بومبيو يحمِل للسعوديّة والإمارات خطّةً لتشكيل تحالف دولي لحماية ممرّات الشّحن البحريّ في الخليج..

  • طباعة
  • PDF
  • مشاركة عبر الفيسبوك
  • مشاركة عبر تويتر
  • مشاركة عبر G+
  • مشاركة عبر انستقرام
  • مشاركة عبر تلغرام
  • مشاركة عبر الوتساب
  • عدد الزوار 2399
  • عدد التعلیقات 0
  • -
    +

وترامب يُهدّد بوقف هذه الحِماية إلا إذا حصل على تعويضاتٍ بأثَر رجعيّ؟ ماذا يجري بالضّبط؟ ولماذا فرض العُقوبات الجديدة على إيران التي تشمل الخامنئي وظريف؟ وهل يملك هؤلاء أرصدةً سريّةً بالمِليارات في أمريكا لا نعرِفها وماذا بعد؟
عبد الباري عطوان
 كشف مايك بومبيو وزير الخارجيّة الأمريكيّ اليوم الثلاثاء عن الهدف المُعلن من زيارته التي يقوم بها إلى كُل من الرياض وأبو ظبي عندما قال إنّه “يُريد بناء تحالف عالمي لمُواجهة أكبر دولة داعِمة للإرهاب في العالم (إيران) لحماية طرق الشحن في مياه الخليج”، وهذا يعني عمليًّا أن تتحمّل البُلدان نفَقات هذا التّحالف وثمن الحماية الأمريكيّة لناقلات نفطها، إلى جانب مُشاركتها “الرمزيّة” في عُضويّته، لأنّها لا تملك أساطيل ولا غوّاصات.
فاللّافت أنّ وزير الخارجيّة الأمريكيّة لم يزُر دول خليجيّة أخرى مِثل الكويت وسلطنة عُمان وقطر، وهي معنيّة بأمن المِلاحة الدوليّة، وتستخدم مضيق هرمز لتصدير نِفطها يوميًّا إلى العالم، الأمر الذي يُؤكّد أن “الجِباية” الأمريكيّة ربّما ستشمل البَلدين المَذكورين فقط.
الرئيس دونالد ترامب أكّد هذه الفرضيّة عندما لمّح لحملةِ الابتزاز الجديدة هذه عندما هدّد مُلوّحًا بالتوقّف عن حِماية ممرّات المِلاحة في مضيق هرمز وجِواره، حيث تعرّضت سِت ناقلات نفط لاعتِداءات أكّد جون بولتون، مُستشاره للأمن القومي أنّ إيران تقِف خلفها، وعزّز نظريّته هذه بالقول “إنّ الصين واليابان هُما على رأس الدول التي يذهب إليها النفط عبر هذا المضيق، ولا بُد أن تتولّى حماية سُفن نفطها بنفسها”، وذهب إلى بيت القصيد عندما تساءل “لماذا نحمي ممرّات ملاحة لسنوات طويلة دون “تعويض” بعد أن أصبحنا لا نحتاج نِفط الخليج وبِتنا أكثر دولة مُنتجة للطّاقة في العالم”.
***
التّرجمة الحَرفيّة لهذه التّهديدات أن ترامب يُريد نصف تريليون دولار على الأقل من السعوديّة والإمارات ليس لتعويض الحماية الأمريكيّة لناقلاتها في الوقت الرّاهن، وإنّما بأثرٍ رجعيٍّ ربّما يعود إلى أربعين عامًا.
قرأنا في الأيّام القليلة الماضية مقالات كتَبها جنرالات مُتقاعدون في الجيش الأمريكيّ قالوا فيها إنّ أمريكا سلّحت دول الخليج بالسّلاح الأقل أهميّة، وباعتها صفقات طائِرات بعشرات المِليارات من الدّولارات، وهذا جميل، ولكنّ الأولويّة بالنّسبة إلى هذه الدول، والسعوديّة والإمارات على وجه الخُصوص، هو شِراء السّفن الحربيّة والغوّاصات لحِماية موانِئها وناقلاتها النفطيّة التي تحمِل صادِراتها إلى الدّول المُستهلكة في أوروبا وشرق آسيا.
إيران تنبّهت إلى هذه المسألة، أيّ التّركيز على السّلاح البحري مُبكرًا، وطوّرت صناعة ذاتيّة لبناء السّفن والغوّاصات والزّوارق السّريعة، لتعويض الحظر المفروض عليها لشراء طائرات حربيّة، ولكنّ جيرانها على الضفّة الغربيّة من الخليج لم ينتبّهوا إلى هذه المَسألة الاستراتيجيّة الهامّة بالشّكل المَطلوب في سوء تقديرٍ لافِت.
لا نستغرِب أن يكون بومبيو حمل معه إلى المسؤولين في السعوديّة والإمارات إلى جانب “فاتورة” التّعويضات الماليّة المُتوقّعة، كشفًا آخر للمُشتريات المُقترحة تضُم سُفنًا وغوّاصات وزوارق للدّفاع عن ناقِلاتها وسُفنها وموانئها النفطيّة.
احتِمالات الحرب تتزايد يومًا بعد يوم ليس بسبب إسقاط صاروخ إيراني طائرة أمريكيّة مُسيّرة فوق مضيق هرمز، وإنّما أيضًا بسبب إقدام الرئيس ترامب على فرض عقُوبات جديدة على ثمانية من قادة الحرس الثوري الإيراني إلى جانب السيّد علي خامنئي، المُرشد الأعلى للثّورة الإيرانيّة في خطوةٍ استفزازيّةٍ جديدةٍ تعكِس حالة إفلاس الإدارة الأمريكيّة، ونفاذ كُل أوراق الضّغط التي تملكها ويُمكن أن تستخدمها ضِد إيران.
ما هِي العُقوبات التي يُمكن أن تفرِضها إدارة ترامب على السيّد خامئني مثَلًا؟ منعه من دُخول الولايات المتحدة وهو الذي لم يُغادر طِهران مُنذ عُقود؟ أم على قادة الحرس الثوري الذين لا يملكون أرصدةً أو حِسابات في المصارف الأمريكيّة أو الأوروبيّة، وربّما حتّى في إيران نفسها؟
***
المُضحك المُبكي أن وزير الخزانة الأمريكيّة كشف أن السيّد محمد جواد ظريف وزير الخارجيّة، سيكون من بين الشخصيّات المُستهدفة بالعُقوبات الجديدة، فما هِي أخطر العُقوبات التي ستَطاله، منعه من الابتِسام مثَلًا، وهل بقَيت هُناك عُقوبات لم تفرِضها أمريكا على إيران طِوال السّنوات الأربعين الماضِية أصلًا.
لا نُبالغ إذا قُلنا أن كُل هذا التّصعيد الأمريكيّ وقرع طُبول الحرب، وزِيارات المسؤولين الأمريكيين إلى الخليج هي من أجل حلب الضّرع الماليّ لدوله حتى النّقطة الأخيرة، وليت الأمر يقتصِر على ذلك، وهذا أهون الضّرر، فالخوف أن يتم إجبار هذه الدّول على بيع أصولها، ورَهن نِفطها وغازها وعوائِده لعُقود قادِمة، تحت ذرائع مُتعدّدة ومُفبركة.. والأيّام بيننا.