عقبات وتحديات أمام التنسيق الإسرائيلي الخليجي لمواجهة إيران
في الوقت الذي تخطو فيه الإدارة الأمريكية الجديدة خطواتها الأولى نحو إحياء العملية الدبلوماسية مع إيران بهدف العودة إلى الاتفاقية النووية، فإن هناك اختبارًا لقدرة إسرائيل ودول الخليج على ترجمة مصالحهم الاستراتيجية المشتركة المتعلقة بإيران إلى سياسة منسقة.
ويرى الكثيرون في إسرائيل، لا سيما في الدوائر الرسمية، أن أهم الأولويات الأمنية والسياسية للعلاقات مع دول الخليج، تتمثل في تنسيق جهد مشترك لخلق جبهة إقليمية واسعة لمواجهة نفوذ إيران في الشرق الأوسط، ومنعها من امتلاك القنبلة النووية.
ولكن، بالرغم من المصلحة المشتركة، فإن هناك تعقيدات متوقعة أمام بناء نهج مشترك وسياسات منسقة بشأن المفاوضات مع إيران، وأحد أسباب ذلك يتمثل في وجود طرف آخر في المعادلة وهو الولايات المتحدة.
وبالتالي فإن تلك العملية الديناميكية المتأثرة بثلاثة أطراف، قد تسلط الضوء على الاختلافات والفجوات المحتملة بين إسرائيل ودول الخليج في عدة جوانب.
اختلاف الأولويات
في حين ترى إسرائيل أن الأولوية هي منع إيران من امتلاك السلاح النووي، فإن الأولوية لدى الإمارات والسعودية والبحرين هي وكلاء إيران، حيث تشعر هذه الدول بقلق بالغ من وجود تهديد إيراني مباشر لأمن واستقرار وطنهم.
وفي حين أن إسرائيل قادرة على التعامل مع التهديد الذي تشكله الصواريخ والطائرات المسيرة الإيرانية، فإن توازن القوى بين إيران ودول الخليج يميل لصالح إيران، حيث تمكنت قوات إيران ووكلاؤها من اختراق الدفاعات الجوية الخليجية وشنت هجمات على منشآت البنية التحتية الرئيسية، وأصبحت دول الخليج أكثر اعتمادا على مظلة الدفاع الأمريكية.
وتدعو كل من إسرائيل ودول الخليج إدارة الرئيس "جو بايدن" للتشاور معهم بشأن الخطوات التي ستتخذها الولايات المتحدة تجاه طهران حتى لا تفاجئهم، مثلما تفاجؤوا عند توقيع خطة العمل المشتركة الشاملة المشتركة في عام 2015.
ومع ذلك، فإن اعتراض إسرائيل يتركز على عودة الإدارة الأمريكية إلى الاتفاقية النووية، بينما من غير الواضح ما إذا كانت الإمارات والسعودية على استعداد لمواجهة الإدارة الأمريكية مباشرة بسبب هذه النقطة، أم أنهما ستختارا بدلا من ذلك إعطاء الأولوية لجهودهما لاستعادة علاقاتهما مع واشنطن، بعد أن توترت بسبب قضايا حقوق الإنسان والحرب في اليمن.
وبالتالي، فمن المتوقع أن يكون الحوار السياسي العسكري بشأن إيران بين إسرائيل ودول الخليج من ناحية وأمريكا من ناحية أخرى، معقدًا ومتعدد الأبعاد.
الحفاظ على تفوق إسرائيل
ستسعى الدول الجديدة التي تفكر في تطبيع العلاقات مع إسرائيل في المستقبل، ولاسيما السعودية، إلى الحصول على أنظمة أسلحة متقدمة من الولايات المتحدة، مثل طائرات "F-35" والطائرات المسيرة المسلحة، لتحاكي تلك التي طلبتها الإمارات بعد اتفاقيتها مع إسرائيل.
ومن المنطقي أن هذه الدول ستجادل أنها بحاجة إلى مثل هذه القدرات المتقدمة للتعامل مع التهديد الإيراني. ومع ذلك، فإن إسرائيل تشعر بالقلق إزاء سباق التسلح الإقليمي، خاصة أنها تولي أهمية خاصة للحفاظ على تفوقها العسكري النوعي، والذي ترى أنه عنصر رئيسي في ضمان الاستقرار في الشرق الأوسط، كما تعتقد إسرائيل أنه من غير المرجح استخدام دول الخليج لهذه الأسلحة الأمريكية ضد إيران.
تعاملات مختلفة مع إيران
ولا تعتبر دول الخليج متجانسة فيما يتعلق بسياساتها بشأن إيران، فعلى الرغم من قرار الإمارات تطبيع العلاقات مع إسرائيل، فإنها تحاول أيضا التحوط من مخاطر إيران، واضعة نفسها بين واشنطن وطهران. وتتمتع أبوظبي بعلاقة براجماتية مع إيران، ويواصل الطرفان اجتماعاتهما الأمنية لتخفيف التوترات في الخليج.
كما درست السعودية أيضا إمكانية إجراء حوار مماثل مع طهران بسبب فقدان الثقة في الدعم الأمريكي بعد هجوم سبتمبر/أيلول 2019 على البنية التحتية الحيوية للنفط في المملكة؛ حيث ألقت الولايات المتحدة باللوم على إيران لكنها تجنبت القيام بأي رد عسكري.
وبالرغم من ذلك، بدا أن الرياض اعتمدت نهجا أكثر عدوانية تجاه إيران منذ هجمات سبتمبر/أيلول 2019، بينما هناك تنوع في السياسات المستقلة لسلطنة عمان وقطر والكويت تجاه إيران.
بين الفرص والتحديات
ولمعالجة المخاوف المشتركة المتعلقة بإيران؛ سيتوجب على إسرائيل ودول الخليج التمييز بين هدفين منفصلين، أولا خلق جبهة مشتركة لمواجهة التهديدات الإيرانية، وثانيا امتلاك موقف منسق تجاه إيران أمام الولايات المتحدة.
تقدم اتفاقيات "إبراهام" فرصة لتحقيق الهدف الأول من خلال تعزيز التعاون الإسرائيلي الخليجي لتحجيم النفوذ الإيراني في المنطقة. وكجزء من هذا الجهد، قد يتجه الجانبان لتوسيع نطاق العلاقات الأمنية والاستخباراتية، بما في ذلك السماح لإسرائيل بنشر قدرات عسكرية أقرب إلى حدود إيران، مما يخلق بنية مشتركة لمكافحة الصواريخ؛ ربما تحت رعاية الولايات المتحدة.
تدرك إيران جيدا خطورة هذا التعاون ضدها، وتحاول بالفعل تخريبه من خلال تهديد الإمارات والبحرين.
أما فيما يتعلق بالهدف الثاني، فينبغي على إسرائيل ودول الخليج أن يأخذوا في الاعتبار أن إدارة "بايدن" وضعت معالجة التهديد النووي الإيراني أولوية بالفعل لديها، لذلك ينبغي أن يبنوا خطواتهم على اتفاق موسع مع واشنطن يركز على منع إيران من الحصول على أسلحة نووية.
وفيما يتعلق بالمفاوضات المستقبلية المحتملة بين الولايات المتحدة وإيران والقوى العالمية الأخرى بشأن العودة للاتفاقية النووية، فمن المتوقع أن يمثل التنسيق بين إسرائيل ودول الخليج تحديا.
ويعود ذلك بشكل خاص لأن إسرائيل ودول الخليج لم ترسخ بعد استراتيجية متماسكة تستطيع من خلالها التعامل مع إدارة "بايدن". كما يمكن أن ترى واشنطن خطورة في تنسيق الجهود ضد سياساتها، الأمر الذي قد تعتبره تحديا وتدخلا في المفاوضات.
ومع ذلك، فإن رسالة منسقة بين إسرائيل والسعودية والإمارات بشأن إيران، بالإضافة إلى موقف إقليمي مشترك في السياق الإيراني، يمكن أن يكون بمثابة نفوذ قوي في الجهود المبذولة للتأثير على سياسة الإدارة الأمريكية بشأن إيران.
وهكذا، سينطوي الاستعداد الإسرائيلي الخليجي للحوار مع الإدارة الجديدة على ما يلي: فحص القواسم المشتركة التي يمكنهم طرحها كجزء من حوار هادئ أو علني؛ بالإضافة إلى إنشاء قنوات اتصال إسرائيلية خليجية قوية للمشاورات والتنسيق؛ والتفكير في التغلب على التوترات الكامنة بينهم، مثل تلك المرتبطة بالحفاظ على التفوق العسكري النوعي لإسرائيل.
المصدر | أودي ايفنتال/ معهد دول الخليج العربي في واشنطن - ترجمة وتحرير الخليج الجديد