القدس في النهاية فقط بالون الاختبار السعودي
بقلم: سمدار بيري
تعالوا ندرس ما يقترحه د. أنور عشقي، الجنرال المتقاعد في الجيش السعودي، الذي يدير في جده مركزا للبحوث الاستراتيجية عن الشرق الاوسط والخبير عن الشأن الاسرائيلي. من معرفتي الشخصية به ومن مقابلة منحها لـ “يديعوت احرونوت” قبل سنة، أرى فيه بالون اختبار من الاسرة المالكة: إما ان تلتقط رسائله، او أن يتلقى هو النار.
هو رجل لطيف المعشر، مجرب وفضولي، وليس له اعتراضا على خوض حوار مع اسرائيليين. واخمن بانه في المملكة المغلقة والمنغلقة في السعودية ما كان عشقي ليسمح لنفسه بان يتصرف مع اسرائيل دون أن يتلقى ضوء اخضر من النوافذ الاعلى في الرياض. في تلك المقابلة الاولى مع “يديعوت احرونوت”، حذر الجنرال من جدة من أنه يجب رفع الخطوات السياسية الى مسار سريع لانه “اذا لم يتحقق السلام في عهد نتنياهو، فان السلام سيفلت من ايدينا”. كان عشقي في حينه في ذروة اتصالات، بعضها فقط علني، مع من كان في حينه مستشار نتنياهو، د. دوري غولد. فقد صعد الى الطائرة وزار مرتين (على الاقل) القدس وأجرى ميراثون محادثات بعيدة عن العيان مع مبعوثين اسرائيليين. وعندما انكشف الحوار، ثارت علامات استعجاب لا حصر لها، وأجرت اجهزة استخبارات غربية متابعة للاحداث. ولكن اسرائيل لم تنقض على الفرصة، فتفككت الرزمة، حين انصرف غولد الى بيته، وخفض عشقي مستوى الاهتمام.
في الاحداث التي تدحرجت منذئذ، كل شيء يرتبط بكل شيء: الملك سليمان القي بولي العهد الرسمي في صالح ابنه الشاب. الرئيس السيسي ضغط على البرلمان المصري لينقل الى السيادة السعودية جزيرتي تيران وسنفير. ترامب هبط في قصور الرياض واجرى الملك له عرضا من 55 دولة عربية واسلامية توافق على تطوير العلاقات مع اسرائيل شريطة ان تتقدم مع الفلسطينيين. وعندها نشبت الازمة مع قطر، التي تصر السعودية – باسناد مصر، البحرين واتحاد الامارات – على تشديد الحصار عليها. ومن خلف كل الخطوات تدور شائعات عديدة عن حوار سري بين الرياض والقدس.
طل الجنرال السعودي أول امس مرة اخرى. فهو يعرض في صحيفة “دويتشا فيلا” الالمانية افكارا مشوقة تربط بين الاطراف. وها هي الخلاصة: جزيرتا تيران وسنفير لا تنقلان الى السعودية الا بعد ان اطلق تعهد جارف بحرية الابحار لسفن اسرائيلية في مضائق تيران. وحسب عشقي، فان نقل الجزيرتين يجعل اتفاق السلام المصري – الاسرائيلي اتفاقا دوليا يلزم السعودية ويشكل اساسا لتطوير التعاون. ولكنه يبدد الاوهام ويقول انه لن يكون تطبيع الى ان تتجند اسرائيل لحل مع الفلسطينيين.
وعندها يلقي بقنبلة الخطة التي يتم انضاجها على نار هادئة: كل حل يتحقق سيدار برعاية اردنية (على الضفة) ومصرية (على قطاع غزة). ليس اعلانا هاذيا بعد عن دولة فلسطينية ممزقة في نزاع بين غزة ورام الله، بل نوع من المظلة المصرية – الاردنية واشراكهما في الحل. وهو يضيف بان ما سيكون مقبولا على الفلسطينيين، سيكون مقبولا علينا، في السعودية. بكلمات اخرى: السعودية مستعدة للتنازل عن مبادرة السلام العربية التي تجبر اسرائيل على ترسيم حدود والجدال على حق العودة. كما ستوافق السعودية، حسب عشقي، على تأجيل تقسيم القدس الى المرحلة الاخيرة من الاجراءات، كي لا تتفجر المفاوضات.
حين تكون ايران هي العدو الحقيقي، فان العلاقات مع اسرائيل، حسب عشقي، ستتصمم فقط “حسب المصالح”. اما قوة العلاقات فستتقرر وفقا لقوة المسيرة السياسية. في نظر السعودية، فان الحلف الذي اعيد عقده مع الولايات المتحدة اهم بكثير، واسرائيل هي لاعب فرعي. وبالكلمات الابسط: اسرائيل مدعوة مع كل الاحترام للتبرع بمعلومات استخبارية وتكنولوجية وامور تضمن استقرار الحكم في المملكة في مواجهة مؤامرات طهران.
يديعوت 2/7/2017