سعوديان يَقتلان والديهما لوصفهما “الدولة الإسلامية” بالإرهابية..
مُطالبات “بتحصين” المجتمع من “الفكر الداعشي” وتساؤلات عن أسباب “التطرف” ودور “المناهج” في صناعته.. تأكيد على مثالية “الرؤية” كحل والتيار الديني يُشكّك.. وتحذير من “المحاضرات الإلكترونية”
عمان – “رأي اليوم” – خالد الجيوسي:
استفاق السعوديون، ومع ساعات الفجر الأولى من صباح اليوم الجمعة على نبأ فاجعة إقدام شابين سعوديين على قتل والديهما، وسبب الجريمة المُروّعة بحسب ما أشارت صحيفة “الرياض” المحلية، أن الوالدين كانا يصفان “الدولة الإسلامية” بالإرهابية، وينتمي الشابان بحسب ما أشارت مصادر محلية إلى “تنظيم الدولة”، ويعتبران أن كل من يتطاول على “الدولة” كافرٌ ويجب قتله، ويُدينان بالولاء والبيعة لزعيم التنظيم “الخليفة” أبو بكر البغدادي.
وفي تفاصيل الحادثة، أقدم “الداعشيان” بحسب التوصيف الشعبي السعودي لهما، على طعن والدتهما عدة طعنات، ومن ثم نحرها، كما تسببا في إصابة والدهما، وشقيقهما الأصغر، وتم نقلهما إلى العناية المركزة إثر ذلك، ولاذ الشابين بالفرار، إلا أن قوات الأمن السعودية حددت مكانهما، وألقت القبض عليهما لاحقاً.
نشطاء موقع التدوينات القصيرة “تويتر” عبّروا عن امتعاضهم من “الجريمة البشعة” بحسب توصيفهم، وطالبوا بإجراءات عاجلة تُحصّن المجتمع السعودي من “الفكر الداعشي”، خاصة أن تلك الحادثة ليست الأولى، ولن تكون الأخيرة برأيهم، وتساءل النشطاء عن الأسباب الحقيقية وراء تلك الأفكار المُتطرفة، ليذهب البعض إلى تحميل “الفكر الوهابي” مسؤولية ذلك العنف الدموي الذي تتوارثه الأجيال.
ويؤكد آخرون أن “الرؤية المحمدية” 2030 هي الحل الأمثل والوحيد، للانتقال لعصر الانفتاح، ونزع عباءة التطرف، التي باتت تؤرق الجميع دون استثناء في العربية السعودية، لكن بعض نشطاء التيار الديني “المُخافظ” عبر “هاشتاق تويتر”، “داعشيان يقتلان والديهم”، شككوا بنجاعة تلك الرؤية، وأكدوا أنها السبب الرئيسي في تنامي الانفلات الديني، الذي يُجبر البعض على التطرف للعودة إلى مسار الدين الصحيح.
مراقبون يرون أن أمام السلطات السعودية تحدٍ كبير فيما يتعلق بالقضاء على الفكر “المتطرف” قبل القضاء حتى على الخلايا النائمة التي قد تأتيها التعليمات بعد سنوات من العمل تحت الأرض، وتبرع ربما قوات الأمن باصطيادها أحياناً، وتبرع التنظيمات بضربها أحياناً أخرى، في لعبة قد يكون الخاسر الأوحد فيها هي السلطات التي تخشى على منظومة أمنها وأمانها، في حين لا تخشى تلك “الخلايا”، والتنظيمات التي تتبعها من شيء، ولا على أي شيء.
ويُحذّر مختصون في الشأن السعودي المحلي من أثر “المحاضرات الإلكترونية” التحريضية المُنتشرة على شبكة الإنترنت، والتي يغيب عنها الرقيب، وتترك أثرها في عقول شباب سعودي، نشأ بالأصل على مناهج تعليمية تُحرّض على العنف، وعدم تقبل الآخر، هذه ثغرة قاتلة في سياج مجتمع محافظ، طالما تباهت سلطاته بقدرتها على لجمه وتوجيهه دينياً، ها هو يخرج المجتمع من قمقمه، ويتحول إلى وحش كاسر لا يرحم حتى أهله، وذويه، إنه غسيل أدمغة بامتياز، قد تعجز السلطات عن مواجهته، إن لم تُسارع في معرفة أسبابه الحقيقية، التي قد تستغلها التنظيمات، و”الدولة الإسلامية” تعرف ذلك جيداً وتبرع فيه، يؤكد مراقبون.
المناهج المدرسية بحسب متتبعين للعملية التعليمية في السعودية، دخلت في جولات كثيرة من التعديل، والتخفيف، والاختزال، ومن درس مواد الشريعة “الصّارمة” المُكونة من الفقه والحديث والتوحيد والتفسير، إضافة إلى مادة القرآن في مطلع العام 2000، ليس هو ذاته الذي يدرس اليوم في 2016 مثلاً ذات الكتب المُختزلة المُخفّفة، لكن ومع كل هذا “التقدم”، لا تزال المنظومة الدينية الحاكمة في بلاد الحرمين هي المُعوّق الأساسي التي ستواصل دون قصد ربما، وعن خلل في منظومتها تقديم نماذج تهدر دماء كل من يُخالفوها، وهي منظومة بالأساس رسّخت أسس حكم أعمدتها على “التطرف الديني”، وإن كان يحمل وجوهاً مختلفة، يُشعر السعوديين بالخوف على أنفسهم حتى من فلذات أكبادهم، ذلك أمرٌ يراه مراقبون تهديداً لحياتهم، وحتى وجودهم.