيرًا وتجاوزًا غير مسبوق من قبل الميلشيات الانقلابية (في إشارة إلى الحوثيين) في اليمن، بإطلاق صاروخ باليستي باتجاه مكة المكرمة”، وشدد وزير الخارجية البحريني على أن “دول المجلس ستظل على موقفها الثابت والداعم للشرعية في اليمن إلى أن يتم بسط الأمن وإعادة السلم فيه، وتمكين الحكومة اليمنية الشرعية، بقيادة الرئيس عبدربه منصور هادي، من القيام بكافة مهامها”، وجدد تأكيده على موقف دول المجلس الداعم “إلى التوصل إلى حل سلمي ينهي معاناة الشعب اليمني ويحفظ لليمن وحدته وسلامة أراضيه”.
حقن الدماء في اليمن
من جانبه، أشاد المخلافي بدور دول مجلس التعاون في اليمن، مؤكدًا أنهم أثبتوا حرصهم على حقن الدماء في اليمن، وأعرب عن أمله في “أن يكون الاجتماع المقبل بإذن الله من أجل بحث الدخول في مرحلة التنمية والبناء في اليمن”، وأعلن التحالف العربي بقيادة السعودية، نهاية أكتوبر الماضي اعتراض وتدمير صاروخ “باليستي”، على بعد 65 كلم من مكة المكرمة، واتهم الحوثيين بإطلاق هذا الصاروخ من محافظة صعدة، شمالي اليمن.
أخطار جسيمة
الأمير خليفة بن سلمان آل خليفة رئيس الوزراء البحريني، قال إن “الاتحاد الخليجي هو الهدف الذي لا مناص عنه، وهو ضرورة تفرضها المرحلة لما تموج به من تحديات أمنية واقتصادية وأخطار جسيمة لا يمكن مواجهتها إلا بتقوية التعاون والانتقال به لمرحلة الاتحاد”، جاء هذا في تصريحات له خلال استقباله بقصر القضيبية في العاصمة المنامة عددًا من السفراء المعتمدين لدى المملكة، وجموعًا من المواطنين ورجال الأعمال ورؤساء الجمعيات ومؤسسات المجتمع المدني، ورجال الفكر والصحافة والإعلام والمسؤولين، بحسب وكالة الأنباء البحرينية الرسمية.
وحدة الموقف تجاه المخاطر
وبيّن آل خليفة أن “القمة الخليجية المقبلة في البحرين، ستكون فاعلة يقينًا على صعيد التعاون بما يقوي البيت الخليجي ويزيد تماسكه”، وشدد على أنه “لا مناص من اتفاق الدول العربية والإسلامية على وحدة الموقف والعمل المشترك تجاه المخاطر والتحديات”، وأوضح أن “الأخطار التي تحدق بالأمة كثيرة وكبيرة”.