حروب وصراعات الشرق الأوسط ساحة لاختبار الأسلحة الصينية
عبداللطيف التركي – التقرير
كشفت صحيفة “فايننشال تايمز” البريطانية، عن صفقات الأسلحة الصينية في منطقة الشرق الأوسط، وقالت إن مبيعات الأسلحة إلى الشرق الأوسط زادت بشكل كبير، وأصبحت الصراعات الدائرة في هذه المنطقة ساحة لاختبار أنواع جديدة من الأسلحة، وأن منطقة الشرق الأوسط باتت أرضًا لاختبار جيل جديد من الأسلحة الصينية المتقدمة كالصواريخ والطائرات والطائرات دون طيار.
وأبرمت الصين، التي تحيط صفقات أسلحتها بالسرية التامة، اتفاقيات عسكرية مع العديد من دول الخليج، وخصوصا السعودية، التي تملك صواريخ صينية متطورة ظهرت في بعض الاستعراضات العسكرية، بهدف إرسال رسالة قوية إلى طهران، بأن المملكة تملك قوة ردع في حالة تعرضها لأي تهديد من جانب إيران.
وقالت “فايننشال تايمز”، إن الصين تبيع أسلحة للسعودية وإيران ومصر وسوريا، وجميع دول المنطقة، وأن الأسلحة الصينية وصلت إلى جماعات مسلحة في الشرق الأوسط، وقالت الصحيفة البريطانية، إن الأسلحة الصينية باتت تلعب دورًا مطردًا في الصراع، فالضربة الصاروخية قبالة السواحل اليمنية تكشف عن أن جيلًا جديدًا من الأسلحة الاستراتيجية الصينية، والعديد منها يستخدم في القتال للمرة الأولى، في حروب قذرة في الشرق الأوسط وإفريقيا.
وأشارت الصحيفة إلى أن الصين تفوقت في السنوات الـ5 حتى العام 2015 على ألمانيا بوصفها ثالث مصدر للأسلحة في العالم، مع ارتفاع صادراتها من الأسلحة بنسبة 143%، بحسب بيانات من معهد بحوث السلام الدولي في ستوكهولم.
وانطلق تقرير “فايننشال تايمز”، عن مبيعات الأسلحة إلى منطقة الشرق الأوسط، وكيف أصبحت الصراعات الدائرة في هذه المنطقة ساحة لاختبار أنواع جديدة من الأسلحة؟، من حادثة إطلاق الحوثيين، صواريخ من نوع “سي 801” أو “سي 802” صينية التصميم على سفن حربية أمريكية في خليج عدن، وعلى الرغم من عدم إصابة أي سفينة أمريكية فإن عبارة سريعة تعمل لحساب دولة الإمارات العربية المتحدة أصيبت بواحد من هذه الصواريخ من دون سقوط ضحايا.
وأوضحت الصحيفة، أن الولايات المتحدة والدول الغربية باتت تحت ضغوط متزايدة لوقف شحناتها من الأسلحة إلى السعودية.
ونقلت الصحيفة عن الجنرال المتقاعد في الجيش الصيني يوي غانغ قوله: “شكل الهجوم على السفن الحربية الأمريكية دعاية جيدة”، موضحة أن المؤسسة الصينية لصناعة وعلوم الفضاء رفضت التعليق على الحادث.
ويقول “غاري لي”، الاستشاري المقيم في برلين لشركة (إيه بي سي أو) واسعة الانتشار في العالم، إن صناع الأسلحة الصينية باتوا معتادين على رؤية أسلحتهم في أشرطة فيديو على “يوتيوب” أو في أخبار تليفزيونية، ويضيف “ربما كانت الطريقة الوحيدة لاختبار الأسلحة الصينية استخدامها في حروب إقليمية صغيرة”.
ويضيف “غاري لي” قائلا: “إذا اشتغلت الأسلحة كانت تلك دعاية كبيرة وإذا لم تعمل فيمكن لوم مستخدميها المحليين، وهذا شيء يفعله كل مصنعي الأسلحة”، ويشدد تقرير “فايننشال تايمز”، على أن باكستان تعد حتى الآن أكبر زبون لصناعة الأسلحة الصينية، والتي استخدمت طائرات من دون طيار وطائرة “جي 17” المقاتلة صنعت بإنتاج مشترك ضد مسلحي تنظيم الدولة في وزيرستان، ويخلص التقرير إلى أنه على الرغم من أن معظم مبيعات الأسلحة الصينية كانت لحكومات فإنه ثمة أشرطة فيديو تكشف عن أن بعض هذه الأسلحة المتقدمة وجدت طريقها إلى أيدي جماعات مسلحة في سوريا.
ونوّهت شبكة “سبوتنيك” الروسية، بأن الصين تحسن القدرات القتالية لقواتها الخاصة لحماية مصالحها في الخارج عبر إجراء أول تدريبات لمكافحة الإرهاب بين عناصر من القوات الخاصة الصينية والسعودية، مشيرة إلى أن التدريبات التي جرت في الصين وانتهت الخميس الماضي، وشارك فيها 25 عنصرًا من القوات الخاصة الصينية ومثلهم من السعودية شارك فيها مراقبون من بينهم خبراء عسكريين أفغان، وركز التدريب على عملية إنقاذ الرهائن وتحسين التدريب القتالي بشكل عام.
وذكرت أن السعودية هي أول دولة عربية شرق أوسطية تجري معها الصين تدريبات عسكرية مشتركة، ونقلت “سبوتنيك”، عن “جاو فاي” الخبير بالأكاديمية الدبلوماسية الصينية، اعتقاده بأنه من الطبيعي إجراء مثل هذه الشراكة في هذا المجال بين الصين والسعودية، فالمملكة قوة إقليمية كبيرة وأكبر منتج للنفط وتنافس روسيا كأكبر منتج في العالم، فضلًا عن أنها تمتلك أكبر احتياطي نفطي في العالم، مضيفة أن السعودية تلعب دورا مهما اقتصاديا وسياسيا وأمنيا في المنطقة كلها، مؤكدا أن السعودية تعد قوة إقليمية مؤثرة.
وتحدث “جاو فاي”، عن أن الصين تجاوزت الشهر الماضي الولايات المتحدة كأكبر مستورد للنفط، والتعاون بين الصين والسعودية كمستورد ومصدر للنفط يظهر الفائدة والمصالح المشتركة بينهما، مضيفا أنه على المدى البعيد فإن التعاون بين الصين والسعودية سيساهم في حل مشكلات عالمية قائمة وتشكيل وضع عالمي جديد يساعد في البحث عن توافق في الآراء بشأن قضايا محددة ويساهم في تعزيز المصالح المشتركة.
ووفقا لـ”أجدار كوراتوف”، الخبير بالمعهد الروسي للدراسات الاستراتيجية، فإن اختيار الصين للسعودية كشريك في تدريبات مكافحة الإرهاب أمر ليس بالمفاجئ، فالسعودية الشريك الاقتصادي الرئيسي للصين في الشرق الأوسط، وهي المنطقة التي ينمو فيها التواجد الصيني بشكل ملاحظ، وتحدث عن أنه في حالة حدوث وضع طارئ مرتبط بعمل إرهابي ضد الصين فإن القوات الخاصة لبعض الدول العربية ستشارك وسيكون الأرجح هو مشاركة قوات سعودية.
وقالت دراسة للمركز الدولي لأبحاث السلام في ستوكهولم “سيبري”، إن الصين، تخطت ألمانيا وفرنسا لتصبح ثالث أكبر مصدر للأسلحة في العالم، وبحسب الدراسة التي تغطي فترة السنوات الـ5 الأخيرة “2010 – 2014″، فإن الولايات المتحدة احتلت بوضوح مركز الصدارة (31% من الصادرات) أمام روسيا التي حلت في المركز الثاني (27% من الصادرات)، وبهذا تكون واشنطن وموسكو احتكرتا نحو 60% من صادرات الأسلحة في العالم متقدمتين بفارق شاسع عن بقية منافسيهما.
أما الدول التي احتلت المراكز الثلاثة التالية، وهي على التوالي الصين وألمانيا وفرنسا، فقد أتت أحجام صادراتها متقاربة نحو 5% لكل منها، وبحسب “سيبري” فإن المركز الثالث كان يفترض أن تحتله فرنسا وليس الصين لو أن باريس سلمت في نهاية 2014 سفينة حربية من طراز ميسترال إلى روسيا، وهي صفقة جمدتها فرنسا بسبب النزاع في شرق أوكرانيا.
وبالنسبة إلى صادرات الصين من الأسلحة، فقد ذهبت في ثلثيها إلى 3 دول آسيوية هي باكستان 41% وبنغلاديش وبورما، وهناك أيضا 18 دولة إفريقية استوردت أسلحة صينية خلال السنوات الـ5 التي شملتها الدراسة، أما الهند، المستورد الأول للسلاح في العالم، فقد تصدرت ترتيب الدول المستوردة للسلاح الروسي في الخمسية الفائتة إذ إن 70% من الأسلحة التي استوردتها نيودلهي خلال هذه الفترة كانت روسية.
وأظهرت دراسة المركز الدولي لأبحاث السلام في ستوكهولم، أن الولايات المتحدة لديها مروحة أوسع من الدول المستوردة لسلاحها، إذ إن كوريا الجنوبية التي تصدرت ترتيب الدول المستوردة للسلاح الأمريكي لم تستحوذ إلا على 9% فقط من مجمل صادرات الأسلحة الأمريكية، وبالنسبة إلى الدول المستوردة للسلاح الفرنسي فقد حل في المركز الأول المغرب (18%) تليه الصين (14%).
ولفت “سيبري” إلى أن الجهود التي بذلتها فرنسا لزيادة صادراتها من الأسلحة تكللت بالنجاح مع صفقة التسلح التي أبرمتها باريس مع القاهرة في فبراير الفائت.
وفي ترتيب الدول العشر الأولى في العالم لناحية الصادرات العسكرية خلال الخمسية الفائتة تراجعت صادرات كل من فرنسا وألمانيا في حين زادت صادرات كل من الصين “143% بالمقارنة مع الخمسية السابقة” وأوكرانيا وروسيا.