«ن.تايمز»: «بن سلمان» يستكمل السيطرة بإبعاد «متعب».. واعتقال «بن طلال» صدمة عالمية
ترجمة وتحرير فتحي التريكي - الخليج الجديد
أعلنت السعودية مساء أمس السبت اعتقال الأمير «الوليد بن طلال»، أحد كبار المليارديرات، بالإضافة إلى عشرة أمراء آخرين، وأربعة وزراء، وعشرات من الوزراء السابقين.
وجاء الإعلان عن الاعتقالات على قناة «العربية«»، وهي الشبكة الفضائية المملوكة من قبل الدولة، ومن المؤكد أن اعتقال الأمير «الوليد» سوف يرسل موجات من الصدمة داخل المملكة وفي المراكز المالية الرئيسية في العالم.
يعد «الوليد بن طلال» واحدا من أغنى الرجال في العالم، وهو يمتلك ححصا في «نيوز كورب»، «سيتي جروب»، «تويتر»، والعديد من الشركات الأخرى المعروفة، كما يسيطر الأمير على عدة شبكات تليفزيونية فضائية واسعة المشاهدة في العالم العربي.
ويبدو أن حملة الاعتقالات الواسعة هي الخطوة الأخيرة لتعزيز سلطة ولي العهد الأمير «محمد بن سلمان»، الابن المفضل لوالده الملك «سلمان».
ومع أن عمره يبلغ 32 عاما فقط، أصبح لولي العهد الصوت المهيمن في المملكة في سياسات العسكرية والاقتصادية والاجتماعية وفي العلاقات الخارجية، ما أثار الكثير من السخط في العائلة المالكة، بسبب حوزه هذا القدر من السلطة في سن غير مسبوق.
احتجاز مدبر
وأًصدر الملك أمرا ملكيا بتشكيل لجنة جديدة لمكافحة الفساد برئاسة نجله وولي عهده قبل ساعات فقط من إصدار اللجنة أوامر بالاعتقالات.
وقد تم إخلاء فندق «ريتز كارلتون» في الرياض، وهو الفندق المفضل للعائلة المالكة يوم السبت، ما أدى إلى إثارة شائعات أنه سيستخدم لاحتجاز افراد العائلة الموقوفين، وتم إغلاق المطارات امام الطائرات الخاصة، ما أثار تكهنات بأن ولي العهد يسعى إلى منع رجال الأعمال من الفرار قبل تنفيذ اعتقالات أخرى.
وكان الأمير «الوليد» قد أجرى مقابلات مع وسائل الإعلام الغربية في الآونة الأخيرة في أواخر الشهر الماضي وأدلى بتعليقات حول مواضيع منها خطط المملكة لاكتتاب «أرامكو»، كما سبق أن ظهر علنا بصحبة الرئيس الأمريكي «دونالد ترامب» قبل أن يصبح رئيسا.
وكان الأمير واحدا من مجموعة من المستثمرين الذين اشتروا فندق بلازا في نيويورك من «ترامب»، كما اشترى منه يختا باهظ الثمن، ولكن في تغريدة على «تويتر» في عام 2015 وصف الوليد المرشح «ترامب» أنه «عار ليس فقط على الحزب الجمهوري ولكن على كل أمريكا».
وبصفته رئيسا، طور «ترامب» علاقة دافئة ومتعاضدة مع ولي العهد السعودي الذي صعد من عالم المجهول في السنوات الأخيرة ليصبح المتحكم الأوحد في السياسة السعودية.
انقسام
غير أن هذا الصعود السريع أثار انقساما بين السعوديين، ففي حين يثني العديد منهم على رؤيته، ويربطونه بجهود معالجة المشاكل الاقتصادية التي تواجه المملكة، ووضع خطة لتجاوز اعتمادها على النفط، فإن هناك آخرين يرونه عديم الخبرة ومتهورا ومتعطشا للسلطة، وهم يشعرون بالاستياء منه لتجاوز أقاربه الأكبر وتركيز الكثير من السلطة في فرع واحد من الأسرة.
وأفادت الأنباء أن ما لا يقل عن ثلاثة من كبار مسؤولى البيت الأبيض، بمن فيهم صهر الرئيس، «جاريد كوشنر»، ترددوا على السعودية الشهر الماضي في اجتماعات لم يكشف عنها في ذلك الوقت.
وعلى الرغم من قوته المالية، فإن «الوليد بن طلال» يصنف على أنه أحد الأصوات الناشزة في العائلة المالكة -رغم أنه ليس منشقا- بسبب ميله إلى الحديث بجرأة غير عادية حول مجموعة متنوعة من القضايا الحساسة في السعودية، ودعم «الوليد» علنا النساء اللواتي قدن السيارة قبل فترة طويلة من إعلان المملكة السماح بذلك، كما قام بتوظيف العديد من النساء في دوائره.
وفي عام 2015، تعهد «الوليد» بالتبرع بثروته البالغة 32 مليار دولار للجمعيات الخيرية بعد وفاته، ولم يتضح بعد ما إذا كانت لجنة مكافحة الفساد في السعودية سوف تسعى إلى مصادرة أي من أصوله.
اكتمال السيطرة
وتعتبر المملكة العربية السعودية ملكية مطلقة بلا دستور مكتوب، أو مؤسسات حكومية مستقلة مثل البرلمان، لذا يصعب تقييم دقة الاتهامات بالفساد، فالحدود الفاصلة بين الأموال العامة وثروة الأسرة المالكة غامضة في أحسن الأحوال، ويعتقد أن الفساد، بمفهوم البلدان الأخرى، واسع الانتشار.
وجاءت هذه الاعتقالات بعد ساعات من استبدال الملك للوزير المسؤول عن الحرس الوطني السعودي الأمير «متعب بن عبدالله» ليتم وضع الفرع الثالث والأخير من القوات المسلحة السعودية تحت سيطرة ولي العهد.
وكان الملك قد عين ولي العهد «محمد بن سلمان» وزيرا للدفاع في عام 2015، وفي وقت سابق من هذا العام، أزال الملك ولي العهد الأمير «محمد بن نايف» من على رأس وزارة الداخلية ووضعه قيد الإقامة الجبرية، ومدد نفوذ نجله ولي العهد على قوات وزارة الداخلية التي تعد القوة المسلحة الثانية في البلاد.
وانتشرت الشائعات منذ ذلك الحين بأن الملك «سلمان» وابنه المفضل سينقلبان قريبا ضد الأمير «متعب» قائد القوة المسلحة الثالثة، وهو التوقع الذي أثبت صحته في نهاية المطاف.
المصدر | نيويورك تايمز