كبير الدواعش وحاضنتهم، بن سلمان....وتصعيده الحرب الدموية على العوامية، والقطيف

  • طباعة
  • PDF
  • مشاركة عبر الفيسبوك
  • مشاركة عبر تويتر
  • مشاركة عبر G+
  • مشاركة عبر انستقرام
  • مشاركة عبر تلغرام
  • مشاركة عبر الوتساب
  • عدد الزوار 3075
  • عدد التعلیقات 0
  • -
    +

منذ الانقلاب الأبيض الذي قام به الملك السعودي سلمان وابنه، على ولي العهد محمد بن نايف، وإزاحة الأخير، وتولي بن سلمان مكانه ولاية العهد قبل شهرين أو أكثر... ومنطقة القطيف عامة تشهد حرباً بكل ما للكلمة من معنى، إذ ما أن اعتلى بن سلمان منصبه الجديد حتى جّهز قوة عسكرية من الدبابات والمدرعات وطائرات الهيلكوبتر وكتائب القناصين، وأرسلها إلى منطقة العوامية، وطوقت حي المسورة، فعاثت فيها تخريباً وتدميراً للمنازل والمناطق الأثرية، وللمدرسة الدينية  للمعارض الشيخ نمر النمر ، وقتلاً وانتهاكاً للأعراض وللحرمات، ورمياً للعوائل في الشوارع بلا مأوى وقصفاً عشوائياً بالدبابات والمدافع، فانتشرت الحرائق، التي منع النظام السعودي فرق الإطفاء من إخمادها، واحترقت حواضر واختفت معالم حضارية، ذلك ان المسورة أهم أحيائها وباقي الأحياء تشكل حاضرة حضارية وتاريخية لأبناء الجزيرة قبل ظهور آل سعود في هذا البلد..والى ذلك فأن فرق الموت والقنص لا تترك شيء يتحرك الّا وقتلته، ذلك وسط تعتيم إقليمي و دولي مطبق يكشف تواطئاً أمريكيا ودولياً مع هذا الإجرام الداعشي السعودي في القطيف، العوامية وأحيائها بشكل خاص ..

نعم الضحايا بالعشرات والبيوت المهدمة والممتلكات المدمرة لا تعد ولا تحصى..مشهد يشبه إلى حد كبير مشهد مدينة الموصل بعيد هجوم الدواعش عليها واحتلالها، فالقتل بالجملة والتشريد بالجملة، والتنكيل أيضاً يفوق حد الوصف..مشهدان متطابقان من حيث الدموية وبشاعة الأجرام لأن دواعش الموصل، هم من نفس شجرة آل سعود الملعونة، تفرعوا من هذه الشجرة وتغذوا من أفكارها ومن ومن خبثها ودمويتها..

ومنذ ذلك اليوم، أي منذ أكثر من شهرين وحتى اللحظة تتواصل الهجمة الدموية الداعشية لبن سلمان على أبناء المنطقة الشرقية، حيث امتدت إلى مدينة سيهات، حيث أعلن النظام الداعشي السعودي عن اعدام ثلاثة عرضهم على شاشات التلفزة،  في مشهد مروع يثير الشكوك، بأن هؤلاء لم يقتلوا نتيجة إطلاق رصاص كثيف من قبل القوات الغازية لهذه المنطقة.فهل تستحق مطالبة أبناء هذه المناطق المحروقة، وهي تجثو على المخزون النفطي للمملكة، بانصافهم ورفع الحيف والظلم والعسف والتمييز المذهبي عنهم، كل هذه الحرب الظالمة بالأسلحة المتنوعة ضد ناس عزل، ومدنيين؟ أليس من العقل والحكمة التعامل مع هذه المطالب الحقة والمشروعة، بالتفهم والحوار وبالتعاون على حلها، سيما وأنها لا تمس عرش آل سعود إنما هي مطالب يكفلها الشرع والعرف والدين والقانون الدولي؟ لكن بدلاً من ذلك، أقدم هذا المراهق الداعشي الأول بن سلمان على هذه الحملة الدموية التعسفية، لتحقيق أهداف كثيرة تخصه هو بالذات، وتخص أسياده الاميركان والصهاينة أيضاً، على حساب دماء الأبرياء من أبناء تلك المناطق العزل والمحرومين، والذين يعانون التمييز والمذهبي منذ قيام آل سعود المشؤوم في عام1931م.

ومن هذه الأهداف ما يلي:

1-     محاولة بن سلمان  عرض نفسه، بأنه الرجل الحاسم والحازم، صاحب القرارات الصعبة، والذي لا يتردد عن اتخاذها مهما كانت ردود الأفعال، ومهما كانت مواقف الآخرين، ذلك لإرضاء أسياده الذين وافقوا على صعوده إلى ولاية العهد، تمهيداً لمنصة العرش بعد تنحي والده، وإزاحة الرجل الذي يرى هؤلاء الأسياد، الأميركان والصهاينة انه كان الرجل القوي، والراعي الأساسي، للقطعان التكفيرية الوهابية في السعودية وفي الدول العربية والإسلامية، وأيضاً المؤسس لفرق الموت التي تنتشر بين أوساط الناس، سيما في المناطق الشرقية، تقوم بتصفية واغتيال أي صوت حر يطالب بالحرية والمشاركة السياسية والإصلاح والإنصاف، ورفع المظالم التي يمارسها آل سعود على هؤلاء المظلومين، من عسف وتمييز ومذهبي، فهذه الحملة الدموية التي يواصلها الداعشي بن سلمان على القطيف، وعلى العوامية تحديداً، إنما هي محاولة لإثبات بن سلمان انه لا يقل صلابة وجرأة وبأساً وبطشاً عن ولي العهد السابق، ولايقل إقداماً عن تنفيذ ما يريده الاميركان والصهاينة، عن سابقه بن نايف، لينال شرف الرضا من هؤلاء الأسياد.

2-     أن يبدأ بن سلمان ولاية عهده، بالهجوم العسكري الدموي على أبناء المنطقة الشرقية العزل، يؤشر بوضوح أن الأولوية عند الصهاينة والاميركان هو ضرب وتشتيت القواعد الشيعية في مناطق الخليج، المنطقة الشرقية –الأحساء والقطيف- والبحرين ومناطق أخرى، وهذا ما يؤكده ما حصل بعد زيارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب الأخيرة ولقاءاته الثنائية والجماعية بملوك ومشايخ دول الخليج العربية، حيث شهدت الساحات المشار إليها.. تصعيداً لافتاً، ومثلما هو واضح الآن الحملة العسكرية السعودية ضد أهالي القطيف، وحملة النظام البحريني على أكثرية الشعب البحريني قتلاً واعتقالاً للناشطين والحقوقيين وانتهاكاً للأعراض ومحاصرة للأحياء، واقتحاماً لها وتضييقاً ومحاصرة لمنزل المرجع الديني الشيخ عيسى قاسم ...وغير ذلك ما يجري من الممارسات التعسفية المنافية لكل الشرائع السماوية والإنسانية ولكل القوانين والدساتير الدولية بل منافية حتى للدستور البحريني نفسه.

ويبدو أن الاميركان والصهاينة، وضعوا تصفية البيئات الشيعية، على خلفية ما أفرزته فتوى المرجع الديني السيد السيستاني حفظه الله، بإعلان الجهاد الكفائي بعد دخول داعش واحتلالها المناطق الغربية من العراق بدعم أمريكي صهيوني سعودي تركي وقطري، تمهيداً لتقسيم المنطقة وشر ذمتها ومحاولة إثارة الفتنة الطائفية..فهذه الفتوى التاريخية بعثت الحشد الشعبي من بين ركام الهزيمة والحرب النفسية بزوال العراق السابق، التي تطبل لها أبواق السعودية وقطر وحتى أبواق الغرب ليل نهار..نهضت هذه القوة من بين أنقاض كل هذا الركام وأجواء اليأس والإحباط واحتفالات الأعداء بنجاح المشروع الأمريكي الصهيوني الرجعي في المنطقة، وفي العراق تحديداً، ومن ثم سوريا ولبنان.و...نهض هذا الحشد ليقلب المعادلات، وليوجه ضربة قاصمة لهذا المشروع ، وليفتح آفاق النصر حتى في سوريا، فكان لهذا الحشد الدور المحوري في دحر داعش في جرف الصخر وفي ديالى وتكريت والفلوجة والرمادي والموصل ومناطق غرب الموصل، وبات قوة رديفة وموازية لقوة الجيش العراقي الذي هو الآخر نجحت القيادة العراقية في إعادة بناءه وإعادة قوته ليصبح رقماً صعباً بين جيوش المنطقة بات يحسب له ألف حساب، خصوصاً بعد تسطيره الملاحم البطولية إلى جانب الحشد الشعبي في تحرير المدن العراقية وفي دحر الدواعش والقضاء عليهم، وخصوصاً بعد ما أصبح هذا الحشد الشعبي قوة مُوازرة للجيش العراقي، بعد تصويت البرلمان العراقي على اعتبار الحشد جزءاً لا يتجزأ من القوة العسكرية العراقية لقطع الطريق على الحملة الأمريكية الصهيونية العربية الرجعية ضد الحشد تشويهاً وتطييفا وتمذهباً، والرامية إلى الضغط على الحكومة العراقية لحل هذا الحشد وتسريح أفراده.

على هذه الخلفية رأى الأميركان والصهاينة أن البيئات الشيعية في كل مكان، هي بيئات جاهزة لإنتاج حشدٍ أو حزبٍ على شاكلة الحشد العراقي او حزب الله، فلابد من ضرب هذه البيئات ومنعها من تشكيل مثل هذا الحشد بعد صدور فتوى علمائية لمرجع ديني بارز، عبر ملاحقة الشباب واعتقالهم وسجنهم أو محاكمتهم بشكل صوري وإعدامهم، وتهديم منازلهم كما يجري الآن في القطيف، في العوامية تحديداً، وحتى في البحرين.

3-     إن ما يقوم به بن سلمان من جرائم في العوامية، وفي حيي المسورة وسيهات وغيرهما تحديداً، من جرائم وتدمير إنما هو محاولة بائسة للتغطية على هزائمه وفشل سياساته، وللبحث ولوعن نصر شكلى على العزل من النساء والأطفال في هذه الأحياء، فاللجوء إلى البطش بالمدنيين هي من عادة وشيم الجبناء الذين يفتقدون للمروءة والرجولة مثل بن سلمان، فهذا الأخير يعاني من فشل عدوانه على الشعب اليمني، حيث تحول هذا العدوان إلى كابوس يؤرق بن سلمان ونظام آل سعود برمته، بل ويؤرق حتى الأميركان والبريطانيين وحتى الصهاينة، كما تكشف ذلك صحفهم وتصريحاتهم، بسبب هزائم القوات السعودية والخسائر الفادحة التي مُنيت بها إلى جانب خسائر الجيش السوداني المرتزق الذي جاء به آل سعود إلى اليمن، حيث قتل المئات من هذا الجيش المرتزق، بل اعترف السودانيون بأن قواتهم التهمتها الأرض اليمنية وإبادتهم بشكل مخيف ورهيب، مما دفع بالبشير بعد هذه المقتلة في الميدي والمخا والجوف إلى الاشتراط بدفع لكل ألف عسكري سوداني يرسلون إلى اليمن مليار دولار تدفعه السعودية له، ذلك عندما طلب بن سلمان مؤخراً من البشير إرسال قوات جديدة لمواجهة تقدم أنصار الله وحلفائهم في الجيش اليمني وفي كل الجبهات الداخلية والخارجية داخل أراضي المملكة السعودية، والتي يعتبرها اليمنيون أراضي يمنية محتلة، وهي نجران وجيزان وعسير.  بن سلمان لم يهزم في اليمن وحسب، وإنما هُزِم في سوريا وفي العراق وفي لبنان و.و.فكل هذه الأموال الطائلة التي صرفوها على مشاريعهم التدميرية في هذه البلدان، وكل قطعانهم التكفيرية التي جلبوها من أصقاع الدنيا..كل هذا الجهد وغيره ذهب أدراج الرياح، وبات مشروعهم، المشروع الأمريكي الصهيوني في رمقه الأخير، على اثر الضربات المتلاحقة والمهلكة له من قوى محور المقاومة...لذلك للتغطية على هذه الهزائم يبحث بن سلمان عن انتصار ولو شكلي كما قلنا يدشن به صعوده إلى منصبه الجديد، ولو كان ذلك على حساب معاناة أبناء المناطق الشرقية من المملكة (المهلكة) ومآسيهم ودمائهم!!

4-     يحاول بن سلمان من خلال هذا الأجرام بحق المناطق الشرقية، بحق أبناء ها الشيعة تحديداً توجيه عدة رسائل داخلية، أهمها..أولاً، إلى الأمراء أولاد أعمامه وهم بالآلاف والذي باتوا يضيقون ذرعاً. بهذا المراهق الغبي، لغمطه (حقوقهم) وقفزه متجاوزاً من هو (أحق) منه منهم، على السلطة من ناحية، ومن ناحية أخرى أنه ورّط المملكة في أزمات هي في غنى عنها باتت تهدد عرش آل سعود لأول مرة في تاريخ هذه العائلة لدرجة أن البعض منهم حمل أمواله الطائلة وذهب للعيش في الخارج لعدم اطمئنانه لما تحمله الأيام القادمة  له في ظل هذه التحديات التي أصبحت كوابيس تؤرق هؤلاء الأمراء فبن سلمان يحاول الهاء أمراء العائلة بهذه الحرب الداخلية على هؤلاء المظلومين العزل، وأخافتهم من المصير نفسه أن هم فكروا بالتحرك ضده. وثانياً رسالة إلى كل الشعب في المملكة،الذي يعيش حالة غضب عارمة يحذر بعض الخبراء من احتمالات انفجارها بسبب سياسات بن سلمان  الحمقاء، كما تؤشر إلى ذلك موجة الانتقادات العارمة على مواقع التواصل الاجتماعي، لدرجة أن هؤلاء الخبراء يعتبرونها نار تحت الرماد، شرارة واحدة يمكن أن تخرج لهيبها، فبن سلمان يريد ان يقول لأبناء الشعب في هذه المهلكة، أن مصيركم مصير أهل العوامية إذا أنتم تحركتم وطالبتم بالاصلاحات والحريات واعترضتم على سياساتي..

على أي حال، ومهما تكن الأسباب نعود ونقول مرة  أخرى أن ما يقوم بن سلمان في مناطق القسم الشرقي من المملكة.يكشف محنة اهلنا في العوامية وفي القطيف وباقي الاقليم الشرقي.وصدق إمام مسجد إبراهيم في صيدا اللبنانية سماحة الشيخ ابراهيم حبلي عندما قال (ان العوامية والقطيف تعيش عدوانا صريحاً من قبل قوات نظام آل سعود، الذين يضيفون إلى سجلهم فضلاً جديداً من فصول العنصرية والمذهبية، حيث بات أهالي العوامية الذين يبلغ تعدادهم ثلاثين ألف نسمة يرزحون تحت حصار شديد، وأدت الإجراءات الوحشية التي مارسها (وما يزال) النظام القمعي إلى تعطيل حركة المدارس والمستوصفات وإغلاق الطرقات والمنافذ وشل الحركة وكأن العوامية باتت تحت حصار صهيوني، وهما وجهان لإرهاب واحد ". واعتبر الشيخ حبلي أن " الهجوم على العوامية يشير إلى مخطط لإبادة وتهجير المواطنين في القطيف والعوامية، في ظل تعتيم إعلامي وتكميم للأفواه، حيث يتم منع الحديث عن الشهداء والجرحى الذين يسقطون في العوامية والقطيف".

عبدالعزيز المكي