الحريري يعود بشكل لائق الى الرياض.. وماذا عن ملف الغاز واسرائيل

  • طباعة
  • PDF
  • مشاركة عبر الفيسبوك
  • مشاركة عبر تويتر
  • مشاركة عبر G+
  • مشاركة عبر انستقرام
  • مشاركة عبر تلغرام
  • مشاركة عبر الوتساب
  • عدد الزوار 2310
  • عدد التعلیقات 0
  • -
    +

منى صفوان
 لبنان مهم، والسعودية لا تريد ان تخسر حلفاؤها هناك، ولعل خطوة توجيه دعوة لسعد الحريري بشكل بروتكولي لائق، خطوة مهمة ليلبي الحريري الدعوة باهتمام وسرعة، الامر يبدو مهما ان كان يعني عودة التوازن في السياسية اللبنانية، وليس فقط العلاقات الشخصية بين ال الحريري والبيت السعودي
بحيث لايكون لبنان السياسي تابعا لقوى اقليمية تنفرد به عن الساحة العربية ، وهو المشغول بصراع متطور مع اسرائيل، فالتوازن اللبناني مهم لتوازن المنطقة، وعودة الود بين الحريري والسعودية بعد فصل “الصدمة الايجابية” يقول الكثير.
غير ان التوازن اللبناني من الخارج قد ينظر اليه انه بداية صراع داخلي ، فهل هناك اطراف لبنانية يزعجها التقارب الحريري- السعودي، لايمكن قول ذلك الان فالكل بحالة ترقب لنتئج الزيارة، في كل الاحوال الصراع الداخلي او الخلاف الداخلي حيوي وتحسمه الانتخابات ويبقى محصورا ضمن قواعده السياسية
فرض السياسية السعودية الناعمة يبدو مجديا اكثر، دعوة فخمة للزيارة، استقبال لائق، جلسات رسمية وودية، وسيلفي بين رئيس الوزراء اللبناني وولي العهد السعودي، زيارة يمكن وصفها بالمريحة، بعد فصل مشدود وغامض.
ان سياسة الجذب الناعم نتائجها افضل من سياسية الشد الخشن، وهذا ما قالته تجربة استقالة سعد في الرياض، ومن ثم عودة سعد للرياض. ويمكن مقارنة المشهدين والصورتين والطريقتين.
بالتأكيد لايمكن تجاوز دور واهمية ومصالح السعودية، كما لايمكن تجاوز تأثير لبنان، ومن الذي يفكر بخسارة لبنان في زمن التجاذبات، البلد الصغير المؤثر، الطائفي بامتياز، ومحط الاطماع الاسرائيلية، وصاحب المشروع السياسي المهم الذي يتجاوز حدوده الجغرافية، وربما اعطى لبنان درسا جديدا في السياسية يتعلق بكيفة كسب الحلفاء او المحافظة على الحلفاء الجدد.
خاصة ان رؤية الحريري فيما يخص تدخل حزب الله في سوريا واليمن هي نفسها رؤية السعودية، والحريري بعودته عن قرار الاستقاله اختار لبنان وليس التحالف مع حزب الله، برغم ذلك رفض الطريقة القسرية في التعامل، وهذا ما يجعل لبنان يبدو كبيرا ولائقا ويستحق تحالف واستقبال الكبار
التجربة مهمة جدا ، بعد استقالة غامضة، وظروف غامضة وحديث عن اجبار سعودي، ثم عودة الى لبنان وعودة عن الاستقالة ، ولم يعني هذا القبول بتحالف بين الفريقين 8 و14 اذار واستمرار الحريري بذات السياسة، وبعدها زيارة الرياض.
الدرس اللبناني مهم، لقد تم الترفع وقتها عن الطائفية، وتوحد الشارع اللبناني، لاسيما السياسي، ووقف معه الرئيس ورفض الاستقالة عن بعد، كما كان تحالف 8 اذار مشددا على عودة الحريري من الرياض
في المواقف الوطنية يكسب الجميع، واليوم لم يعد يمكننا التحدث عن قطيعة سعودية مع الحريري، بل عن تحالف جديد برؤية جديدة، وبعد سيلفي مع الوزير “المختفي” ثامر السبهان الذي كان له دور سلبي في تصعيد الازمة، اصبحت الامور اكثر اريحية بسيلفي مع ولي العهد محمد بن سلمان، قد يعني هذا بداية مرحلة جديدة لسياسية السعودية في لبنان.. بالسياسة الناعمة.
لن يحترمك احد اذا لم تحترم نفسك، وعليك ان تفرق بين التحالف والتبعية، نتمنى ان تسير الامور في هذا السياق، هاهي السعودية تتصرف بما يليق برئيس دولة مستقلة، وتتصرف مع الحريري كرئيس وزراء مستقل ايضا، لايحتجز ولا يرغم على قول شيء بطريقة لا تناسبه، وكان للبنان “الموحد” دور في جعل الامور تسير بهذه الطريقة لاسيما الدور الذي لعبه رئيس الجمهورية الجنرال عون بتقديم الدعم والعون لرئيس حكومته ومطالبته بعودته، ولم يذهب للتصعيد، ولذلك راينا بعدها الصورة الطبيعية للبنان بحضور رئيس الحكومة واكتساح شعبيته في الشارع اللبناني، وخرجت الناس هذه المرة من اجل سعد الحريري لذاته، وليس لانه ابن رفيق الحريري .
الدرس اللبناني يمكن ان يطبقه اي من حلفاء السعودية، فالسعودية دولة كبيرة ومهمة ومؤثرة والتحالف معها مهم، ولكن كيف يكون هذا التحالف، هل يكون على حساب الثوابت الوطنية والسيادة والاستقلال، هل يعني تحالفك مع المملكة العربية ان تلغي حدودك الوطنية، وتخون منصب الرسمي، وموقعك الوطني وتجازف بشعبيتك.
لبنان بعد عودة الحريري لم يسلم الامر بالكامل لتيار 8 اذار بقيادة حزب الله المدعوم من ايران ، بل ابقى على وجود التيار السني وتحالف 14 اذار، وهو مقبل على الانتخابات النيابية الاولى منذ 9 سنوات عاصفة
هذه الانتخابات ليست مهمة للتيارات والاحزاب اللبنانية بل ايضا للقوى الاقليمية التي تتصارع على لبنان ، وعلينا ان تنذكر هنا انه بعد عودة الحريري لم يهاجم حزب الله وايران على غرار ما قاله في الاستقالة برغم انه شدد على انه لن يتحالف مع حزب الله
وفي نفس الوقت لم يهاجم السعودية، واستمر بنفي الحديث عن الاحتجاز والارغام على الاستقالة، ولم يتحدث بسوء عن المملكة ، هذا النضج السياسي من قبل سعد الحريري له دوافع كثيرة لكنه في الاخير يصب لمصلحة هذا البلد المثير للجدل والاطماع، البلد الذي يستعد لاستخراج ثرواته من البحر بعد كشف النقاب عنها، ونحن نعلم ان قرار النفط واستخراج النفط هو قرار سيادي، وكان احيانا يصطدم مع مصالح دول نفطية في المنطقة منها السعودية، لكن الحريري تجاوز ذلك بحس وطني وليس بحس العناد الشخصي.
واصبح كل التركيز على المطامع الاسرائيلية والرفض الاسرائيلي ومقاومة الضغوط الامريكية على الحكومة اللبنانية، وان كنت ممن يتوقع ان الخطوة السعودية جاءت بايعاز امريكي بعد فشل الطريقة الامريكة، لاستمالة الحريري وقرار الحكومة بتقاسم البلوك 9 البحري مع اسرائيل ، وتقاسم الغاز والثروة التي هي من حق لبنان المستقل مع كيان صهيوني يغتصب اساسا الثروات الفلسطينية، ان كنت تتوقع ذلك فان الامر مفتوح لكل الاحتمالات، لاشيئ يؤكد او ينفي.
مربط الفرس هو التصرف الحريري، او ربما التطمينات الحريرية، فبعد ان اعلن الحريري الابن بنفسه الخبر الاهم منذ عودته من الرياض، وان في لبنان نفط، واعلن ان التعاقد مع الشركات خاصة الفرنسية وقع بعد مناقصة حكومية اعلن عنها، فان الخطوة المقبلة هي اعلان بدء العمل على استخراج الغاز من البحر، وتحول لبنان الجميل الى بلد نفطي رغما عن انف اسرائيل، هذه هي الخطوة المنتظرة، ولن نقول ان زيارة المملكة الشقيقة سيغير شيء ما في الموضوع، سوى عودة المياة الى مجاريها، ونؤكد ان التحالف مع العربية السعودية تحالف مهم، تحالف ندي، ونتوقع ان السعودية نفسها تتصرف بهذه الندية مع حلفائها الكبار “الولايات المتحدة الامريكية” وتفرق بين التحالف والتبعية.