انتفضت معركة الجوع في اليمن ، بعد ان اخذت سياسة التجويع المتعمد مداها، انتفضت شوارع المدن تحرق اعلام التحالف وصور الشرعية ، وتؤكد افلاس هذا الحلف السياسي باستعادة الدولة المستقرة
وكانت المفاجاة هي تعز معقل الشرعية ن حيث خرج الشباب الى الشوراع يعبرون عن سخط وغضب عارم يعبر عن كل يمني في كل المحافظات ،تزامن ذلك مع اغلاق ما تبقى من معامل الاغذية التي لم تغلقها الحرب بسبب انهيار العملة ، بل حتى المخابز اغلقت ابوابها
فلم يعد اليمن يتحمل المزيد من توابع الحرب الاقتصادية ليه، الحرب التي لم يدفع ثمنها الا بسطاء الناس ممن يشكلون اكثر من 80% من الشعب اليمني ممن يربطون الاحجار على بطونهم ك “تعبير رمزي عن الجوع″، ويأكلون اوراق الاشجار كحدث حقيقي لم يكن احد يتصوره.
ملايين ومليارات
ملايين الاطفال يموتون، لانهم فعلا يعانون من اجراءات تجويع ، فقد جاءت نتيجة اغلاق المجال الجوي امام تصدير الغاز الطبيعي الذي كان يرفد المزانية العامة ب 2 مليارات دولار بحسب تقرير البنك المركزي في صنعاء 2015 قبل نقله الى عدن، وهذه كارثة اخرى، ثم تأتي السعودية بعد نقله لترفده ب 200 مليون دولار.
اليمن الذي تمنحه السعودية اليوم وديعة مالية في البنك المركزي المنقول الى عدن قيمتها 200 مليون دولار يعاني من منع شركات الاسماك بعملها وهي التي كانت ترفد الميزانية السنوية ب 300 مليون دولار،
اليمن لايحتاج الى وديعة بنكية من السعودية التي اتخذت اجرءات عقابية ضد المغتربين اليمنيين هناك ، خاصة انهم جزء مهم من صمود ودعم الاقتصاد بسبب التحويلات، التي قلت كثيرا بعد التضييق على المغترب اليمني في السعودية باغلاق المحلات والترحيل ومنع العمل، حيث كانت تحويلات المغتربين تصل الى اكثر من 3 مليار دولار سنويا، فتقطعها السعودية ثم تاتي لتضع 200 مليون دولار وديعة بنكية.
خسرت اليمن 35 مليار دولار في 4 سنوات فقط من اغلاق مطارتها ومنع التصدير ، و15 مليار دولار خلال 4 سنوات من ايقاف النشاط الزراعي والسمكي، والانتاج المحلي بكافة اشكاله، الحياة توقفت وتعطلت تماما، بحسبب الاجراءات القاسية على الاقتصاد بل بسبب هذا التوحش الاقتصادي ، ثم تاتي السعودية وتضع 200 مليون دولار كوديعة، اي اهانة هذه تقدمها السعودية لشعب وبلد جار، قالت انها تدخلت عسكريا من اجل مساعدته على استعادة دولته ، فقدمت اكبر خدمة للانقلابيين الحوثيين.
اليمن لايريد مساعدات او هبات ، لانه بلد غني ويمكنه ان يرفد خزينته العامة بمليارات الدولارات ان اطلق سراحه ، وهو مالم يحدث وتم ادارة المعركة كاجرءات عقابية ضد الشعب اليمني دون استثناء من المهرة الى صعده، لكن ما يحدث في اليمن ،لن يبقى داخل حدود اليمن .
نقل البنك المركزي
كان يجدر بالتحالف ان يدير معركته في اليمن بشرف، بمعزل عن اقحام الاقتصاد، فتحييد الاقتصاد وقوت الناس، واحدة من اساسيات استمرار الدولة بادءا مهامها، فنحن لدينا اكثر من 2 مليون موظف يمني لايستلمون راواتبهم بسبب نقل البنك المركزي من صنعاء، والذي اكد خبراء الاقتصاد وقتها والبنك الدولي، انه اجراء خاطئ وسوف يتسبب بحدوث المجاعة
لقد نقل البنك المركزي الى عدن، مع وعود من حكومة “هادي” بان يتم تسليم الرواتب لكل الموظفين المدنيين، حتى في صنعاء، والمدن التي يسيطر عليها الحوثيون، تماما كما كانت رواتب الموظفين في عدن تصل من البنك المركزي في صنعاء، لان الاقتصاد محايد، ويخسر ان تم تسيسه، وهذا ما حديث في نوفمبر 2016
البنك المركزي كان خلال عامين من الحرب تحت تحت ادارة محمد بن همام حتى نهاية العام 2016 ،ولقد استطاع البرفسور”همام” ضبط تلاعب العملة، ومنع من طباعتها بدون غطاء وساهم ذلك في استقرار الاسعار والاقتصاد، غير ان نقل البنك المركزي الى عدن، واقالة برفسور الاقتصاد الحضرمي، جاء كاجراء عقابي تبعه افلاس الخزينة وطبع اوراق نقدية اكثر بدون غطاء ، فطبعت اموال اكثر مما تم طبعه عبر تاريخ الجمهورية والبنك المركزي.
اضف الى ذلك تفشي الفساد في صفوف حكومة كبيرة متخمة ، اصبحت هي الاخرى من الاجراءات العقابية التي يدعمها التحالف وكانها لعنة على الشعب اليمني وهذا يبرر السخط الشعبي وتمزيق صور “هادي” في قلعة اليمن المدنية في تعز تحديدا ، حيث ظهر كهادم للدولة لا كحامي لها.
فبينما كان يهدف التحالف من فرض الحصار وسلسلة الاجراءات العقابية، وسياسية التجويع انتفاض الناس في وجه الحوثيين ، فان النتيجة جاءت بالعكس، وحمل الناس التحالف والشرعية مسؤولية هذا التدهورالخطير في سعر العملة، وتفاقم الازمة الانسانية، وتفشي المجاعة.
اقصاء تجار السياسة لرجال الاقتصاد
هناك فرق بين تجار السياسية، الذين يتاجرون بمأساة الناس ، وحولوا كل شي للبيع او رهن طموحات التحالف، وبين رجال الاقتصاد الذين يديرون عملهم بمعزل عن المصالح الفردية او السياسية
ان اللجنة الاقتصادية المشكلة قبل شهرين والتي يزيد عدد اعضائها عن 7 ، لم تخلص لاي حل في وقت تتعالى المطالب باقالة هذه الحكومة المتخمة، وتعيين حكومة حرب مكونة فقط من 5 وزرات، والسؤال: كيف ستفهم الشرعية هذا الاقتراح بان على الوزارة ان تكون فقط من 5 وزراء ، ان كانت تعين لجنة اقتصادية لحل الازمة مكونة من 7 اعضاء .
والسؤال الاكبر: هل تحتاج الشرعية بعد 4 سنوات من الحرب ان يذكرها الناس اننا في حرب ، وازمة ومجاعة، وانه يجب ان تشكل حكومة حرب باضيق الحدود وليس تشكل حكومة كانها تدير دولة كبرى.
حكومة متخمة ومترهلة ، لاتخجل من اظهار ثرائها الفاحش، وتعاليها على الناس واحتفالاتها الباهضة، وتلتزم ببرتكول الاحتفالات، حيث يسمع بوضوح اصوات الملاعق في صحون الوزارء حين ترن في اذان الفقراء ، انها اسوأ مرحلة في اليمن، يديرها اسوا حكومة وقيادة في تاريخه
فشل الشرعية وخدمة الانقلاب
فلقد عجزت الشرعية عن الحضور برجال نزيهيين، مخلصين، اصحاب رؤى وطنية، لقد تم اقالة وزراء الخارجية مرتين لاسباب متعلقة بالفساد والمحسوبية، ومثلها وزارة حقوق الانسان، والغريب ان في هذه الحكومة وزارة سياحة تناقش بجدية عوامل ازدهار السياحة ، ولها ميزانية وبنود وتغطيات اعلامية ،وكل ما تتخيله .
يبدو ان كوكب الحكومة يعيش في حياة موازية، بعيدة عن الحياة اللعينة التي يعيشها اليمنيون، ودعنا نقول ان الانقلاب الحوثي استفاد بذكاء من هذه الخفة السياسية، التي يمارسها التحالف والشرعية، واستطاع بفرض الاستقرار في صنعاء، ان يسحب رؤوس الاموال اليمنية من تعز وعدن وحتى السعودية نفسها للاستثمار في صنعاء، حيث يهرب التاجر اليمني بماله من “المدن المحررة” غير المستقرة ، وكذلك من الاجراءات التعسفية ضد المغتربين اليمنيين في السعودية، ليستقر به الحال في صنعاء ، وهي ظاهرة لم تكن متوقعه قبل 3 اعوام، وجعلت من صنعاء العاصمة، اقل المدن تضررا من المجاعة، لكنها هي الاخرى تعاني التوحش الاقتصاد عليها.
هذه المؤامرة الدنيئة التي تقاد من كل الاطراف ، على المواطن اليمني، لم يكن لاي طرف رصيد جيد في مواجهتها، مع ان الامر لايحتاج الى ذكاء ، وقوة ملاحظة ، ان الفساد والحصار سبب رئيس لهذا الدمار باختصار .