دول الخليج: من دعم صفقة القرن الى التطبيع مع اسرائيل

  • طباعة
  • PDF
  • مشاركة عبر الفيسبوك
  • مشاركة عبر تويتر
  • مشاركة عبر G+
  • مشاركة عبر انستقرام
  • مشاركة عبر تلغرام
  • مشاركة عبر الوتساب
  • عدد الزوار 5858
  • عدد التعلیقات 0
  • -
    +

أ. د. جاسم يونس الحريري
 بات واضحا أن دعم بعض دول مجلس التعاون الخليجي(المنامة، أبوظبي، مسقط) لصفقة القرن التي طرحها “دونالد ترامب” رسميا في 28يناير2020 هي مرحلة سابقة لاعلان التطبيع الرسمي ، أو شبه الرسمي مع (اسرائيل)، وكان “صائب عريقات”أمين عام اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية قد قال في يوليو2019 أن “الفلسطينيين هم من يدفعون ثمن التطبيع العربي ، والورشات الاقتصادية التي تعقد لدعم صفقة القرن الامريكية”، في أشارة لورشة “المنامة” التي عقدت في يونيو 2019 التي ناقشت الشطر الاقتصادي من الصفقة.
وشدد على أن “علاقات التطبيع دائما ماتكون نتائجها الكارثية على ظهور الفلسطينيين من قتل ، وتهجير ، وعنصرية ، وهدم لمنازلهم ، وتصفية لقضيتهم العادلة ، ومازال هناك المزيد من جرائم الحرب التي ينتظر الاحتلال الضوء الاخضر لتنفيذها”. وأنتقد “يحيى رباح”عضو المجلس الثوري لحركة فتح ماسماه “التهافت العربي على تطبيع العلاقات مع اسرائيل من خلال الزيارات الرسمية للمسؤولين الاسرائيليين للدول العربية ، وكان أخرها زيارة وزير خارجية الاحتلال للامارات”، معتبرا ذلك “تجاوزا يضر بالقضية الفلسطينية ، وخيانة لها”.كما أنتقد “عبد الله عبد الله” السفير الفلسطيني السابق ، والقيادي في فتح ماسماه لهث”بعض الدول العربية خلف التطبيع العلني مع اسرائيل”، مؤكدا “أن كل هذه المظاهر التي تجري في العواصم العربية تضر بالقضية ، والمشروع الوطني الفلسطيني”، وقال في حديث سابق “التطبيع بكل أشكاله يدينه الفلسطينيون ، ويرفضونه جملة ، وتفصيلا ، وعلى الشعوب العربية التحرك فعليا لمواجهة هذا الخطر الذي بدأ يسلكه حكام بعض الدول العربية”، وهاجم “نبيل شعث” مستشار الرئيس الفلسطيني للعلاقات الخارجية ، والدولية الامارات ، حين أعلنت (اسرائيل) عن مشاركتها في معرض “أكسبو الدولي2020”المقرر أقامته في مدينة دبي ، وأعتبر ذلك تطبيعا يشكل “خطأ فادحا في حق القضية الفلسطينية ، والموقفين العربي ، والاسلامي”.
ويقول”محمود حلمي”المختص في الشؤون السياسية “أن التطبيع الخليجي مع دولة الاحتلال شهد تقدما غير مسبوق في تأريخ الصراع العربي-الاسرائيلي ، والزيارات المتبادلة على مستوى الوزراء ، والعلاقات الاقتصادية جعلت الامريكان يجعلون أحد أهم أدوات الصفقة (صفقة القرن) العرب أنفسهم”.وفي أحدث مسلسل التطبيع الاسرائيلي –الخليجي أصدار (اسرائيل) قرارا يسمح لمواطنيها بالسفر الى السعودية في حالات معينة.
ويبدو أن (اسرائيل )تحاول أستغلال صفقة القرن المشبوهة لتوظيف دول الخليج في عملية التطبيع معها ، وفي حالة حدوث ذلك ستعمل (اسرائيل) على غزو الاسواق الخليجية من قبل البضائع الاسرائيلية ، حيث تدرك (اسرائيل)أن القدرة الاقتصادية ، والمالية لدول الخليج يمكن أن تدعم الاقتصاد الاسرائيلي .وفي تحليل عميق ل”مركز الشرق الاوسط للاستشارات السياسية ، والاستراتيجية” (ميناك)فقد تبين أن الهدف الاسمى للثلاثي اليهودي المقربين من الرئيس الامريكي “دونالد ترامب”مهندسي الصفقة التي عرفت ب”صفقة القرن”كل من مستشار ترامب ، وصهره “جاريد كوشنر”، وكبير المسؤولين القانونيين في الامبراطورية التجارية لترامب”جيسون غرينبلات”، والسفير الامريكي لدى (اسرائيل) ”ديفيد فريدمان” هو تشكيل تحالف تتعاون فيه (اسرائيل )عن كثب مع القوى الاقليمية العربية ، والولايات المتحدة ضد ايران .
وقد شهدت السنوات الاخيرة بالفعل تقاربا بين (اسرائيل)ودول الخليج خصوصا على مستوى الاشتراك في عداء ايران ، واليوم تريد (اسرائيل)والولايات المتحدة الامريكية أزالة ماوصفه “بالعقبة الفلسطينية”التي حالت حتى الان دون التطبيع الكامل للعلاقات مع الدول العربية.ويرجح تحليل نفس المركز أعلاه فرضية لجوء “واشنطن الى أمكانية أبتزاز غير مباشر لدول الخليج أمنيا ، في حالة الضغط عليها شعبيا لرفض المضي في دعم صفقة القرن من خلال تأجيج التوتر في المنطقة ، وأستفزاز الخطر الايراني ، وتعريض دول الخليج لمخاطر صراع لاتريده ، وبالتالي تراهن واشنطن على مرونة أكبر لسياسات دول مجلس التعاون الخليجي مع خيار الحماية الامريكية مقابل ليونة أكبر مع شروط صفقة القرن”.
وقد سربت عدة معلومات في شهر نوفمبر2019 من خلال تقرير أسرائيلي قبل أعلان صفقة القرن على طبيعة التطبيع الاسرائيلي-الخليجي المقبل من خلال الاتفاق”لاحرب بين اسرائيل ودول خليجية”بموجب مبادرة وزير الخارجية الاسرائيلي”يسرائيل كاتس”طرحت على هامش أجتماعات الجمعية العامة للامم المتحدة التي عقدت في سبتمبر2019 التي تهدف الى تطبيع رسمي للعلاقات ، وسط ترحيب ، ودعم أمريكي ، وتشمل المبادرة “تعزيز التعاون الاقتصادي” حيث وصفت القناة12في التلفاز الاسرائيلي هذه المبادرة بأنها “أقرب فرصة نحو تطبيع كامل للعلاقات ، طالما لم تحل القضية الفلسطينية”، وذكرت القناة الاسرائيلية “أن المبادرة تم عرضها على وزير الخزانة الامريكي ستيفن منوتش الذي رحب بها التي تشمل ربط المجالين الاقتصادي ، والاستراتيجي بين السعودية ودول الخليج عبر الاردن بشبكة السكك الحديدية في اسرائيل ووصفها بالخلاقة “، ووفقا للقناة الاسرائيلية أعلاه ، فأن المبادرة تستند الى الاسس التالية:-
1.تطوير علاقات ودية ، وتعاون بين البلدان على أساس ميثاق الامم المتحدة ، ومبادى القانون الدولي.
2.أتخاذ خطوات ضرورية ، وفعالة ، لضمان عدم أنطلاق ، أو تخطيط ، أو تمويل عمليات قتالية ، أو عدائية ، أو تخريبية ، أو عنيفة ، أو تحريضية من دول الخليج ضد (اسرائيل).
3.الامتناع عن الانضمام ، أو الدفع ، أو مساعدة أي تحالف ، أو منظمة ذوي خلفيات ، عسكرية ، أو أمنية مع طرف أخر غير موقع على الاتفاق، دون الاعلان عن مصير التحالفات القائمة مثل مجلس التعاون الخليجي ، وجامعة الدول العربية .
4.حل كل الاختلافات في الاراء عبر التشاور.
وجدير بالذكر أن مبادرة “كاتس” تأتي بدعم من “بنيامين نتنياهو”رئيس وزراء”اسرائيل”، وبحسب القناة الاسرائيلية أعلاه أجرى كاتس سلسلة لقاءات على هامش أجتماعات الجمعية العامة مع وزراء خارجية دول خليجية عرض خلالها المبادرة التي وصفت “بالتأريخية”، والهادفة الى “أنهاء الصراع مع دول الخليج”.وتحاول الاطراف الثلاثة “أمريكا واسرائيل والدول الخليجية المعنية”بحسب القناة الاسرائيلية أعلاه “أستغلال الوضع الاقليمي الراهن الذي يتمثل بالعداء المشترك لايران كذريعة لتسويق أتفاق من هذا القبيل الى جانب رغبة الرئيس الامريكي دونالد ترامب في تحقيق أنجاز دبلوماسي خلال ولايته الاولى في البيت الابيض”.
الخبير الدولي المعتمد في الشؤون الخليجية