حكّام السعودية حصان طروادة ترامب لتحقيق أهدافه؟!

  • طباعة
  • PDF
  • مشاركة عبر الفيسبوك
  • مشاركة عبر تويتر
  • مشاركة عبر G+
  • مشاركة عبر انستقرام
  • مشاركة عبر تلغرام
  • مشاركة عبر الوتساب
  • عدد الزوار 2887
  • عدد التعلیقات 0
  • -
    +

محمد النوباني
 وعليه فإنه لا داعي لأحد أن يتضامن مع آل سعود لأن ترامب يتعمّد إذلالهم وإهانتهم ، فهم يخدمون ترامب عن وعي وعن سبق إصرار وترصّد لأن ذلك ينسجم مع مصالحهم الطبقية الضّيقة وخَدَم ترامب لا كرامة لهم.
من الأمور المعروفة بأن العلاقات التي تربط الولايات المتحدة الأميركية ببلدان العالم الأخرى تتراوح بين التنافس السياسي والاقتصادي والعداء كما هي العلاقة مع روسيا والصين وكوبا وفنزويلا وكوريا الشمالية وإيران ، وتحالف كما هي الحال مع اليابان وكوريا الجنوبية وفرنسا والقائمة طويلة وشراكة استراتيجية كما هو الوضع مع إسرائيل، والتبعية كما هي العلاقات مع جمهوريات الموز في أميركا اللاتينية والكثير من دول ىسيا وإفريقيا و العديد من بلدان القارة العجوز في أوروبا كبريطانيا والعديد من جمهوريات الاتحاد السوفياتي السابق..
ولكن ما يحيّرالمراقب السياسي هو توصيف شكل العلاقة التي تربط واشنطن بالسعودية لا سيما في عهد الرئيس ترامب.، فالأخيرة بحكم كونها كنزاً مالياً للولايات المتحدة الأميركية يجب أن تكون العلاقة معها بالمنطق الشكلي على الأقل مثل العلاقة الأميركية الإسرائيلية علاقة شراكة استراتيجية قائمة على الاحترام المتبادل. بكلمات أخرى فواشنطن بحاجة للمال السعودي وهي تحصل عليه بسهولة ويسر عبّر عنهما الرئيس الأميركي دونالد ترامب في خطابه الأخير أمام ناخبيه في ولاية ويست كانسن الأميركية قبل يومين حينما أشار متبجحاً إلى أنه ليس بحاجة سوى لمكالمة تلفونية واحدة للحصول من الملك السعودي سلمان بن عبد العزيزعلى 450 مليون دولار، واصفاً ذلك بأنه أكثر سهولة من تحصيل مبلغ 130،57 دولاراً من دافع ضريبة في حي من أحياء مدينة نييورك الأميركية ، فعلا تلك الطريق المهينة التي يتعامل بها معهم؟
إنه يتعامل معهم وكأنهم أقنان في مزرعة إقطاعي في القرون الوسطى يعملون لديه بالسخرة بل أكثر من ذلك فهو يهينهم ويتعمّد إذلالهم على مرآى ومسمع من العالم أجمع متى شاء وكيفما يشاء وبصورة همجية وعنصرية وقحة ، لأنه يعتقد بأن ذلك هو أقصر الطرق للبقاء في البيت الأبيض لفترة رئاسية ثانية.
وهنا فليس مهماً إحصاء عدد المرات التي أذلّ فيها ترامب حكّام السعودية أربع أو خمس مرات أو أكثر أو أقل ، بل الأكثر أهمية هو يبّرر فوراً الدوافع التي جدت وتحدوا به للتعامل معهم بهذه الطريقة المهينة والعنصرية عندما يقول بأنهم خلقوا لكي يدفعوا المال له ، أو يصفهم بالبقرة الحلوب التي تدرّ مالً وعندما ينضب المال يجب التخلّص منها لانعدام فائدتها.
وقبل أن ندخل إلى صلب الموضوع فإن ترامب يعلم علم اليقين بأن حكّام السعودية مكروهون من قبل شعبهم لأنهم أنفقوا تريليونات الدولارات التي حصلوا عليها من أرباج وعائدات النفط، والتي كانت تكفي لتجعل من السعودية دولة من أغنى دول العالم بل وحاكمة للعالم ،على الملذات وإنعاش اقنصادات الدول الاستعمارية الكبرى من خلال صفقات السلاح العبثية ، بدل أن ينفقوها على التنمية والتعليم والرعاية الصحية ، ولذلك فهو يبتزّهم لسرقة المزيد من أموالهم ويقول بأنهم لا يستطيعون البقاء في الحكم لأسبوع واحد من دون الحماية الأميركية.
وإذا ما قمنا بعملية تدوير للزوايا فإننا نلاحظ بأن معظم التهجّمات التي كان يشنّها ترامب على حكام السعودية كانت ولا زالت تتم في حملات انتخابية تهدف إما للوصول إلى البيت الأبيض أو للانتخابات النصفية أو للتجديد لولاية ثانية له كما خطابه الأخير في ولاية ويست كانسن.
وهذا يعني إنها تستهدف جمهوره الذي أوصله إلى الانتخابات مُداعباً ثلاثة قضايا تشكّل بالنسبة لترامب صمّام أمان انتخابي أولها اقتصادية ،توفير وظائف وفرص عمل جديدة وإصلاح بنية تحتية متهالكة ، وثانيها الوصول إلى أصوات البيض عبر تكريس إديولوجيا كراهية الأجانب بشكل عام ، وثالثها تصعيد ظاهرة كراهية العرب والمسلمين من خلال تأجيج ظاهرة الإسلاموفوبيا العنصرية.
وهذا يعني بأن حكام السعودية، ومعهم أيضاً حكام الإمارات والبحرين وكل مَن والاهم وتحالف معهم من العرب، باتوا بمثابة حصان طروادة ترامب لتحقيق أهدافه في إحكام الحصار الاقتصادي على إيران وهذا ما عبّر عنه بموافقتهم على زيادة إنتاجهم من النفط خلافاً لقرارات أوبك ومن خلال وعبر ذلك تواطئهم مع إسرائيل لتمرير صفقة القرن التصفوية،
وأخيراً وليس آخراً فإن معادلة ترامب باتت واضحة ومفادها أنه كلما مارس ترامب حقّه الدستوري في معارضة الكونغرس لتزويد السلاح للسعودية على خلفية حرب اليمن، أو منع التعرّض لحكّامها على خلفية مقتل خاشقجي والإعدامات الأخيرة التي طالت 39 مواطناً وغير ذلك من انتهاكات حقوق الإنسان فإنه يتوجّب عليهم أن يدفعوا المزيد من المال.
وعليه فإنه لا داعي لأحد أن يتضامن مع آل سعود لأن ترامب يتعمّد إذلالهم وإهانتهم ، فهم يخدمون ترامب عن وعي وعن سبق إصرار وترصّد لأن ذلك ينسجم مع مصالحهم الطبقية الضّيقة وخَدَم ترامب لا كرامة لهم.

المصدر : الميادين نت