و.س.جورنال: قطر تستعرض عضلاتها أمام السعودية بالاستثمار في لبنان
ترجمة وتحرير شادي خليفة - الخليج الجديد
تعهدت قطر، الإثنين، بدعم الاقتصاد اللبناني المتعثر بشراء سندات حكومية بقيمة 500 مليون دولار، وهي خطوة تبرز قوتها المالية وتتحدى دور المملكة العربية السعودية باعتبارها الراعي المالي لبيروت.
ويشكل شراء السندات جزءا من الحملة الدبلوماسية وحملة الأعمال التجارية القطرية منذ أن قطعت السعودية، و3 دول أخرى، العلاقات الدبلوماسية وفرضت مقاطعة اقتصادية على الدوحة في يونيو/حزيران 2017.
وتقول المجموعة التي تقودها السعودية إن قطر تشجع التطرف في المنطقة، وأنها تتماشى للغاية مع إيران، وهي الاتهامات التي نفتها قطر.
وتدفع الاستثمارات اللبنانية قطر أكثر إلى المشهد السياسي العنيف في بيروت، حيث يتعامل الوكلاء السعوديون مع "حزب الله"، القوة السياسية والعسكرية المدعومة من إيران، وقد يسمح ذلك لقطر بلعب دور أكثر تأثيرا في لبنان.
وقد لعبت المملكة دور راعي لبنان العربي الخليجي تقليديا، لكن في عام 2016، علقت الرياض حزمة مساعدات بقيمة 3 مليارات دولار احتجاجا على صعود "حزب الله".
وتوترت العلاقة مرة أخرى عندما خرج رئيس الوزراء اللبناني "سعد الحريري" ليعلن استقالته بشكل مؤقت في أواخر عام 2017، بينما كان في رحلة إلى الرياض، ما أثار اتهامات في لبنان بأن السعوديين قد خطفوه.
ونفى المسؤولون السعوديون و"الحريري" أنه تم إجباره على الاستقالة أو أن يكون قد تم احتجازه ضد إرادته.
ومن خلال شرائها لسندات لبنان، ستزود قطر بيروت ببعض المساحة للتنفس، حيث يعاني اقتصادها بسبب الحرب الأهلية السورية المجاورة، ولكنها ستصعد من مستويات الدين العام اللبناني كثيرا، خاصة مع انخفاض السياحة والاستثمار من قبل السعودية والإمارات العربية المتحدة.
وقال "منير راشد"، الخبير الاقتصادي الذي يقدم المشورة لوزارة المالية اللبنانية: "يعطي هذا ضمانات لسوق السندات"، وأضاف أنه من المهم أن تشتري قطر السندات من البائعين الأجانب وليس من البنوك المحلية، لإظهار أن السوق الدولية لا تزال تمتلك الشهية.
ويقوم المستثمرون ببيع سندات الحكومة اللبنانية المقومة بالدولار الأمريكي في أعقاب المخاوف من إعادة هيكلة ديون البلاد.
وتراجعت هذه المخاوف بعد أن أوضحت وزارة المالية أن ديونها سيتم دفعها في الوقت المحدد، لكن التوقعات لا تزال تبدو قاتمة.
ولدى لبنان واحدة من أعلى نسب الدين العام إلى الناتج المحلي الإجمالي في العالم، حيث ترتفع إلى أكثر من 150%، لأنه يأخذ المزيد من الديون لسد ثغرات في الميزانية.
وتبقى البلاد غارقة في مأزق سياسي. ولم يتم تشكيل الحكومة منذ أن عززت انتخابات مايو/أيار موقف "حزب الله" القوي في البرلمان، ما أطلق سلسلة من الخلافات الداخلية التي لم يتم حلها بعد.
وتعهد البنك الدولي والاتحاد الأوروبي والقوى الإقليمية، بما في ذلك السعودية، بحزمة من المساعدات بقيمة 11 مليار دولار للبنان خلال عام 2018. لكن ذلك كان متوقفا على قيام لبنان بتشكيل حكومة فعالة، وتنفيذ إصلاحات اقتصادية مؤلمة محتملة.
ويمنح استثمار قطر لبنان دفعة نقدية دون اشتراط حكومة جديدة، والتي قد لا تزال بعيدة عن التشكل، وقد تم الانتهاء من الاتفاق على الاستثمار الأحد، عندما التقى أمير قطر الشيخ "تميم بن حمد آل ثاني" رئيس لبنان "ميشال عون".
وقال وزير الخارجية القطري الشيخ "محمد بن عبد الرحمن آل ثاني"، في تصريحات نقلتها وكالة الأنباء القطرية: "تحتاج المنطقة إلى لبنان قوي ومزدهر".
وسبق أن ساعدت قطر لبنان في أوقات الاضطرابات السياسية والاقتصادية في الماضي، وبعد حرب عام 2006 مع (إسرائيل)، التي دمرت معظم البنية التحتية للبنان، تقدمت قطر، إلى جانب السعودية، ومولت مشاريع التنمية، وفي عام 2008، اجتمعت فصائل لبنان المتحاربة في قطر ووضعت حدا لمأزقها السياسي، ما مهد الطريق لإجراء انتخابات رئاسية.
وقد سارعت قطر إلى ترسيخ تحالفاتها منذ المقاطعة السعودية، وقالت الدوحة عام 2018 إنها ستستثمر 15 مليار دولار في اقتصاد تركيا، وقد اعتمدت على الواردات الإيرانية واستخدمت المجال الجوي الإيراني.
وفي يونيو/حزيران، تعهدت قطر باستثمار 500 مليون دولار في الأردن، بعد أيام فقط من تعهد السعودية والإمارات والكويت بمبلغ 2.5 مليار دولار لدعم عمّان.
وفي وقت سابق من عام 2018، وعدت قطر، إلى جانب دول أخرى، بتقديم مليار دولار من القروض والاستثمارات للمساعدة في إعادة بناء اقتصاد العراق.
المصدر | نيكولاس بارازي| وول ستريت جورنال