توقعات «ستراتفور» للربع الثالث: السعودية تقلل نفوذ المؤسسة الدينية والإمارات تنسحب من اليمن (1-2)

  • طباعة
  • PDF
  • مشاركة عبر الفيسبوك
  • مشاركة عبر تويتر
  • مشاركة عبر G+
  • مشاركة عبر انستقرام
  • مشاركة عبر تلغرام
  • مشاركة عبر الوتساب
  • عدد الزوار 1667
  • عدد التعلیقات 0
  • -
    +

ترجمة وتحرير فتحي التريكي - الخليج الجديد
أصدر مركز «ستراتفور» البحثي الشهير تقرير تضمن توقعاته لمجريات السياسات العالمية خلال الربع الثالث من العام الجاري. وقد حوى التقرير جزءا خاصا للتنبؤ بالمسار المحتمل للسياسات في منطقة الشرق الأوسط خلال الأشهر الثلاثة المقبلة.
وينشر «الخليج الجديد» على جزأين أهم ما ورد في تنبؤات المركز الأمريكي بخصوص منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا.

تزايد حدة الحرب السورية
حسب «ستراتفور»، سوف تستمر الحرب الأهلية السورية لتكون السمة المميزة لمنطقة الشرق الأوسط خلال الربع الثالث من العام، لتربط ما بين طموحات تركيا الآخذة في الارتفاع والصراعات بين دول مجلس التعاون الخليجي وإيران بشأن موازين القوى في المنطقة وأزمة الهجرة في أوروبا والمواجهات بين روسيا والغرب.
ستركز الولايات المتحدة خلال هذا الربع على حشد المزيد من الدعم لتحالفها الذي يهدف إلى مواجهة «الدولة الإسلامية». وقد حاولت روسيا شق طريقها داخل هذه الحرب، التي تقودها الولايات المتحدة، في سوريا على أمل إجبار البيت الأبيض على التفاوض على القضايا الأوسع نطاقا وخاصة تخفيف العقوبات على روسيا بسبب أنشطتها في شرق أوكرانيا.
والآن، استجابت روسيا لمطالبات واشنطن بإعادة الانخراط مع تركيا من أجل تقليل فرص حدوث صدامات على أرض المعركة في سوريا، كما أعادت الولايات المتحدة تقديم طرحها بشأن تنسيق جهود الولايات المتحدة وروسيا في هذا البلد العربي..
ومن المنتظر أن نشهد قصفا أمريكيا روسيا مشتركا للفصائل الجهادية في سوريا، إضافة إلى فرض مناطق حظر للقصف، وتسعى الولايات المتحدة من خلال ذلك إلى إزالة الغموض في المشهد المعارض، والذي تحتج به روسيا في تبرير توسيع قصفها للفصائل المعارضة المعتدلة المدعومة من قبل الولايات المتحدة .ولكن القول بذلك أسهل كثيرا من القيام به، لاسيما بالنظر إلى الوجود المتأصل لبعض هذه الجماعات مثل جبهة النصرة.
روسيا ستتعاون بما فيه الكفاية للحفاظ على حوارها مع الولايات المتحدة، ولكنها ستستخدم ورقة التصعيد في سوريا من قبل القوات الموالية لها، وقصف المعارضة المدعومة أمريكيا في بعض الأحيان لتعزيز مواقفها في مواجهة واشنطن.
وفي الوقت نفسه، فإننا سنشهد تطورا للقتال في محافظة حلب المحورية. ففي جنوب حلب، سيواصل تحالف «جيش الفتح» جهوده لدفع القوات الموالية، التي يقودها في الغالب الحرس الثوري الإيراني من المنطقة. وبينما يواصل المجتمع الدولي جهوده لمد وقف إطلاق النار إلى حلب، والمناطق المحيطة بها، فإن المقاتلين في المنطقة سوف يسعون إلى تعزيز مواقفهم قبل أي محادثات محتملة.
وفي الشمال السوري، ستستمر «الدولة الإسلامية» في فقدان الأراضي، وستستفيد «قوات سوريا الديمقراطية» (ذات الغالبية التركية)، والقوات الموالية، وبعض فصائل المعارضة الأخرى من هذا التراجع.
وستبقى تركيا في حالة تأهب لمراقبة تحركات «قوات سوريا الديمقراطية» على حدودها، وستعمل من خلال وكلائها من المعارضين على الحد من التوسع الإقليمي لـ«وحدات حماية الشعب» الكردية، وتقليل نفوذها في حلب.
وتأمل الحكومة التركية أن تسهم تلك الجهود في الحد من التهديد الأمني الذي يمثله الأكراد، في الوقت الذي تواصل فيه الحكومة التركية حملتها ضد المتمردين من «حزب العمال الكردستاني» في المحافظات الجنوبية الشرقية من البلاد، وفي شمال العراق.
وستحاول الولايات المتحدة الحصول على المزيد من الدعم من حلفائها السنة في التحالف الدولي، بما في ذلك تركيا والسعودية والإمارات وقطر والأردن؛ لتعزيز الحملة الجوية ضد «الدولة الإسلامية» في سوريا، وتدريب المعارضة، وربما مشاركة بعض القوات الخاصة على الأرض.

تركيا تركز على الأمن
ستواصل تركيا تأكيد التزامها تجاه الحد من التوسع الكردي في شمال سوريا، والتخفيف من التهديد الإرهابي الذي تشكله «الدولة الإسلامية».
وبينما عرقل التدخل الروسي في سوريا بشكل كبير انخراط الجيش التركي في شمال سوريا، اتجهت أنقرة، بإيعاز من الولايات المتحدة، إلى السعي للتوافق مع موسكو.
وتسعى تركيا الآن لتوجيه حوارها مع روسيا من أجل الحصول على مجال أكبر في ساحة المعركة لتعزيز وكلائها.
وستستخدم روسيا تعاونها كورقة للنفوذ في وجه تركيا، ولكن من الممكن أن يتم إعادة فتح المفاوضات بشأن تخفيضات الغاز الطبيعي وإحياء الحديث حول مشروع خط أنابيب «ترك ستريم» الذي سينقل الغاز من روسيا إلى تركيا عبر البحر الأسود.
ومن المحتمل أن يزيد التصعيد في محافظة حلب من تدفق اللاجئين من سوريا، ومن ثم توتير اتفاق تركيا والاتحاد الأوروبي للسيطرة على حركة مرور المهاجرين نحو أوروبا.
وستؤكد تركيا التزامها بالاتفاق، ولكنها ستستخدم الضغط الإضافي من أجل الحصول على المزيد من المميزات من أوروبا فيما يتعلق بتحرير التأشيرات، والحد من التدخل الأوروبي بشأن الإجراءات الأمنية الداخلية في تركيا. ومن المتوقع أن تضطر أوروبا إلى التنازل عن مطالبها لتركيا بتخفيف تدابير مكافحة الإرهاب بدلا من أن تقوم تركيا بالتواؤم مع معايير الاتحاد الأوروبي.
وسيتسبب عدم الاستقرار المالي الذي خلفه الخروج البريطاني في تقلبات في أسعار الليرة التركية.
وستتسبب التهديدات الأمنية، أيضا، في انخفاض عائدات السياحة في تركيا.
هذا العدد الكبير من المسلحين من شمال القوقاز، المسؤولين عن هجوم مطار إسطنبول الأخير، والذين يواصلون شق طريقهم لتهديد تركيا، سيدفعون أنقرة نحو تشديد إجراءات الأمن والاستخبارات بالتعاون مع روسيا ودول الاتحاد السوفيتي السابق.
وستدفع حكومة الرئيس «رجب طيب أردوغان» البنك المركزي إلى مواصلة خفض أسعار الفائدة لتشجيع النمو الاقتصادي.
ومع وجود حكومة تدعم خطة «أردوغان» لتعزيز دستور رئاسي، فإنها ستقضي هذا الربع في صياغة اقتراحها للدستور الجديد. ومع ذلك فإن التصويت البرلماني أو الاستفتاء الشعبي على هذا الدستور المرتقب سيتأخران إلى ما بعد ذلك.

الصراع على السلطة في إيران
ستحرز إيران تقدما تدريجيا في جهودها لفتح قطاع النفط أمام المستثمرين الأجانب تحت إطار تجديد عقود النفط الإيراني. ولكن العقود النهائية ربما لن يتم توقيعها قبل نهاية هذا الربع.
والشركات المتوقع مشاركتها تشمل قائمة الشركات الأوربية الكبيرة مثل «إيني» و«رويال داتش شل» و«توتال»، ولكننا سنشهد، أيضا، اهتماما من قبل الشركات الروسية والآسيوية.
ومن المرجح أن يقل معدل تزايد النمو في الإنتاج الإيراني من النفط خلال هذا الربع، بينما عادت للعمل معظم الحقول التي تم إغلاقها خلال حقبة العقوبات، وبات أي إنتاج جديد كبير مرهونا بضخ استثمارات جديدة في قطاع النفط. ومع ذلك، سيستمر إنتاج إيران في التوسع خلال هذا الربع، وإن كان بوتيرة أبطأ من تلك التي شهدتها إيران منذ توقيع الاتفاق النووي مع الغرب.
سياسيا، سوف تبدأ الاستعدادات الجدية للسباق الرئاسي في عام 2017 خلال هذا الربع. وسيتركز اهتمام الجنرال في الحرس الثوري «قاسم سليماني»، ورئيس مجلس الشورى الإيراني، «علي لاريجاني»، والرئيس السابق، «محمود حمدي نجاد» على الترويج لخطاب يقلل من أهمية الفرص الاقتصادية التي أتاحها الوضع الحالي (بعد توقيع الاتفاق النووي).
ومع المزيد من الانفتاح الاقتصادي، فإن الصراع بين قادة إيران سيتكثف. وسيسعى الحرس الثوري لحماية مصالحه التجارية، وتوجيه سياسة خارجية أكثر عدوانية في المنطقة ضد خصومه من السنة في دول مجلس التعاون الخليجي بقيادة السعودية.
ومن المتوقع أن تركز قوى الأمن الداخلي في إيران على احتواء التزايد في نشاط المتشددين في جميع أنحاء البلاد. وهذا يشمل الجماعات الكردية في شمال غرب البلاد، وعرب الأهواز في جنوب غرب البلاد، والانفصاليين البلوش في جنوب شرق البلاد قرب باكستان، وكذلك المؤامرات «الجهادية» في وسط البلاد. وسيبقى نشاط المتشددين عند مستوى يمكن السيطرة عليه، ولكن طهران ستكون على أهبة الاستعداد للتدخل من قبل القوى السنية مع اشتداد المنافسة الإقليمية.

بعض التعافي في دول الخليج
ستواصل السعودية وحلفاؤها من دول مجلس التعاون الخليجي انتظار تصويب أوضاع أسواق النفط. ومن المرجح أن يرتفع إجمالي إنتاج المنظمة من النفط خلال فصل الصيف بسبب مكيفات الهواء والأنشطة الأخرى التي تحتاج إلى الكهرباء.
وربما تشهد اقتصادات دول مجلس التعاون الخليجي بعض الارتياح خلال هذا الربع؛ وذلك بفضل الانتعاش التدريجي في أسعار النفط؛ ما سيسمح أيضا باستئناف بعض المشروعات العملاقة.
وستستمر دول مجلس التعاون الخليجي في السحب من احتياطاتها من النقد الأجنبي للحفاظ على ربط عملاتها بالدولار أو بسلة العملات كما في حالة الكويت.
ومن المرجح أن تصدر السعودية وسلطنة عمان سندات سيادية أو سندات الدين الحكومي من أجل زيادة رأس المال خلال الربع الثالث لحماية احتياطياتها من الانخفاض أكثر مع استمرار تراجع أسعار النفط بشكل عام. وقد أصدرت كل من قطر والإمارات سندات سيادية خلال الربع الثاني.
ومن المرجح أن تبدأ خطة الإصلاح التي تم الإعلان عنها في السعودية في التحول إلى توجيهات تكتيكية للوزارات. ومع ذلك، فإن العبء الأكبر خلال هذا الربع سيقع على عاتق شركات القطاع الخاص. إذ سيكون على هذه الشركات التشبث بأصولها تحسبا لمبادرات ربما تتسبب في زعزعة استقرارها قبل نهاية العام، وقد تشمل إحلال السعوديين محل الأجانب في بعض القطاعات الهامة. وستستمر مشكلات العمال وموجات التسريح في القطاعات الأكثر تأثرا، وعلى رأسها النفط والغاز الطبيعي والمقاولات.
سيحاول السعوديون، أيضا، استباق التوترات الاجتماعية والأمنية في دول مجلس التعاون الخليجي. وستبدأ السعودية في الحد تدريجيا من نفوذ المؤسسة الدينية من أجل خفض الضغوط الاجتماعية، ولكنها ستكون حريصة في ذلك بسبب حاجتها إلى دعم هذه المؤسسة في مواجهة تزايد النشاط الجهادي.
وستواصل الرياض دعم حملة البحرين في مواجهة المعارضة الشيعية، التي بدأت خلال احتجاجات عام 2011. ولكن البحرين لن تكون قادرة على تجاوز الاضطرابات كلية. إيران، في الوقت نفسه، ستواصل استخدام علاقاتها مع المجتمعات الشيعية في البحرين والمنطقة الشرقية في السعودية لإثارة المزيد من التوترات.
سيجري استئناف مشاورات السلام اليمنية في الكويت. وسيكون الحوثيون أكثر قابلية لتقديم تنازلات في هذه المرحلة من الصراع والحوار. وعلى الرغم من إمكانية الوصول إلى تسوية خلال هذا الربع، فإن العنف سيبقى قائما في ساحات القتال في المناطق الوسطى من مأرب وشبوة وتعز بغض النظر عما يقوم به المفاوضون.
وستسحب دولة الإمارات نفسها ببطء من العمليات العسكرية في اليمن، بعد أن نجحت بشكل كبير في طرد المسلحين من المراكز السكانية الجنوبية. ولكنها ستواصل العمليات الأمنية هناك لتجنب تعافي تنظيم «القاعدة». ومع تواجد محدود لها في شمال اليمن، المنطقة الأكثر أهمية بالنسبة إلى السعودية، فإن الإمارات من المرجح أن تتجنب التورط المباشر في العمليات البرية المتجهة صوب العاصمة صنعاء.
المصدر | ستراتفور