التحالف العربي بين ورطة اليوم ومعضلة الغد باليمن.. ومعركة سوقطرة البداية
صلاح السقلدي
لم تعد مُعضلِة” ورطة” التحالف الذي يخوض حرباً باليمن بقيادة المملكة العربية السعودية ودولة الإمارات العربية المتحدة مقتصرة على تعثّــره بحسم هذه الحرب عسكرياً وإخفاقه بإسقاط صنعاء بعد ثلاث سنوات من القتال الدامي, بل في صعوبة وتعقيد المشهد اليمني بوجه هذا التحالف والذي يزداد تعقيداً وتشابُكاً يوما إثر يوم, شمالاً وجنوباً,كلما طال أمد الحرب وازدادت الورطة الخليجية فيها انغماسا, وعلى كل الصّعُــد العسكرية والسياسية والاجتماعية والفكرية والإنسانية, وهذه الأخيرة وبسبب كثرة ضحايا هجمات الطيران قد حشرت التحالف بزاوية الحَـرَج الأخلاقي الضيقة في الوقت الراهن وفي المستقبل, سواءً استطاع هذا التحالف في نهاية الأمر من هزيمة الحركة الحوثية “أنصار الله” أو دخَلَ معها ومع باقي القوى بتسوية سياسية, فالمشهد بالحالتين معقدا أشد التعقيد أمام التحالف وأمام كل اليمن بالطبع.
ففي حال هزيمة هذه الحركة هزيمة عسكرية شاملة وإخراجها من المشهد كسلطة موجودة على الأرض- في معظم محافظات الشمال,مع أن هذا يبدو صعباً إن لم يكن مستحيلاً-على الأقل حتى اليوم- فلا يمكن لــ” التحالف” من القضاء عليها كحركة فكرية وسياسية تمتع بدعم شعبي كبير في محافظات الشمال,وشمال الشمال بالذات وتتحصن بجغرافيا صعبة المسالك أمام الجيوش النظامية والغرباء, ويجيد أهاليها الحروب فيها ببراعة وخفة, وهذا يعني بالضرورة انتقال الحرب الى أشكالٍ أخرى وبأساليب أكثر وطأة ودموية, ليس أقلها حرب عصابات خفية خاطفة استنزافية.فما تزال مرارة حرب عقد الستينات من القرن الفارط بين القوى الجمهورية المدعومة من مصر عبدالناصر وبين القوى الملَكيّة المدعومة حينها من السعودية ماثلة للعيان بكل تعقيداتها وضراوتها وفداحة خسائرها,وما فيها من عِبر تتلخص أهمها بحقيقة صعوبة تفرّد طرف دون طرف بحكم صنعاء ناهيك عن اليمن ككل – اليمن الشمالي نقصد-.
وبالتالي ومن شواهد اليوم كإرهاصات للمستقبل يجعل الاعتقاد قويا لدينا بأن ثمة حرباً قادمة طويلة الأمد تتشكل في ثنايا الحاضر ستأخذ لها أبعاداً ووسائل أكثر قسوة مما تتبعه اليوم ,نقصد هنا بين طرفي الصراع الدائر اليوم والمتمثل بالطرف المسمى بالشرعية والمسنود من السعودية والإمارات -بكل تشعبات هذا الطرف حزبيا وسياسيا وفكريا بما فيها القوى الملتحقة به حديثاً والمنسلخة لتوها عن قوات الرئيس السابق صالح بعد مقلته, بقيادة العميد طارق- وبين الحوثيين والقوى التابعة للمؤتمر الشعبي العام في صنعاء” كطرفٍ ثان.هذا في حال أن تم هزيمة الحوثيين كسلطة.
أمّأ في حال تمت التسوية السياسية بين الحوثيين والقوى المنضوية تحت مسمى الشرعية والتحالف فلن يدوم ذلك كثيرا, بقدر ما سيشكل التقاط لأنفاس الجميع قبل الدخول بحرب من نوع آخر بعد أن تتبدل التحالفات ,فسنرى وفقاً لمؤشرات ومعطيات اليوم حرباً أكثر ضراوة بين أطراف القوى المنضوية تحت لواء التحالف المسماة بالشرعية كحزب الإصلاح “إخوان اليمن” وقوات المؤتمر الشعبي العام الموالي للإمارات بقيادة العميد طارق صالح, والجماعات الدينية المختلفة المتشددة بما فيها السلفية الخصم الفكري لحركة الإخوان والجماعات المتطرفة الأخرى,فجميع هذه القوى متنافرة سياسيا وفكرياً فضلاً عن توزع ولاءاتها للخارج بصورة مريعة في ظل احتدام الأزمة الخليجية..فما يحدث اليوم في سقطرى مرآة عاكسة لمدى اتساع هوة الشقاق بين التحالف وأكبر فصائل الشرعية “حزب الاصلاح إخوان اليمن” الى درجة غير مسبوقة من الحِدة والخطورة يبدو ذلك جليا بالخطاب الإعلامي لهذا الحزب الذي بات يجاهر بالدعوة لطرد ما يصفه بالاحتلال الإمارتي,وما يقابله من خطاب إماراتي جاف النبرة والجرأة بالكشف عن مقاصد وجوده العسكري وخصوصاً في جزيرة سقطرى التي يلمح رموز إماراتية بأن لبلادهم حقا تاريخيا فيها.هذا بالإضافة الى ما يجري في مدينة تعز من صدامات دامية شبه يومية بين أكبر وأخطر أطراف هذه الشرعية حزب الإصلاح وبين الجماعات السلفية المدعومة إماراتياً بقيادة الشيخ السلفي المتشدد أبو العباس,وسيكون الوضع أكثر فظاعة في حال أن وصلت قوات العميد طارق الى مشارف المناطق الخاضعة لسيطرة خصمه اللدود حزب الإصلاح خصوصاً أن طارقا يتم تسمينه عسكريا وماليا وإعلاميا من قبل الإمارات لمجابهة إخوان اليمن وتحديدا منذ أن فقدت أبوظبي الرهان على نسف الجبهة الحوثية من داخلها بواسطة الرئيس السابق صالح الذي أنتهى به المطاف بتلك الصورة الدراماتيكية القاسية.
*صحافي من اليمن @bka951753