الخليج وصراع الدول العظمى
شملان يوسف العيسى
ما انعكاسات خلافات الدول العظمى على دول الخليج واقتصاداتها الوطنية؟
ترامب أعلن أنه على الدول التي تشتري نفط الخليج حماية سفنها ومصالحها.
تزايد نفوذ الصين وقوتها الاقتصادية وترتبط بعلاقات متميزة مع دول الخليج وإيران والعراق.
أصبحت الصين المستهلك الأكبر لنفط الخليج وازداد اعتمادها عليه منذ تبنيها سياسة الانفتاح الاقتصادي.
كيف لدول الخليج التوفيق بين حماية أمريكا الأمنية لها و علاقات تجارية واقتصادية متنامية بالصين كقوة اقتصادية صاعدة؟
* * *
شهدت الأشهر الأخيرة تزايد حدة الخلاف التجاري بين الولايات المتحدة والصين الشعبية حول التجارة، حيث فرضت إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب رسوماً جمركية جديدة على صادرات الصين، يبدأ العمل بها في شهر سبتمبر القادم.
وقد تم تأجيل تنفيذها حتى ديسمبر من العام الحالي، وسط نفي الإدارة الأميركية الحالية لأي تأثير سلبي للرسوم على الاقتصاد الأميركي.
كما اتهم الرئيس الأميركي الصين بالتلاعب بالعملة وبأنها تمر بالفترة الأسوأ اقتصادياً منذ 55 عاماً، مؤكداً أن الوضع الاقتصادي الأميركي عظيم ومزدهر.
صندوق النقد الدولي حذّر البلدان من الاعتماد بشدة على تخفيض السياسة النقدية (خفض أسعار الفائدة)، لأن العملات ليست الحل السحري في الجهود الرامية إلى تنشيط نمو الاقتصادات.
ومع تباطؤ النمو العالمي وانخفاض التضخم، خفضت مجموعة من البنوك المركزية في الآونة الأخيرة أسعار الفائدة لدعم اقتصادياتها، فيما يتوقع أن تحذو حذوها بنوك أخرى، مثل البنك المركزي الأوروبي في وقت لاحق من هذا العام.
التساؤل الذي نود طرحه هنا هو: ما هي انعكاسات هذه الخلافات بين الدول العظمى على دول الخليج العربية واقتصاداتها الوطنية؟
هذا مع العلم بأن الدولتين، الولايات المتحدة والصين، تربطهما بدول الخليج علاقات تاريخية قديمة. فالولايات المتحدة ترتبط بدول الخليج عبر مصالح اقتصادية وتجارية بدأت منذ اكتشاف النفط في المنطقة.
فمعظم الشركات النفطية العاملة في الخليج أميركية، لذلك حرصت الولايات المتحدة على حفظ أمن المنطقة حمايةً لمصالحها ومصالح حلفائها من الدول الغربية. وقد احتفظت الولايات المتحدة بعدة قواعد عسكرية، وكان لها دور قيادي مميز في حرب تحرير الكويت لا يمكن لأي مواطن كويتي نسيانه.
أما الصين من جانبها فأصبحت الدولة الثانية عالمياً في حجم اقتصادها، ولها مع المنطقة علاقات تاريخية وتجارية متشابكة منذ إنشاء طريق الحرير قديماً.. وهي وقتنا الحالي السوق المستهلك الأكبر لنفط الخليج.
وقد ازداد اعتمادها على هذا النفط، منذ تبنيها سياسة الانفتاح الاقتصادي، وما تبع ذلك من تزايد في نفوذها وقوتها الاقتصاديين، ما جعلها ترتبط بعلاقات متميزة مع دول الخليج وإيران والعراق.
واليوم أصبحت الولايات المتحدة مكتفية نفطياً بعد تزايد الاعتماد على النفط الصخري، وهذا يعني أنها لن تستورد نفط الخليج. وقد شهدنا في الفترة الأخيرة تغيرات جذرية في السياسة الأميركية، فالرئيس الأميركي ترامب أعلن أنه على الدول التي تشتري نفط الخليج حماية سفنها ومصالحها.
ولعل تلك السياسة الواقعية الجديدة تنقلنا لواقع جديد في العلاقات الدولية.. فكيف لنا كدول صغيرة مسالمة التوفيق بين الولايات المتحدة كدولة عظمى تقدم لنا الحماية الأمنية، وبين الصين كقوة تجارية واقتصادية صاعدة لنا معها علاقات تجارية واقتصادية كبيرة ومتنامية؟
دول الخليج اليوم ارتبطت بمشاريع تنموية كبيرة مع الصين، لبناء مدن وجسور وموانئ وغيرها، منها على سبيل المثال توفير نظم المعلومات الجديدة (5G) من خلال شركة هواوي عملاق التقنية الفنية الجديدة.
فالكويت مثلاً تسعى لبناء مشروع الحزام والطريق، وهو منظومة اقتصادية وتجارية مرتبطة بالصين. إن من مصلحة دولنا تبني سياسة التوازن في علاقتنا بالدولتين حسب مصالحنا.
د. شملان يوسف العيسى - أستاذ العلوم السياسية بجامعة الكويت
المصدر | الاتحاد الظبيانية