هل السعودية بصدد انجاز صفقة سلاح نووي؟

  • طباعة
  • PDF
  • مشاركة عبر الفيسبوك
  • مشاركة عبر تويتر
  • مشاركة عبر G+
  • مشاركة عبر انستقرام
  • مشاركة عبر تلغرام
  • مشاركة عبر الوتساب
  • عدد الزوار 3141
  • عدد التعلیقات 0
  • -
    +

عبدالوهاب الشرفي
 قال وزير الخارجية السعودي ” عادل الجبير ” في مقابلة اجرتها معه قناة cnn الامريكية يوم امس الاربعاء ان بلاده ستسعى لامتلاك سلاح نووي اذا امتلكته ايران .
حديث الجبير عن ان السعودية ستسعى لامتلاك السلاح النووي في حال امتلكته ايران ليس اول حديث سعودي في هذا الشان فقد سبقه ولي العهد السعودي الى ذات القول في مقابلة اجرتها معه ال bbc قبل اشهر كما كان هذا التصريح قد سبق من السعودية منذ وقت مبكر وصرح به ” تركي الفيصل ” رئيس الاستخبارات السعودية – سابق – قبل اعوام .
تصريح ” تركي الفيصل ” كان في العام 2003 م اي قبل الاتفاق النووي الايراني وتصريح ولي العهد السعودي ” بن سلمان ” كان في فترة سريان الاتفاق ، وتأتي تصريحات الجبير الليلة بعد انسحاب ” ترامب ” من الاتفاق النووي ، وكان حديث الجبير اساسا ضمن تعليقه على انسحاب ” ترامب ” من الاتفاق .
مما يستغرب له في التصريحات السعودية هذه انها تتحدث عن امتلاك السلاح النووي مجارة لايران اذا فعلت ذلك ولكن لا توجه لدى السعودية لادارة برنامج نووي سلمي مجاراة لايران التي تمتلك برنامجا سلميا نشطا فالسعودية لديها برنامج محدود للغاية في المجال الذرّي لامقارنة بينه وبين برنامج ايران النووي .
يحتاج الحديث عن برنامج نووي سلمي الى بنية تحتية لا تمتلكها السعودية حاليا ولا يظهر عليها توجه لامتلاكها ، و البرنامج النووي للاغراض العسكرية يحتاج لاضعاف حجم البنية التحتية اللازمة لبرنامج نووي سلمي وهذا يعني ان السعودية غير مؤهلة ذاتيا لانتاج سلاح نووي ، واي احتمال في مجال التسلح النووي السعودي هو في اطار شرائها من الخارج .
تضع السعودية نفسها في موضع الند لايران في المنطقة و تعمل بطبيعة الحال للحفاظ على حالة من توازن القوى – الممكنة لها – مع ايران ، وهي الدولة العربية الوحيدة التي تمتلك ترسانة صواريخ استراتيجية و قادرة على حمل روؤس نووية ، واذا استثنينا الجانب اللوجستي المتعلق بان ايران تنتج صواريخها الاستراتيجية بنفسها بينما السعودية تمتلك مخزون اشترته من الخارج ، فان السعودية تحوز على حالة التوازن مع ايران في القدرات الصاروخية التقليدية ولو من ناحية الامتلاك و بعيدا عن الكم .
انسحاب ” ترامب ” من الاتفاق النووي الايراني قد يعيد احتمالات التطوير النووي العسكري من قبل ايران في حال لم تتوصل ايران مع باقي الشركاء في الاتفاق النووي الى تسوية او لنقل تفاهم يجعل ايران تتمسك بالتزامات الاتفاق المصممة لمنعها من التطوير النووي العسكري بينما سيكون هذا الاحتمال منعدم في حال استمرار العمل بالاتفاق النووي بين باقي الشركاء رغم انسحاب الولايات المتحدة .
انسحاب ” ترامب ” من الاتفاق النووي ليس على خلفية منع ايران من امتلاك السلاح النووي لانه لن يجد ضمانة اكثر من هذا الاتفاق لمنع ايران من فعل ذلك وهذا هو سر تمسك باقي الشركاء بالاتفاق وهم يشاركون ” ترامب ” ذات الموقف من عدم السماح لايران بالتطوير العسكري و جميعم يروا كفاية الاتفاق لضمان عدم تطوير ايران لسلاح نووي ، و بالتالي فتدوير عجلة الادعاء بتطوير نووي ايراني هو احد اهداف انسحاب ” ترامب ” من الاتفاق وقد بدء ذلك بالفعل بمؤتمر رئيس وزراء ” الكيان الصهيوني ” عقب زيارة ” مومبيو ” وزير خارجية الولايات المتحدة ” للكيان الصهيوني ” قبيل اعلان ” ترامب ” الانسحاب من الاتفاق حيث تحدث عن امتلاك ” كيانه ” ل 55 الف وثيقه تثبت تطوير ايران للقنبلة النووية – لم يعرض ولو واحدة منها – و هو موقف تبناه ” مومبيو ” بعد المؤتمر على الفور .
اذا نحن امام افتراضين لاختلال حالة توازن القوة بين ايران وبين السعودية احدهما فعلي وهو في حال انتهاء العمل بالاتفاق تماما وعدم تمسك باقي الشركاء به و ثانيهما غير فعلي لكنه سيقدم من ” الولايات المتحدة ” على انه فعلي و ستدفع تجاه ايران على هذا الاساس وستبني عليه ، وفي كلا الافتراضين ستكون السعودية امام اختلال توازن محتمل فهل سيمثل هذين الافتراضين او احدهما مدخلا لامتلاك السعودية سلاح نووي للحفاظ على توازن القوة مع ايران ؟ وهل ستحصل على من يبيعها قنبلة نووية ؟ .
اذا ما تجاهلنا الابعاد القانونية فمما لاشك فيه ان الحسابات تجاه الاسلحة الاستراتيجية و النووي على رأسها حسابات معقدة وليست فقط متعلقة بحالة توازن القوة بين اطراف متنافسه ، و المتبع يجد مدى الصعوبة و التدخلات للمنع التي تصاحب الحديث الروسي بتزويد الحكومة السورية بمنظومة ال s 300 لما سيترتب عليها من اخلال بتوازنات القوة للدول المعنية بالملف السوري ، وهذا بحق منظومة دفاع جوي اما في حق سلاح نووي فالامر اكثر تعقيد وصعوبة بكثير .
تظل السعودية حليف قوي لغير قوة عظمى و السماح بامتلاكها اسلحة استراتيجية هو امر قد حصل و يمكن ان يتكرر و الم يكن من الولايات المتحدة فسيكون من غيرها كما باعتها الصين صواريخ استراتيجية قادرة على حمل روؤس نووية ، و الحفاظ على حالة توازن قوة بين السعودية و بين ايران ليس فقط سعيا سعوديا وانما ايضا التزاما لحلفائها في ظل الصدام المشترك مع ايران ، لكن هل هذا الامر سيسري بحق السلاح النووي اذا ما امتلكته ايران .
بالنظر لوضع السعودية و لطبيعة تحالفاتها يمكن الجزم بان الحسابات تجاه السلاح النووي ستظل مختلفة عن غيره من الاسلحة الاستراتيجية ، فلا البنية الادارية ولا البنية اللوجستية ولا الاستقرار السياسي يسمحان بمجازفة كتسليم السعودية قنبلة نووية ، كما ان طبيعة التحالف ايضا لن تسمح بذلك فمهما كانت متانة هذا التحالف مع المشاريع الامريكية او البريطانية او الفرنسية او ” للكياني الصهيوني ” الا ان تسليمها سلاحا نوويا هو امر غير ممكن على الاطلاق لان الحسابات هنا ليست مقتصرة على ايران وانما ستصبح متعلقة بجميع الدولة وتسليم السعودية ايران سيمنحها درعا قد يؤهلها للتحكم في قرارها السياسي ولدرجة احتمال خروجها من السير في المشاريع الامريكية وهو امر لايمكن السماح بقيام احتماله اي كان اختلال توازن القوة بينها وبين ايران .
كانت السعودية ممن مولوا القنبلة النووية الباكستانية وكان ذلك مسار نسبي بديل لعدم وجود فرصة امتلاك السعودية لها ، لكن العلاقة مع الباكستان في السنوات الاخير لم تعد بذات المستوى السابق وهو امر ينعكس على التوازن النسبي الذي كانت توفره القنبلة النووية الباكستانية للسعودية ولم تعد – السعودية – تحوزه حاليا ، لكن يمكن اخذ هذا الطبيعة من الاستفادة النووية هي المتاحة للسعودية امام اي تطوير نووي ايراني وهو متساير ايضا مع التوجه الامريكي ” لنهب ” السعودية اموالها ، فقد تنشاء علاقة تحت عاملي الحاجة للحفاظ على توازن القوة بين ايران و السعودية و الابتزاز المالي للسعودية تتمثل في بيع السعودية قنبلة نووية دون تسليمها لها ، بمعني قد يمنح للسعودية صورة انها اشترت قنبلة نووية ودفعت قيمتها وباضعاف مضاعفة لكن بشرطين ان تظل في غير حيازة السعوديه حتى لو ادخلت الى داخلها فتكون في حيازة القاعدة الامريكية في السعودية و ان لاتملك السعودية القرار بتحريكها او استخدامها وان منحت حق طلب ذلك ، وهذا هو اقصى ما يمكن ان تحصل عليه السعودية من علاقة نووية بمقابل اي تطوير نووي ايراني هو بحد ذاته ايضا غاية في الصعوبة بل قد تسبقه الحرب اذا ما توجهت فعليا اليه .