حروب بالوكالة.. في جغرافيا صامدة

  • طباعة
  • PDF
  • مشاركة عبر الفيسبوك
  • مشاركة عبر تويتر
  • مشاركة عبر G+
  • مشاركة عبر انستقرام
  • مشاركة عبر تلغرام
  • مشاركة عبر الوتساب
  • عدد الزوار 2640
  • عدد التعلیقات 0
  • -
    +

محمّد لواتي
 ربما كان" ترامب" صادقاً في مقولته" البقرة الحلوب.." وربما عدم الرد عليه يؤكد أن المقصود فيها وكأنه مجرّد عريف عسكري في ترسانته العسكرية.. ربما ما لا يدرك بالثقافة السياسية يدرك بالثقافة العسكرية عند الأمم التي تحضر نفسها وثرواتها للمستقبل، لكن المؤلم في ثقافة دويلات الخليج هو الهرولة المتتالية للنصير الأميركي على قبح ساسته، مقابل كل ذلك وفي سلوك بائس، المحافظة على العرش ولو أذلّت أمماً بكاملها.. وربما أكثر، فما تقوم به دويلات الخليج من تسويق للخراب لا ضد ليبيا وسوريا فحسب بل ضد أغلب الدول العربية هو الوصف المشين لكلمة البقرة الحلوب..
ومع هذا تحاول عبثاً أن تكون مركز الثقل في الوطن العربي و محوراً إقليمياً أكبر من مساحتها وتاريخها وسياستها، في مواجهة إيران الصاعدة بقوّة.. هي إذن أحلام وأوهام، فالدويلات التي تحمي شعوبها ووجودها في هرم السلطة بالقواعد الأميركية ليست مؤهّلة حتى لقيادة ورشات الدجاج ، وربما الأموال التي جمعتها من الغاز والنفط حوّلتها إلى الأخذ بعقيدة الفراعنة، وتصوّرت أن قارون لم يتوان بعد عن الوجود البشري .. ربما أيضاً ظنّت أنها بترسانتها الإعلامية وما لحقها من شراء الذِمَم تحوّلت إلى خنجر مسموم في ظهر الأمّة العربية قادرة على صنع شيء ما ، وربما لأنها الوكيل العسكري لأميركا وإسرائيل في المنطقة، قرّرت أن تكون جزءاً من حركة الفساد الأميركي الذي يئن منه العالم اليوم بأكمله..
هي أوهام ليست قابلة للتواجد المستمر لا في المنطق السياسي و لا حتى في المنطق الافتراضي.. هي تحاول منذ أمد أن تكون الراعي الأبدي للإسلام (أهل السنّة) بلا احترام لقواعده ، ولكن بالتشويش والاختلاق للمفبركات الإعلامية والتعاون من ألدّ أعداء الأمّة... لقد ذهبت الجهالة بمشايخها الوهّابيين حد تهديد الجزائر بقوّة "الناتو" في جلسة للجامعة العربية حيث قال وزير خارجية قطر لمندوب الجزائر "لا تدافع عن سوريا فالدور آت عليكم وقد تحتاجنا "هذا القول - المسجّل في محاضر الجامعة بالصوت والصورة - ليس مجرّد تجنٍ على الحقيقة وعلى شعب علمه- حين كان يطوف الفيافي حافياً - كيف يقاوم، بل إنه صادر عن قاصر سياسي أشبه بقاصر يري الصبيان أمام أمواج البحر الهائج فيسقط مغشياً، لكن الوفد الجزائري الأصيل بتاريخه والمنتسب لأعظم ثورة غيّرت وجهة التاريخ وحرّرت دولاً من بوتقة الجهل. وضعه في حجمه الطبيعي بالرفض لدعوة التدخّل إن في ليبيا أو في سوريا.
الوفد الجزائري كان قد قال في ما قاله في جلسة الجامعة وبنفس المناسبة - مناسبة دراسة الملف السوري عن قطر - قطر رأس الحربة في المشاكل التي تتعرّض لها الأمّة العربية، لكن قطر المتّهمة بالعمالة لإسرائيل والغرب كله والتي زرعت الشر في ليبيا والإنهاك الذي أصابها لاحقاً من زعماء ليبيا حيث رد على أفعالها المندوب الليبي في الأمم المتحدة "شلقم بقوله: مَن هي قطر..؟ أليس جيشها مرتزقة من بنغلاديش، والنيبال، وباكستان ،قطر.. هذه الدويلات لم تكتف بالتعاون السلبي ضد العرب بل دفعت بمالها "الناتو" إلى تدمير ليبيا ، بل قامت بدور الرأس المدبّر للجريمة وما كشف عنه الصهيوني " هنري ليفي" يكفي لوضع قطر في زاوية الأعراب الذين وصف سلوكهم القرآن الكريم بقوله "الأعراب أشد كفراً ونفاقاً" لقد قال في سياق آخر الرئيس السوري بشّار الأسد للشيخ حمد "أنا أحمي شعبي بالجيش وأنت تحميه بالقواعد العسكرية الأميركية الموجودة على أراضيكم"، و مع ذلك لم يفكر لحظة ويحاول على الأقل أن ينظر إلى تاريخ سوريا ومواقفها وفضلها على قطر، بل عاد وتوعّد وحاول شراً جرّ فرنسا و تركيا إلى صفقة ووضعها في مشروع الحرب مباشرة على سوريا ، ولو كان يعلم في السياسة شيئاً لعرف أن فرنسا غير قادرة على خوض حرب ضد سوريا وهي تواجه أخطر الأزمات في تاريخها، أزمة مالية وأخرى اقتصادية .. وهنا يمكن الاستدلال بما قاله المدير السابق لجهاز مكافحة التجسّس في المخابرات الفرنسية حيث قال "تركيا لن تتدخّل عسكرياً في سوريا هي ترفع الصوت لكن لن تتدخّل ، لا لن يكون هناك تدخّل عسكري غربي في سوريا لأن الغرب والأطلسي غير قادرين على خوض هكذا حرب،"، سوريا ليست ليبيا على الإطلاق والولايات المتحدة غارقة في مشاكلها..".
لو كان لقطر مدخل سياسي في سياسة مفهوم الدولة لأخذت موقفاً آخر لأنها بما هي تقوم عليه مضر بالأساس بها ، فهي لا تملك حتى إمكانيات الدولة، ولو كانت لديها رؤية واضحة اتجاه ما يجري في العالم لما نصبت نفسها دمية لدول الغرب التي تعاني من الانهيار وقد سقطت لحد اليوم دولتان منه اليونان وأوكرانيا والبقية تأتي.
إن المتغير على مستوى العقل هو الأساس والمتغير في دول مزارع الدجاج يبدو جارفاً بأهم الرؤوس فيها، فلا الإمارة ولا الملكية مقبولتان الآن في هذا المتغيّر.. لكن المؤلم هو أن ينجر في هذا السيل الجارف ممن كنا نُحسن الظنّ به وهو القرضاوي(وقد عاش بيننا سنوات معزّزاً مكرّماً) ويصير مفتي "الناتو"، وهنا أعود إلى أحداث وقعت لتوضيح المواقف والرؤى الصالح منها والطالح ..كان الإمام الغزالي في السعودية وكان عالماً يعمل لدينه بصدق، لقد رأى منكراً فلم يتحمّل الصمت عليه لأنه مسلم ويدعو إلى الإسلام، قال لأمراء آل سعود أن أموال الحج التي تأخذونها حرام لأنها وقف على البيت الحرام، ويقال أن هذه الأموال تقسّم، ثلث منها للبيت الحرام والباقي يوزّع على الأمراء، فما كان عليهم سوى ترحيله لدولة أخرى لأنهم رفضوا الاستجابة .. عالم جهر بصوت الحق والدين في وجه طغيان يمارس باسم الدين، يهان من مشايخ لا أخلاق خارج الدولار و لو أن الشيخ القرضاوي ملازم لشرع الله فعلاً لقال بصوت عال: لا يا أمير قطر أنت عاق لوالدك والعاق ملعون وفعله من الكبائر كما تؤكّده النصوص الدينية القطعية الدلالة، لكنه صمت وصمته مقابل تلك الأموال والقصور المُعطاة له مما جعله يدور في فلك السلطان وهو يعلم قول ربنا عزّ و جلّ ((و سكنتم في مساكن الذين ظلموا)).
لقد وصل به المطاف إلى أن يفتي فتاوى البلاط لقد أهدر دم القذافي ، وبشّار الأسد ، وهما مسلمان والحديث الشريف يقول "إذا رأيتم الرجل يرتاد المساجد فاشهدوا له بالإيمان"، في مقابل هذا يقول العالم على الهراوي "إذا رأيتم العالم يتردّد على بيت السلطان فاتّهموه في دينه". و القرضاوي من هذا الصنف الأخير...والأكيد حسب النصوص الدينية أن كل قتلى ليبيا وسوريا دمهم في عنق القرضاوي وحكّام الخليج ، لأن من شارك ولو بالكلمة فهو منهم ، فما بالك بالفتوى في القتل الآثم.. لقد اعتمدت قطر في سياستها المتوحّشة ضد الدول العربية على عناصر ثلاثة أولها قناة الجزيرة بحيث أصبحت تخضع لغرفة مظلمة تفبرك منها الأكاذيب وتحاك من قاعتها المؤامرات و ثانيها فتاوى القرضاوي الذي أصبح مجرّد إمّعة تلعب به المخابرات القطرية بالتقارير المزوّرة و المال.. و ربما أشياء أخرى موعود بها...وثالثها المال فقد كوّنت قطر ومعها دويلات الخليج مالاً فائضاً من الغاز والنفط ، وعوض أن ينفق في النافع للعالم الإسلامي باعتبار أن" المسلم أخو المسلم" وأن أي مسلم نادى في أصقاع العالم من الظلم والبغي أو غيرهما وجب على المسلمين الاستجابة وإن مات فهو في ذمتهم.
أخيرا نؤكد لشيوخ الفتنة أن الجزائر بخير وأن شعبها واع، و أن الذين يحكمونها هم أيضاً غير ممسوخين بالمسخ الذي يعاني منه حكام الخليج، وأن تاريخنا أقوى من أي تاريخ كان، ذلك أننا صنعنا مجدنا بسبعة ملايين لتر من دماء الشهداء ، وأن رموزنا ليست بتلك الصوَر المرسومة على الجدران والكاميرات ، بل مرسومة في القلوب والعقول والضمائر ،أما تخويفنا فنحن جرّبنا الحلف الأطلسي حين كان في قوّته وعتاده ، وجرّبنا من أين تبدأ الحكاية لأشباه الساسة وصنعنا ولا فخراً لغيرنا الحرية وأغلب قادة جيوش إفريقيا هم من خرّيجي مدارسنا العسكرية ولعلّ ما قاله الحُطيئة هو خير الختام ... خلا لك الجو فبيضي ونقري.

الميادين نت