ميزة حراك 15 سبتمبر في السعودية

  • طباعة
  • PDF
  • مشاركة عبر الفيسبوك
  • مشاركة عبر تويتر
  • مشاركة عبر G+
  • مشاركة عبر انستقرام
  • مشاركة عبر تلغرام
  • مشاركة عبر الوتساب
  • عدد الزوار 2622
  • عدد التعلیقات 0
  • -
    +

علي شهاب
ميزة حراك 15 سبتمبر أنه اختزل كل الأزمات التي تعيشها المملكة السعودية من أزمتها الإقتصادية إلى الأزمة في اليمن وسوريا وأخيراً مع قطر، ونجح في استنفار كل تحالفات العائلة الحاكمة المحلية مع المؤسسة الدينية وفي أوساط القبائل دفاعاً عنها.
في بلد كالمملكة العربية السعودية، لا يُقاس نجاح أو فشل أي دعوة لحراك بحجم المشاركين فعلياً.
في بلد كالسعودية؛ حيث الإحتجاج محظور والعمل الحزبي والنقابي ممنوع وانتقاد السلطة قد يزجّ بك في السجن، ينخفض مقياس نجاح أي مبادرة إلى حدّ إعلاء الصوت فقط!
إنجاز حراك 15 سبتمبر أنّه أعلى الصوت ليتحدث عن أزمات المملكة التي استنفرت على مدى الأيام الماضية كل أجهزتها خوفاً.
أهمية حراك 15 سبتمبر ليست في تفاعل السعوديين معه على الأرض، ولا حتى في تفاعلهم معه إفتراضياً، بعد أن أرهبت السلطة المواطنين بإطلاق حملة أمنية قبل يومين للتبليغ عن أي "محرّض" عبر شبكات التواصل الإجتماعي واعتقال ما يزيد عن 30 داعية وشخصية حتى الساعة.. أهميته ببساطته وفي توقيته.

ففي هذه المرحلة، السعودية ليست على ما يُرام في الداخل والخارج:
المستنقع اليمني يسحبها إلى أوحاله يوماً بعد يوم، مع تعنت ولي العهد ورفضه وقفها من دون مخرج إعلامي يحفظ ماء الوجه.
الحرب في سوريا من زاوية سعودية قد انتهت بالرضوخ ببقاء بشار الأسد رئيساً.
المنافس الإيراني يتقدم في الإقليم ويحقق إنتصارات أحالت معها كل المواقف الرسمية السعودية إلى حملات إعلامية للتنفيس عن غضبٍ مكنون.
الأزمة الخليجية مع قطر تراوح مكانها؛ التراجع الآن يسيء إلى صورة البلد الخليجي الأكبر، والتورط أكثر يدفع بالأزمة إلى أفق مجهول هو آخر ما تحتاجه الرياض.
العلاقة مع الولايات المتحدة لم تعد إلى عهدها السابق بالرغم من المليارات الثلاثمئة والستين؛ فالرئيس دونالد ترامب يعتبر الإبتزاز أداةً من أدوات التفاوض السياسي. استمرار العمل بقانون "جاستا" يؤكد ذلك، وموقف ترامب المتردد من الأزمة مع قطر يؤكد ذلك.
أما في الداخل فالأمور لم تكن يوماً أسوأ بالنسبة للعائلة الحاكمة، من أزمة الحكم نتيجة تمادي محمد بن سلمان في السيطرة على مفاصل النظام، إلى الإمتعاض الشعبي مما آلته إليه الحالة الإقتصادية بعد ثبوت فشل رؤية 2030، فالضغوط المتزايدة لتحقيق إصلاحات حقوقية، وإصرار السلطة على استعداء الأقليات.
أمام كل ما تقدم، ما الذي يمنع الشعب من الإنتفاض؟
في الواقع، لا يمكن الحديث عن أي تحولٍ جذري في دولة كالسعودية من دون استحضار عامل الدور والموقع واللحظة التاريخية.
من سخرية القدر أنّ خصوم السعودية لا يتمنون لها بطبيعة الحال الإنهيار؛ بالنسبة لدولة بحجم ورمزية السعودية لن يبقى أي حراك عنيف ضمن حدوده الجغرافية. كما إنّ أي حراك سلمي سيؤدي حتمًا إلى موجات من العنف نتيجة للعقلية الحاكمة في التعامل مع المطالب. ما الحلّ إذاً؟
حتى الساعة لم تكن الضغوط الأميركية المطالبة بإجراء إصلاحات داخل المملكة بالحجم اللازم من الجدّية، بل يمكن القول إن السياسة الأميركية كانت شريكة في محطات عديدة للقفز فوق العديد من الملفات الشائكة بهدف الحفاظ على الواقع كما هو ومنع التغيير.
لا يمكن التعويل على التأثير الأميركي، خاصةً في زمن ترامب. وبما أن سياسات خصوم السعودية الإقليميين لا تشمل خيارات "إنتحارية" للمنطقة، فالرهان الوحيد للتغيير محصور بعاملين:
- الحرب في اليمن في حال نفذ الحوثيون تهديداتهم الأخيرة.
- إنقلاب في العائلة الحاكمة على محمد بن سلمان؛ الملك المرتقب.
ميزة حراك 15 سبتمبر أنه اختزل كل هذه الأزمات ونجح في استنفار كل تحالفات العائلة الحاكمة المحلية مع المؤسسة الدينية وفي أوساط القبائل دفاعاً عنها.
قد لا يجرؤ أي سعودي متضرر من السياسة الحالية للمملكة من النزول إلى الشارع في القريب العاجل، ولكن استمرار الأزمات وتراكمها وتأجيلها سيؤدي حُكماً إلى التغيير.. ولو بعد حين.