إلى أي مدى يستطيع الملك سلمان حماية نجله ولي العهد؟

  • طباعة
  • PDF
  • مشاركة عبر الفيسبوك
  • مشاركة عبر تويتر
  • مشاركة عبر G+
  • مشاركة عبر انستقرام
  • مشاركة عبر تلغرام
  • مشاركة عبر الوتساب
  • عدد الزوار 6762
  • عدد التعلیقات 0
  • -
    +

ترجمة وتحرير شادي خليفة - الخليج الجديد
 كان من الصعب الحفاظ على النشوة التي رافقت صعود الملك "سلمان" للعرش في يناير/كانون الثاني 2015 خلال الأعوام الأربعة التالية.
ومع تصعيد ابنه إلى أعلى المناصب في المملكة، ليصبح الوجه الجديد للبلاد، بينما ظل والده يختفي تدريجيا من الرأي العام، أصبح من الصعب للغاية الدفاع عن المملكة.
وألقت العديد من الأزمات بظلالها على المملكة في الأعوام الأخيرة، ويمكن لمعجزة فقط إيقاف موجة الانتقادات حول الأعوام الأكثر إثارة للجدل في تاريخ المملكة. وعلى الصعيد المحلي والإقليمي والدولي، وصلت المملكة العربية السعودية إلى طريق مسدود.

لا تسامح
وفي الداخل، أساء ولي العهد الأمير "محمد بن سلمان" إدارة شؤون الأسرة، وهز أساس حكم "آل سعود"، عندما أطلق العنان لسلطته الجديدة باستبعاد وإهانة العديد من الأمراء الكبار، واحتجازهم مع آخرين داخل فندق "ريتز كارلتون" الفخم، ولم يتم إطلاق سراحهم إلا بعد دفع أموال ضخمة أشبه بالفدية، وهم الآن يعيشون على الهامش، غير قادرين على استعادة الاحترام والاعتراف بهم.
غير أن أشد الضربات كانت موجهة للمعارضين، مع عدم إظهار "بن سلمان" أي تسامح أو رحمة مع المعارضة السلمية، وقد أرسل مئات الأشخاص من جميع الانتماءات السياسية إلى سجون سيئة السمعة في الرياض وجدة، وتم استهداف النقاد والإسلاميين والناشطين، وقد فر البعض من البلاد خوفا، ولجؤوا إلى بلدان غربية مثل كندا أو المملكة المتحدة.
وتم استهداف الشباب السعودي بسلسلة من البرامج الترفيهية، مخافة أن تختمر أزمة بين العاطلين عن العمل، لا سيما أولئك الذين عادوا من الخارج مع مستوى عالي من التعليم، يبحثون عن فرص عمل. لكن بدون وظائف، أصبح الترفيه مكلفا وبعيدا عن متناول اليد.
ولا يزال القطاع الخاص يكافح من أجل التوسع، لأن رؤوس الأموال تغادر البلاد بهدف إيجاد ملاذات آمنة أكثر موثوقية، وقد كشفت حقيقة أن المسؤولين السعوديين اضطروا إلى استدعاء النخبة وطلب الإبقاء على أموالهم داخل المملكة عن حجم هذه الأزمة.
وتم تأجيل العديد من المشاريع، ربما إلى الأبد. وربما الأكثر شهرة منها هو خصخصة 5% من شركة النفط الوطنية "أرامكو"، وكانت هذه الخطة بعيدة المنال، ولم يستغرق الأمر أكثر من عامين حتى تتضح الصعوبات والعقبات. والآن، تم تجميد تلك الخطوة، ولا أحد يعرف ما إذا كانت ستحدث مطلقا.

"خاشقجي"
أما من الناحية الاجتماعية والاقتصادية، فقد تم تقديم العديد من الوعود خلال الأعوام الـ4 الماضية، مع نتائج متباينة، ولا يزال الاقتصاد السعودي يعتمد على النفط، لكن أسعار الطاقة غير مستقرة، وسيؤثر هذا على قدرة "بن سلمان" على الوفاء بتعهداته العديدة، من اقتصاد المعرفة إلى برنامج التنويع، حيث تحتاج جميعها إلى أموال نقدية في غياب استثمارات أجنبية جادة.
وأصبح الحصول على هذه الأموال أكثر صعوبة بعد مقتل الصحفي "جمال خاشقجي" في القنصلية السعودية في إسطنبول في 2 أكتوبر/تشرين الأول. وقد ألغى العديد من المستثمرين الأجانب مشاركتهم في مؤتمر "دافوس في الصحراء"، وبقي خيار واحد فقط متاحا، وهو تصفية الصندوق السيادي، والاستمرار في إصدار سندات حكومية. وأصبحت المملكة دولة لا يمكن أن تعمل إلا من خلال اقتراض الأموال من الأسواق الدولية.
ثم تأتي السياسات الإقليمية الأكثر تعقيدا. وتدخل الحرب في اليمن عامها الخامس، بدون انتصارات حقيقية. وفي أواخر العام الماضي، خضع "بن سلمان" للضغوط للتفاوض على حل سلمي واستيعاب أعدائه، الحوثيين، لكن النهاية لم تظهر في الأفق بعد. وفي هذه الأثناء، مات الآلاف من اليمنيين بسبب الغارات الجوية السعودية.
ويقف الصراع بين السعودية وقطر أيضا في طريق مسدود. وكان الحصار الذي تقوده السعودية بمثابة إعلان حرب، لكن لحسن الحظ لم ينفجر إلى حرب كاملة. ولا تعد المصالحة وشيكة، والحرب الإعلامية مستمرة في الاشتعال.
وبدلا من إسقاط النظام في الدوحة، عززت العقوبات التي تقودها السعودية شبه الجزيرة الصغيرة وزادت علاقاتها مع تركيا وإيران، وهو عكس ما كانت تأمل السعودية في تحقيقه.

تدهور العلاقات
وعلى المستوى الإقليمي، يتم تصوير الرياض الآن على أنها النظام العربي الرئيسي الذي يسعى يائسا لتطبيع العلاقات مع (إسرائيل)، وقد تكون هذه ضربة قاتلة لم تظهر نتائجها بعد.
وسوف يعلم "بن سلمان" في نهاية المطاف أنه بدون موافقة الفلسطينيين على خطة سلام، فإن جهوده ستسمح فقط لـ(إسرائيل) بالتأثير على السعودية، بينما يستمر الصراع الإسرائيلي الفلسطيني في تهديد السلام في جميع أنحاء المنطقة، من عمان إلى القاهرة مرورا ببيروت.
وفي الوقت نفسه، تدهورت العلاقات السعودية مع الحلفاء القدامى، حيث نشأت نزاعات بين الرياض وكندا وألمانيا والسويد. وراقب العالم طرد السفير الكندي من الرياض لمجرد تغريدة من قبل وزيرة الخارجية الكندية تنتقد احتجاز الناشطات. وأصبحت كندا الوجهة المطلوبة لطالبي اللجوء السعوديين.
وفي حين لا يزال "بن سلمان" على علاقة جيدة مع الرئيس الأمريكي "دونالد ترامب"، فإنه لا يبدو أنه يؤمن بتنويع علاقاته الدبلوماسية. ويعد كل من "ترامب" و"بن سلمان" من الشخصيات المندفعة، وقد لا تنجح طبيعة العلاقة الانتقائية بين كلا الشخصين في النهاية..
وقد يكون من الصعب على الملك "سلمان" أو ابنه عكس الاتجاه الساخط الذي اجتاح المملكة مع هيمنة الأخير على جميع جوانب الحكومة. وسيأتي الاختبار الحقيقي عندما يفقد "بن سلمان" الغطاء الذي قدمه والده. وعندما يصبح وحيدا في القصر، فقد تنشأ فرص جديدة لتخليص السعودية من هذا الخطر.

المصدر | مضاوي الرشيد - ميدل إيست آي