هل ثمة انقلاب في السياسة السعودية وإلى ماذا تقود النيات؟

  • طباعة
  • PDF
  • مشاركة عبر الفيسبوك
  • مشاركة عبر تويتر
  • مشاركة عبر G+
  • مشاركة عبر انستقرام
  • مشاركة عبر تلغرام
  • مشاركة عبر الوتساب
  • عدد الزوار 2946
  • عدد التعلیقات 0
  • -
    +

الدكتور محمد بكر
 جملة من المشاهدات يلحظها المتابع والمحلل للشأن السياسي السعودي، وتغيرات نوعية بالجملة في السلوك السياسي للمملكة، ولاسيما بعد سنوات من المواجهة والكباش وعلى عدة جبهات في المنطقة، خسرت فيها السعودية ميدانياً جملة من الأوراق التي صيغت على عين الرياض وحلفائها لإحداث زلزال سياسي يقود لأنظمة بعينها تتوافق وتتحالف لابل تخضع لإملاءات وأجندات المملكة في تصورها لشكل التحالفات والاصطفافات، قيل أن السعودية تتخذ عدداً من التدابير لإعادة فتح سفارتها بدمشق، وكذلك النيات لتهدئة الحرب في اليمن، بعد اربع سنوات دأب فيها التحالف السعودي على قطع ” دابر” الحوثيين، لكن النتائج جاءت بعكس المأمول والمشتهى، على قاعدة المزيد من العناد والثبات من اليمنيين، وتصدير جملة من الرسائل السياسية والعسكرية الردعية منها والهجومية في يوميات الميدان اليمني، وما باتت تشكله المسيرات اليمنية من ” رعب” حقيقي يقض مضجع ولي العهد” الملك الفعلي” للبلاد.
في بدايات الحرب السورية، تصدرت المملكة إدارة الملف السوري في دقائق تفصيلاته، ودعمت مادياً ولوجستياً تشكيلات مسلحة معروفة للجميع، ثمانية سنوات من ثبات المؤسسة العسكرية السورية مدعومة بتحالف ” وفي” من إيران وروسيا، كانت كفيلة بحصاد النتائج في شكلها ومضمونها اليوم، لجهة انحسار كل تلك التشكيلات وسيطرة دمشق وحلفائها على أكثر من ثمانين بالمئة من الجغرافيا السورية، حاولت بعدها المملكة استعادة الصورة لتسيد المشهد الاقليمي ولاسيما بعد أن أوكلت المهمة لقطر لتفصيل يوميات الحرب في سورية، فأشعلت حربها على اليمن في محاولة لإحداث خرق في المشهد السياسي يعيد حضورها في المنطقة من بوابة اليمن، ذات الحصاد ” الفارغ” حصدته الأيادي الآثمة ولم تنجح في استئصال ” الذراع” الحوثية لمحور بعينه يشكل ذروة الخصومة للمملكة، واقتصر ” النجاح” على تدمير اليمن ببناه التحتية والبشرية، استمرت بعدها المملكة في ذات السلوك لصياغة التحالفات وهذه المرة على جبهة فلسطين لإخراج وهندسة ماسمي بصفقة القرن، انتصاراً للاسرائيلي على طريق تصفية القضية، فجاءت النتائج ” كارثية” على المملكة وسيناريوهاتها، بمزيد من وحدة الخطاب الفلسطيني، وتغير مسار المواجهة الفلسطينية الإسرائيلية على قاعدة تغيير قواعد الاشتباك ولاسيما في الضفة الغربية وماأسس بطبيعة الحال لانضمام الفلسطيني ولاسيما حماس لمحور طهران دمشق حزب الله، وتالياً ” تعميق ” الفشل السعودي، من هنا نقرأ ونفهم سلوك الأمن السعودي الأخير لجهة حملة الاعتقالات بحق عناصر من حماس من بينهم الشيخ محمد الخضري ونجله.
المملكة تسعى من خلال فتح القنوات مع دمشق وربما السعي لعودة سورية للجامعة العربية، تسعى لإحداث تغيير نوعي فاعل، على قاعدة ضم سورية للمنظومة العربية وربما بدعم روسي غير معلن، والتأثير على ثقل محور طهران في المنطقة العربية، هذا السعي الذي لن يُكتب له النجاح ربما، وذلك لعدم علم المملكة على قاعدة الجهل أو سوء التقدير لجهة عمق التحالف الحاصل بين طهران ودمشق.
تغير السلوك السعودي في الشكل، هو لا يؤسس بالضرورة لتحول في المضمون الذي أساسه مزيد من التحشيد ضد طهران، والعمل بجد على تمكين التحالفات، للتأسيس لمواجهة مع الإيراني هي حاضرة وجادة في أجندات المملكة.
نأمل أن يكون التحرك السعودي مخالفاً لاعتقادنا وتحليلنا على قاعدة العمل العربي المشترك وارساء الاستقرار في المنطقة العربية، لكن ” شخصية” وتاريخ المملكة لايقودان لتحولات مبشرة على الإطلاق.
* كاتب صحفي فلسطيني