هل سنرى قيادة سعودية تجنح للحكمة وصوت العقل وتتحرك لصُنع السلام في اليمن قبل فوات الأوان؟!

  • طباعة
  • PDF
  • مشاركة عبر الفيسبوك
  • مشاركة عبر تويتر
  • مشاركة عبر G+
  • مشاركة عبر انستقرام
  • مشاركة عبر تلغرام
  • مشاركة عبر الوتساب
  • عدد الزوار 2571
  • عدد التعلیقات 0
  • -
    +

م. هشام شرف
يدرك كل متابع ومهتم عبثية الحرب المجنونة حيث تتجلى وتتكشف الحقائق أمامه من خلال عدوان القيادة السعودية الظالم والغير مبرر على اليمن وفي استعراض للقوة غير متكافئ على الجار الشقيق، فبكل المعاير والمقاييس فإن القيادة السعودية ومن تحالف معها في عدوانها على اليمن لا زالوا يلعبون الأدوار المحددة في سيناريو وتفاصيل الخطة العسكرية العدوانية التي بدأت تحضيراتها في الرياض بتاريخ16/10/2014م وبحضور كبار القادة العسكريين في دول مجلس التعاون الخليجي ومستشاريهم باستثناء دولة عمان التي لم تبارك نتائج تلك اللقاءات والمشاركة في العدوان على اليمن بينما باركتها واشطن ولندن وتل ابيب، وكان الفار هادي حاضراً من خلال ممثل عسكري له..
نعم أُعلنت الحرب على اليمن في تاريخ 26/3/2015م من العاصمة واشنطن في رسالة واضحة لموسكو وبكين وباريس بالبقاء جانباً وعدم التدخل في هذا الملف باعتباره سعودياً خالصاً، ولا يزال المشاركون والمنسقون والمتفرجون يبحثون عن بدائل لإغلاق هذا الملف ولكن دون جدوى وخاصة بعد إتمام التوقيع على عقود لصفقات أسلحة مهولة لصالح بعض الدول المشاركة في العدوان، وأيضا من أجل تحقيق الأهداف والمخططات الدولية التي حُددت مسبقاً ولو على حساب اليمن وأمنها واستقراراها وتدمير بنيتها التحتية بالكامل وبخسارة تجاوزت 250 مليار دولا، حيث تم تدمير ما نسبته85% من المقدرات الاقتصادية والخدمية والبنية التحتية والتسبب في تشريد ونزوح أكثر من 4 ملايين شخص وقتل ما لا يقل عن عشرين ألف مدني وجرح وإعاقة أكثر من 50 الف إضافة الى التسبب بمجاعة شاملة وأمراض واوبئة لأكثر من 19 مليون شخص في بلد كان يُدعى يوماً ما بالسعيد!!
ولعل الغريب في الأمر هو التجاهل والصمت العالميين أمام ما حدث ويحدث لأبناء اليمن طوال عامين ونصف العام من العدوان والقتل والدمار والحصار الشامل وجرائم الإبادة الجماعية التي تُرتكب هنا وهناك، بل ثمة ازدواجية دولية واضحة في التعامل مع الانتهاكات والجرائم التي يرتكبها تحالف العدوان في اليمن، وإلا كيف قامت الدنيا ولم تقعد قيام قبل حوالي عام ونصف ضد القيادة السورية الصامدة وخصوصاً عندما نشرت بعض وسائل الإعلام الدولية آنذاك صورة ذلك الطفل السوري البريء الذي فقد حياته وقذفته الأمواج الى السواحل بينما كان هو وأهله وأخرون يحالون بلوغ أوروبا هرباً من الحرب الصليبية الجديدة المدعومة إسلاميا التي تُشن على سوريا العروبة، كيف ولماذا لم يتحرك العالم أمام المشهد المروع والجريمة البشعة التي اهتزت لها الأبدان والتي تمثلت بجريمة عطان وصورة الطفلة اليمنية بثينة منصور الناجية الوحيدة من استهداف الطيران السعودي لمنزلهم والتي راح ضحيتها الكثير من المواطنين الأبرياء الى جانب اسرة بثينة بالكامل، اذا ليس ثمة وجه للمقارنة بين صورة الطفل السوري والطفلة اليمنية من حيث الموقف العالمي!!
الطفلة بثينة كانت ولا تزال وستظل تحت تأثير الصدمة تستفسر الملائكة في أحلامها ويقظتها عما حدث في ليلة المأساة والتي لم تحرك مراكز الرأي وصُنع الفرار في أوروبا وأمريكا والصين وروسيا ولا حتى في العزاء والمواساة أو المناشدة بوقف الحرب والمعارك والقتل العشوائي الذي تمارسه آلتي الحرب السعودية والاماراتية في حق اليمن الأرض والإنسان، وبالطبع كنت قد وجهت قبل حوالي عام وبالتزامن مع حلول عيد الأضحى المبارك رسالة إلى الأشقاء والعقلاء في العائلة الحاكمة حول مرور موسمي حج وعيدين ولا زال العدوان علينا وناشدنا الجيران أن يعملوا على وقف تلك الحرب العبثية ونزيف الدم العربي المسلم التي يحاول البعض من المراهقين في ديوانهم الملكي تصويرها بأنها حرباً مقدسة ضد المد الإيراني في اليمن، وقد اقترحنا عليهم وعوضاً عن ارتكاب جرائم القتل والدمار بحق أهل اليمن بدعوى قتال مجموعة يمنية تدعمها طهران أن تكون الرياض واضحة وشجاعة وتحسم أمرها إن استطاعت وتهاجم طهران مباشرةً بهدف تحقيق نتائج عاجلة لتدخلات إيران التي تدعيها بدلاً عن حرب دخلت عامها الثالث في اليمن ولم ينتج عنها سوى مزيداً من القتل والدمار والمجاعة والمعاناة التي لن توصل أي طرف من الأطراف إلى نتيجة سوى مزيداً من العداوة والثارات والتباعد لسنين قادمة.
صحيح إنه لم يتم تدارك الأمر بحكمة وتعقل وبرأي الشخصي فإنه لا زالت هناك إمكانية لدى قيادة السعودية بأن تسلك طريق الحكمة والسلام وعلى مبدأ” لا ضرر ولا ضرار ” وبرعاية دول مجلس الأمن الدولي الخمس كضامنين للسلام لا متفرجين كما هو الحال عليه اليوم، وأيضا الأمم المتحدة كوعاء أو وسيلة لذلك، كون تلك الدول وعلى اختلاف مصالحها وتصديرها للأسلحة والذخائر وامتلاكها لتكنولوجيا الحرب قادرة وبقوة على رعاية وتنفيذ أي اتفاقيات بين الأطراف المتحاربة بما فيها السعودية والإمارات المتحدة، ولديها الإمكانيات إن ارادت في ردع كل من يحاول التغريد خارج سرب السلام بما في ذلك إيران أو إسرائيل أو حتى الشياطين الذين لا نراهم بالعين المجردة، وليتأكد الجميع أننا مع السلام العادل والشامل، وليعلم أيضا الأخوة في القيادتين السعودية والإماراتية أن أي دعوة للسلام في اليمن لن تنجح إلا بوجودهم كطرف شارك ويشارك فعلاً في كل العمليات الحربية منذ أن بدأت وأن تخلفهم عن السلام المنشود تحت أي مبرر كان لن يقودهم إلى الخروج من النفق المظلم بل سوف يفضحهم أمام العالم ويؤلب الكثير عليهم وهناك الكثير ممن يرصدون ظواهر النزق والعدوان السعودي/ الإماراتي الموجه ضد جيرانهم اليمنيين وأن هناك مخزون كبير من أسرار ومجلدات ووثائق الحرب في اليمن مكدسة لدى أجهزة الاستخبارات ومراكز الرصد والتحليل الدولية العاملة دون ككل وخاصةً تلك التابعة للدول الخمس وستأتي الأيام بمعطيات جديدة واستغلال أكبر وبالتالي على أصحاب الحل والعقد في كل من الرياض وأبو ظبي الا يستبعدوا أن يجدوا أنفسهم في قادم الأيام مطلوبين ومحتجزين في عواصم ومطارات دولية أو على كراسي محكمة العدل أو الجنيات الدولية خاصة بعد أن ينتهي الغرض منهم والحاجة اليهم خصوصاً في ظل الصورة البائسة المرسومة عنهم كممالك أو امارات ذات أنظمة بدائية حتى لو امتلكوا الأبراج الشاهقة وحركة الإعمار الضخمة التي لا تعترف بالديمقراطية والمشاركة السياسية ولا تكترث لأي شيء أسمه حقوق الإنسان.
وبالمناسبة هل يستطيع ولي العهد السعودي أن ينكر أنه كوزير للدفاع آنذاك استلام برقية عاجلة حول اقتراح استهداف القاعة الكبرى بصنعاء وقبل 24 ساعة من حدوث تلك الجريمة وأنه على ضوء ذلك تم التوجيه بضرب قاعة العزاء وبقوة بحجة وجود الرئيس صالح وكبار رجالات حزبه وقيادات حوثية هامة، وهل خطر على بال قادة الرياض أنه لا وجود لدليل مادي على حقائق تلك الجريمة لدى البعض من الخمس الكبار ممن يتنصتون ويسجلون ويصورون، وهل سينكر قادة تحالف الرياض أنهم استدعوا بشكل خاص قيادات وخبراء من تل ابيب بعد ستة أشهر من بدء الحرب العبثية هذه للمساعدة في قتال من أسموهم قوات “صالح والحوثي” اللذين تدعمهم إيران بهدف توفير الدفاع عن مدنهم، وماذا عن الفريق العسكري الذي وصل إلى إحدى دولتي التحالف الرئيسة لإنشاء نظام “القبة الحديدية الدفاعي” ضد الصواريخ بالتعاون مع شركة رفائيل الإسرائيلية وتحديداً في المنطقة الجنوبية الغربية من تلك الدولة، وهل تسطيع هذه القيادة انكار تدميرها الشجر والحجر والبشر في اليمن وهي من طلب وزير دفاعها توزيع الأوسمة والرتب العسكرية لتكريم الطيارين والأطقم العسكرية الجوية والبرية والبحرية التي دكت اليمن دكا ولعدد260 ضابطاً ومنحتهم وسامي الملك فيصل والملك فهد وصدرت الأوامر الملكية بذلك وأقيمت الاحتفالات، الأمر الذي يُعطي دليلا دامغاً على وجود نية وخطة لدى السعودية وحلفاءها بضرب اليمن وتعمد قتل وتشريد الملايين فيها، ومع هذا لاتزال ما تسمى “بالشقيقة الكبرى” في موقف إنكار دائم يستحيل فهمه حتى اللحظة؟!
على أية حال ننصح أولئك المتهورين ممن لا زالوا يتعاملون مع العالم بسياسة دفاتر الشيكات ومن أخذتهم العزة بالإثم أن يبدؤا باستخدام عقولهم وأن لا يأمنوا غدر الزمان ويؤمنوا بحكم الإرادة الإلهية حيث ولا زال هناك متسع لانتهاج خيار التسوية السياسية والسلام في اليمن والمنطقة، وأنه لا فائدة في الاستمرار بالأسطوانة المشروخة وادعاء مؤازرة الرئيس السابق هادي فاقد الأهلية والصلاحية وأعوانه الهاربين هواة الأثراء اللامشروع ولن تفيد في نفس الوقت المناورات واستخدام بعض الشخصيات اليمنية بهدف تحقيق مكاسب أو شق وحدة الصف الوطني، لأن معظم من يعملون خلف الكواليس لصالح الرياض وأبو ظبي أينما كانوا ليست لديهم أهداف سوى مصالحهم الشخصية وبناء أنفسهم وتجاراتهم كتجار حروب وسياسة ونفع شخصي على حساب اليمن بأكمله وبمعزل عن أي مصلحة لليمن أو السعودية والإمارات.
وعلى كل ذي بصر وبصيرة أن يدرك أن من يقف مع ما يسمى بالتحالف اليوم من مسؤولي واشنطن ولندن أنهم قد يتحولون في يومٍ ما إلى شهود ضدهم بحجة بيعهم أسلحة دفاعية لتلك الدول وليس للهجوم والعدوان هذا إن لم تجر عدالة السماء والاعيب السياسة الغربية أولئك النفر إلى طوابير المحاسبة في دولهم فالولايات المتحدة وأوروبا أنظمة قد تهمها اليوم مليارات الرياض وأبو ظبي خدمةً لاعتبارات معينة، لكن يظل همها الأكبر ملايين البشر من مواطنيها وبرلماناتها ومن يوجهون الرأي العام فيها، ونعرف جميعاً بأن القيادات تأتي وتذهب ولكن تظل الشعوب باقية..
وفي الأخير لا أنسى أن أرفع القبعة احتراما وإكباراً لرئيس اليمن الأسبق رئيس المؤتمر الشعبي العام الزعيم/ علي عبدالله صالح على قرار تبنيه وتكفله بعلاج الطفلة البريئة بثينة منصور في 1سبتمبر 2017م ، وهذا لوحده بعث فينا الأمل والقوة ويكفي أنه لا يزال لدينا في صنعاء الصمود والعزة الكثير ممن يقاوم الموت والإعاقة والخوف بروح الحب والتفاؤل والعمل بل ويساعد في عودة شيء من الفرح والابتسامة والحياة لأبناء شعبه.
عيد أضحى مبارك وندعو الله لليمن وأهلها بكل خير.
*وزير الخارجية اليمنية في حكومة الإنقاذ