هل يمكن للسعودية الخروج من المأزق الاقتصادي؟

  • طباعة
  • PDF
  • مشاركة عبر الفيسبوك
  • مشاركة عبر تويتر
  • مشاركة عبر G+
  • مشاركة عبر انستقرام
  • مشاركة عبر تلغرام
  • مشاركة عبر الوتساب
  • عدد الزوار 1837
  • عدد التعلیقات 0
  • -
    +

أويل برايس – التقرير
تلاحظ في الفترة الأخيرة أن التغييرات الكبيرة بالمملكة العربية السعودية في حالة اختمار، وليس هناك من سبيل لوقفها إذا كان اقتصاد المملكة سينجو من اضطراب أسعار النفط. وهذا ما أصبح مؤلما بشكل واضح، بعد أن انتقد نائب وزير الاقتصاد، محمد التويجري، بيروقراطية الدولة لوكنها كسولة وغير فعالة، مؤكدًا أن الاقتصاد لا يزال يعتمد على النفط إلى حد بعيد، مضيفا أنه لو لم تتخذ تدابير خفض التكاليف من قبل الحكومة، لتعرضت المملكة للإفلاس في غضون 4 سنوات.
وعلى الرغم من اعتذار التويجري في وقت لاحق عن هذه التصريحات قائلًا إن “الإفلاس” كلمة قوية جدا، وأشار إلى أن المملكة العربية السعودية لديها بالفعل “مشكلة اقتصادية هيكلية”، وهو التعبير الذي قد يعتبره البعض تصريحا مكبوحا بشكل كبير، ولكنه مفهوم في سياق الثقافة.
وعلى مدار عقود لم يكن على المملكة التعامل مع العجز في الميزانية، ولكن في العام الماضي كان العجز لديها يعادل 16% من إجمالي الناتج المحلي، وتشير التقديرات هذا العام إلى أنه يقف عند ما يعادل 13% من إجمالي ناتجها المحلي. وإذا نحينا جانبا الاستنتاجات الواضحة “مثل أن استراتيجية حماية حصة السعودية من النفط في السوق تأتي بنتائج عكسية بشكل كبير”، فهذه الأرقام الخاصة بالعجز ستدفع الحكومة لتنفيذ إصلاحات كبرى، في ما وصفه صندوق النقد الدولي بأكبر هزة اقتصادية في تاريخ السعودية.
ويشار إلى أن الإصلاحات الكبرى تستغرق وقتا، خاصة في المملكة العربية السعودية، وتشير فاينانشيال تايمز إلى أنه لا يحدق شيء بشكل سريع في السعودية، وبالفعل يشتكي موظفين القطاع العام من تخفيضات الأجور وحتى من إدخال نظام الالتزام بالمواعيد الذي طال انتظاره، والذي يهدف لتحسين الحصور بمكاتب البلدية في المدينة المنورة.
وتحت عنوان “النظام” الجديد، سيتعين على الموظفين تسجيل الحضور والانصراف بالبصمة 5 مرات يوميا في أماكن العمل الخاصة بهم، للتأكد من أنهم متواجدين بالفعل، واعتماد هذا الإجراء جاء جزئيا نتيجة ضرورة العمل على التحسين الجذري لكفاءة العمل في أعقاب الاقتصادي المتداعي في المملكة، وبشكل جزئي كان هذا بعد توجيه اتهامات بأن الموظف العادي بالقطاع العام السعودي يعمل لمدة أقل من ساعة في اليوم.
ويبدو أن التويجري، الذي عين في وزارة الاقتصاد في ربيع هذا العام بعد فترة قضها كرئيس لأعمال “إتش إس بي سي” في الشرق الأوسط وإفريقيا، غير متأثر بهذه الشكاوى والاستياء من قبل زملائه بسبب تصريحات تتعلق بالبنية التحتية واسعة النطاق التي كانت “إسراف” لم تعد المملكة قادرة على تحمله.
كان العديد من هذه المشاريع الكبير قيد الاستعراض في الوقت الحالي، وتصل قيمتهم جميعا إلى 69 مليار دولار، وفي الوقت الذي تم فيه نشر عرض للمشروعات في سبتمبر، كانت هناك فرصة لإلغاء الثلث منها، وتوفير ميزانية بنحو 20 مليار دولار، والتي تعد مبلغا لتمويل قصير الأمد للمملكة. وحذر صندوق النقد الدولي في الوقت الذي كانت المملكة تستنزف فيه احتياطياتها المالية بمعدل سريع وبشكل غير مريح، وكانت في طريقها لاستنزاف خزائن النفط في غضون 5 سنوات ما لم يتم اتخاذ خطوات لإبطاء هذه الوتيرة.
ويبدو أن الإجراءات التقشفية التي أدخلتها الحكومة، عملت على تباطؤ معدل الانحدار، ويتوقع صندوق النقد الدولي أن الاقتصاد السعودية على وشك التمكن من تجنب الركود هذا العام، وذلك مع تقدم بطيء في إجمالي الناتج المحلي بنسبة بسيطة تصل إلى 0.3%، وهناك توقع بالمزيد من الانتعاش في عام 2017.
وأشار صندوق النقد الدولي أيضا إلى أنه لموازنة السعودية لميزانيتها، فهي بحاجة إلى تصل أسعار النفط إلى 79.70 دولار للبرميل، بانخفاض ضروري لسعر 92.90 دولار في العام 2015. ويتم تداول خام برنت حاليا في مكان ما بما يقرب من 50 دولارا.
ولذلك إن لم يرتفع النفط بنسبة 30 دولارا للبرميل، فأي انتعاش ستقوم به المملكة سيكون عن طريق الإصلاحات التقشفية، وسيكون لذلك تأثير سلبي على نمو الناتج المحلي الإجمالي، حيث إن التخفيضات في دعم الوقود والإنقاص من رواتب الموظفين الحكوميين بنسبة 20% ستجور على قدرة السكان المحليين الشرائية، وستؤدي إلى تباطؤ الانتعاش.
وتهدف هذه الإصلاحات، على النحو المنصوص عليه في رؤية 2030 التي صدرت في وقت سابق من هذا العام، إلى التنويع الاقتصادي طويل الأمد؛ للحد من اعتماد البلاد على صادرات النفط الخام، وليس هناك بديل لهذا التنويع، لأنه حتى الصادرات غير النفطية تعتمد على النفط، حيث تتألف في معظمها من الوقود والمواد البلاستيكية.
أما عن كيف ستتم متابعة هذه الأهداف الطموحة، وما فرص نجاحها، فمن الصعب القول، إن استئصال مثل هذه التبعية الأساسية سيكون مهمة صعبة، وخاصة إذا بدأت أسعار النفط في الصعود مرة أخرى، وفي تواجد إغراءات عائدات النفط التي يصعب جدا مقاومتها.