هُجومٌ سعوديّ “شرس” و”غير مسبوق” على سورية والرئيس الأسد.. هل اقتربت الحرب على إيران ومحورها بعد فشل مفاوضات فيينا النوويّة؟

  • طباعة
  • PDF
  • مشاركة عبر الفيسبوك
  • مشاركة عبر تويتر
  • مشاركة عبر G+
  • مشاركة عبر انستقرام
  • مشاركة عبر تلغرام
  • مشاركة عبر الوتساب
  • عدد الزوار 2814
  • عدد التعلیقات 0
  • -
    +

عبد الباري عطوان

شنّ السيد عبد الله المعلمي مندوب السعوديّة الدائم في الأمم المتحدة اليوم هُجومًا شديدًا، غير مسبوق، على الرئيس بشار الأسد والدولة السوريّة، و”حزب الله” اللبناني الذي اتّهمه بالإرهاب، ونفى أن تكون الحرب في سورية قد انتهت، وأن النظام انتصر، وقال إنّ الرئيس السوري “يقف فوق هرم من جماجم الأبرياء مُدَّعِيًا النصر العظيم”.

اللّافت أن هذا الهُجوم، وهذه اللّهجة يأتيان في ظِل انفتاح عربي على سورية وحُكومتها، انعكس من خلال إقدام حُكومات خليجيّة وعربيّة على إعادة فتح سِفاراتها في دِمشق، وقِيام مسؤولين بارزين فيها بزيارة العاصمة السوريّة كان آخِرهم الشيخ عبد الله بن زايد، وزير الخارجيّة الإماراتي، وقبله الجِنرال خالد الحميدان، رئيس جهاز المُخابرات السعودي الذي وصل إلى دِمشق على رأس وفد أمني كبير، والتقى نظيره السوري اللواء علي المملوك، رئيس مكتب الأمن القومي السوري، مثلما التقى أيضًا الرئيس السوري بشار الأسد (أيّار ـ مايو الماضي)، مثلما كان وزير السّياحة محمد السوري رضوان مارتيني قد زار الرياض في التّوقيت نفسه للمُشاركة في مُؤتمر لمنظمة السّياحة العالميّة، الأمر الذي فتح الباب على مِصراعيه أمام تكهّنات إعلاميّة تحدّثت عن قُرب عودة العلاقات وإعادة فتح السّفارات المُغلقة للبلدين.

 

قبل معرفة الأسباب الحقيقيّة لهذا الهُجوم السعودي المُفاجئ وغير المألوف حتى في ذروة التدخّل السعودي لإسقاط النظام السوري، ودعم المسلّحين، وتبنّي المُعارضة السوريّة بشقّيها العسكري والسياسي، لا بدّ من التوقّف عند العديد من النقاط:

 

الأولى: تزامن هذا الهُجوم مع انتهاء الجولة السّابعة لمُفاوضات فيينا النوويّة بين إيران والدّول السّت الكُبرى دون التوصّل إلى أيّ اتّفاقات، أو حتى تحديد موعد مُحدّد لاستِئنافها، مما يعني أن احتِمالات الحرب الأمريكيّة الإسرائيليّة ضدّ إيران باتت كبيرةً، في ظِل التّهديدات وحالة التوتّر المُتصاعدة.

الثانية: قيام الأمير محمد بن سلمان وليّ العهد الفِعلي للسعوديّة بتزعّم الاجتماع السنوي لمجلس التعاون الخليجي يوم الثلاثاء الماضي في الرياض، في ظِل “غياب” أو “تغييب” لوالده الملك سلمان بن عبد العزيز لأسبابٍ غير معروفة، الأمر الذي يُرجّح أنّ وليّ العهد بدأ يتبنّى سياسات تصعيديّة جديدة ضد “محور المُقاومة” وإيران وحُلفائها في سورية والعِراق ولبنان (حزب الله)، واليمن.

الثالثة: يأتي هذا الهُجوم على الرئيس السوري وبلاده، ومن على منصّة الأمم المتحدة، لإجهاض تحرّك جزائري لإعادة سورية إلى الجامعة العربيّة في آذار (مارس) المُقبل، حيث ستستضيف العاصمة الجزائريّة مُؤتمر القمّة العربيّة، والوقوف في خندق المغرب في ظِل تأجّج الصّراع بينه وبين الجزائر.

الرابعة: في ظِل تصاعد الخلاف السعودي الإماراتي، وانسِحاب الإمارات من حرب اليمن تقريبًا، من غير المُستَبعد، وفي ظِل التنافس و”المُناكفة” بين البلدين أن تكون السّياسة السعوديّة الجديدة نقيضًا لسياسة الإمارات في الانفِتاح على كُل من سورية وإيران، خاصّةً وأن الشيخ طحنون بن زايد، مُستشار الأمن القومي الإماراتي زار طِهران قبل عشرة أيّام، وتردّدت أنباء عن قُبول الرئيس الأسد دعوة من الشيخ محمد بن زايد وليّ عهد أبو وظبي لزيارة الإمارات حملها إليه الشيخ عبد الله بن زياد وزير الخارجيّة، وتَبِعَها اتّصال هاتفي بين الرئيس السوري والشيخ محمد بن زايد.

حتّى كتابة هذه السّطور لم يصدر أيّ رد فِعل من دِمشق على هذا الهُجوم الذي شنّه مندوب السعوديّة في الأمم المتحدة على سورية ورئيسها، ولا من “حزب الله” أيضًا، ولكن ما نعلمه من بعض مصادرنا في بيروت أنه كان هُجومًا صادمًا وغير مُتوقّع، خاصّةً بعد نجاح وساطة الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون في حل الأزمة بين لبنان والسعوديّة، أو بالأحرى تبريدها بإقناع السيّد قرداحي وزير الإعلام بالاستِقالة.

الأمر شبه المُؤكّد أن تعليمات أمريكيّة قد تكون صدرت إلى حُلفاء واشنطن في منطقة الخليج بالتأهّب، والاستِعداد لحربٍ وشيكةٍ ضدّ إيران ومحورها بعد انهِيار المُفاوضات النوويّة في فيينا قد تشنّها “إسرائيل” لوحدها، أو بالتّعاون مع الولايات المتحدة.

من غير المُستَبعد أن تكون الخطوة الأولى والأهم التي سيُقدِم عليها الأمير بن سلمان، في حال مُضيّه قُدُمًا في تتويج نفسه خلفًا لوالده “المريض” تطبيع العُلاقات مع “إسرائيل” في مُحاولةٍ لكسْر عُزلته، والحُصول على اعتِراف أوروبا وأمريكا وحُلفائهما بتولّيه العرش.

ومن غير المُستَبعد أيضًا، أن تُعيد القيادة السعوديّة القديمة المُتجدّدة دعمها للمُعارضة السوريّة بأشكالها كافّة، بالمال والسّلاح، في حال “جديّة” هذا الانقِلاب الجديد في عُلاقاتها مع سورية، والرئيس بشار الأسد، اللهمّ إلا إذا كان هذا “التّطاول” نوعًا من “النّزق” السّياسي بعد تبدّد أسبابه، وهو نزقٌ بات من أساسيّات بعض السّياسات السعوديّة والخليجيّة.

الأيّام القادمة ربّما تكون حافلة بالمُفاجآت المُتسارعة، وسنكون على رأس المُتابعين والمُراقبين لها حتمًا، وكُل ما نستطيع أن نقوله الآن أن القادم خطير، بل خطيرٌ جدًّا، إذا بلغ الهلع الإسرائيلي من الخطر الوجودي الإيراني ذروته.. واللُه أعلم.