قمة تجريم المقاومة.. وإنشاء حلف ناتو “سني” والتصفية الكاملة لقضية فلسطين!

  • طباعة
  • PDF
  • مشاركة عبر الفيسبوك
  • مشاركة عبر تويتر
  • مشاركة عبر G+
  • مشاركة عبر انستقرام
  • مشاركة عبر تلغرام
  • مشاركة عبر الوتساب
  • عدد الزوار 2940
  • عدد التعلیقات 0
  • -
    +

نبيل نايلي
“إن إيران تدرب وتسلّح الميليشيات في المنطقة وكانت لعقود ترفع شعارات الموت للولايات المتحدة وإسرائيل وتتدخّل في سوريا..أدعو إلى العمل بشكل مشترك على عزل إيران ووضع حزب الله في قائمة الإرهاب.” مقتطف من خطاب الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب.
خلال زيارته إلى المملكة العربية السعودية، ألقى الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، خطابا أمام قرابة 50 من قادة العالم الإسلامي، حُشّدوا كالتلاميذ، عن “آماله برؤية سلمية للإسلام”، مشدّدا على أنه يأمل في بلورة “رؤية مشتركة للسلام والتقدّم والرخاء”.
“واعظ التسامح والمساواة” ترامب الذي “لم يسبق لرئيس أمريكي غيره أن زار الأوطان والمواقع المقدسة للديانات اليهودية والمسيحية والمسلمة في رحلة واحدة”، والعهدة على أقوال هربرت ريموند ماكماستر،Herbert Raymond McMaster، للـ”واشنطن تايمز، Washington Post”، سعى من خلال زيارته هذه إلى “توحيد الناس من جميع الأديان حول رؤية مشتركة من السلام والتقدم والازدهار”، مصرّحا أن:

مكافحة الإرهاب ليست “صراعا بين أديان أو طوائف أو حضارات”، إنما هي “معركة بين قوى الخير والمجرمين الهمجيين”،
“بإمكاننا التغلّب على هذا الشر إذا كانت قوى الخير موحّدة ومتينة، وإذا أخذ كل من المجتمعين هنا على عاتقه قسطا عادلا وحمل جزءا من عبء مكافحة الإرهاب”،
“أن الولايات المتحدة لا تسعى لحلّ مشكلات المنطقة بالقوة العسكرية، وتوصي دول المنطقة بأن لا تنتظر حتى تحلّ واشنطن مشكلاتها”،
“أن الشراكات التي أسّستها الولايات المتحدة ستدعم وتقدّم الأمن عبر بسط الاستقرار وليس عبر أعمال تدمير جذري”،
“ستبحث الولايات المتحدة عن إصلاحات تدريجية حيث يكون ذلك ممكنا”،
“لا يمكن لدول الشرق الأوسط أن تنتظر حتى تسحق القوة الأمريكية أعداءها، إنما على دول الشرق الأوسط أن تقرر ما هو المستقبل الذي تريده لنفسها.”
“محاربة الإرهاب وتجفيف منابعه، وعدم توفير الملاذات الآمنة له، وقطع كلّ الدعم المالي والسياسي والإعلامي عنه”،
“إيران تدرب وتسلّح الميليشيات في المنطقة وكانت لعقود ترفع شعارات الموت للولايات المتحدة وإسرائيل وتتدخّل في سوريا”،
“أدعو إلى العمل بشكل مشترك على عزل إيران ووضع حزب الله في قائمة الإرهاب.”

الرئيس الأمريكي أكد أيضا أنه وقع خلال زيارته عددا من الاتفاقات الأمنية والاقتصادية مع السعودية بقيمة 400 مليار دولار، وشارك في إنشاء “مركز عالمي” يهدف إلى محاربة التطرف وللترويج للاعتدال”!!
إعتدال ومن السعودية تحديدا؟ ماذا لو طلب منها فقط أن ترفع يدها عن المسلّحين الذين تطلقهم لينفّذوا أجنداته وأجنداتها في سوريا؟ أو أن تضع حدا لحرب الملهاة في اليمن؟ أو أن تخصّص نصف فقط نصف ال400 مليار قيمة “جزية القرن” لزيارة العار، للدول التي صارت فاشلة بل للمواطنين السعوديين أنفسهم؟
دعكم من ثرثرة وزير الخارجية السعودي عادل الجبير التي اعتبر فيها أن زيارة ترامب تمثل “رسالة واضحة إلى العالم بأن الولايات المتحدة والدول الإسلامية يمكن أن يكونوا شركاء”! وعن”الرؤية الاستراتيجية المشتركة”، أي شراكة هذه والشراكة لا تكون إلاّ بين ندّيْن؟ ثم أنّ الرجل الذي يحتفون به سبق وعيّرهم بأنهم “لا يساوون إلاّ ما يدفعون مقابل حمايتهم”! كما سبق له واحتقر المسلمين و وقع مرسومًا يحظر دخول رعايا سبع دول إسلامية إلى الولايات المتحدة بشكل مؤقت وهي إيران، ليبيا، سوريا، الصومال، السودان واليمن؟
أما عن فلسطين وقضيتها فالجبير كان أكثر وضوحا في اصراره على تكرار”العمل مع الولايات المتحدة لتحقيق السلام بين الاسرائيليين والفلسطينيين”!! أي تصفية أخرى لمثل هكذا قضية؟!! ثم قوله في أمنيزيا غريبة “إن ايران هي من أسّست أكبر منظمة إرهابية، وهي “حزب الله” إلى جانب دعمها لجماعات إرهابية مثل “القاعدة” و”طالبان” وعليها تفكيك هذه الشبكات الإرهابية قبل أي حوار معها”. القاعدة وطالبان؟؟ يا جبير!
هل يستحق رئيس يطالب 48 % من الأمريكيين بعزله لعنصريته، مثل هذه الحفاوة وهذا التحشيد؟ هل هو الجدير بما تسمّـيه صحافة الكيان الصهيوني بـ”جزية القرن” من صفقات أسلحة واتفاقات أمنية وعسكرية واستثمارات؟ صفقات واستثمارات ذات أرقام فلكية بلغت قيمتها 400 مليار دولار؟
هل يحق له أن “يحاضر” في التعايش والتسامح والسلام وهو العنصري البغيض الذي رفض أن يدخل بلاده مسلمو 7 دول على الأقل؟ أي سخاء هذا وأي كرم طائي ناله من أهان المسلمين أكثر من مرة؟ كيف يُستقبل استقبال ملك الملوك، بل الإمبراطور الفاتح، ويُرقص معه رقصة العرضة، وتعمد السلطات السعودية الرسميّة على “إضفاء صفة التاريخيّة على زيارته”؟ وتشدّد على “أنّ اختياره المملكة يحمل في طيّاته الكثير من المدلولات التكتيكيّة والإستراتيجيّة”؟
ماذا قدم لهذه الوفود لهؤلاء الحضور ولبلدانهم حتى يصطفوا بهذا الشكل المهين في مازوشية من يتلذذ باحتقاره وازدرائه؟
أين الكيان الصهيوني في كلّ هذا؟ أم أن البعبع الإيراني هو مربط الفرس في كل هذا البهرج الفاضح؟ إذا كان الملك سلمان بن عبد العزيز، الذي لم يذكر فلسطين ولا قضيتها بكلمة ولو عرضا، لم يغفل، عن التذكير مجدّدا بأن “النظام الإيراني يشكّل رأس حربة الإرهاب العالمي منذ ثورة الخميني وحتى اليوم”. ودعا ترامب في هذا السياق العالم بأسره إلى إدراج “حزب الله” في قائمة التنظيمات الإرهابية على المستوى الدولي.
فإن ترامب اعتبر هو الآخر “أن النظام الإيراني هو المموّل الأساسي للإرهاب الدولي، و “يغذي الكراهية” في منطقة الشرق الأوسط كلّها، ولا سيما في سوريا. ليشدّد على أن “جميع الدول والشعوب يجب عليها أن تبذل جهودا مشتركة من أجل عزل إيران حتى أن يعرب نظامها عن عزمها ليصبح شريكا في إحلال السلام”، داعيا “إلى العمل بشكل مشترك على عزلها ووضع حزب الله في قائمة الإرهاب”! الرسالة واضحة ومضامينها أوضح!
ترامب الذي أفاد، محقّا هذه المرة، بأن “أكثر من 95 % من ضحايا الإرهاب هم من العرب والمسلمين”، ليعتبر، متناسيا ما كان يردّده هو نفسه خلال حملته الإنتخابية من أن الرئيس أوباما ووزيرة الخارجية هيلاري كلينتون هما المسؤولان عن نشأة وترعرع تنظيم داعش، وأن طائرات التحالف والطائرات دون طيار قتلت وتقتل الآلاف من الضحايا، وأن حروب أمريكا وتدخلاتها العسكرية في المنطقة العربية والعالم الإسلامي هي أكثر أنواع الإرهاب دموية، يتناسى كل ذلك ليعلن في صفاقة أن “حزب الله وحماس وداعش وغيرها يمارسون نفس الوحشية”!
دمج غير بريء لحركات مقاومة مع حركات إرهابية! دمج وإدانة بدأ بهما العاهل السعودي الذي يتناسى هو الآخر من يموّل حروب الإمبراطورية وسلّحت ولا تزال من يقاتل اليوم في سوريا!!
ختاما هذا خطاب “تجريم” المقاومة، ومقدمة لحشد العالم الإسلامي لمحاربتها، وتدشين لإنشاء لتحالف “إسلامي سنّي” أو “ناتو إسلامي” يعلن الحرب على إيران بدل الكيان الإسرائيلي والتصفية لقضية فلسطين نهائيا! حرب طائفية تستكمل فصول الخراب التي صنعته السياسة الخارجية الأمريكية الرعناء في المنطقة.
القمة الإسلامية الأمريكية التي أرادوها “بداية السلام في الشرق الاوسط والعالم” صادرت على مطلوبه شعارات ومضامين!!
*باحث في الفكر الإستراتيجي الأمريكي، جامعة باريس.