بعد مرور عامين.. هل يعي التحالف وتجار الحروب بأن الحل في اليمن لن يكون إلا سياسياً؟
بقلم / معروف درين
كلنا نعلم أن العدوان على اليمن بدأ في 26مارس2015م وقد أعلن ذلك سفير السعودية في الولايات المتحدة الامريكية عادل الجبير، أي أن العدوان ما كان له أن يتم إلا بموفقة ورعاية امريكا التي تزود دول التحالف بالمعلومات الاستخباراتية وبيع كميات كبيرة من الأسلحة للدول المشاركة في التحالف وخصوصاً السعودية والإمارات، ومن المفارقات العجيبة في هذا العدوان أن هادي نفسه الذي يدعون الدفاع عنه وعن شرعيته لم يعلم بساعة الصفر ولم يُبلغ من دول التحالف بموعد بدأ العدوان وهو ما تحدث عنه لوسائل الإعلام بعد فراره الى عُمان ثم السعودية!!
ويعلم الجميع ايضاً بأن عاصفة الحزم حددت لها أهداف تسعى لتحقيقها من خلال هذه العاصفة التي دمرت وقصفت كل ما له صلة بالحياة من مشاريع وبنى تحتية وفي غير محافظة ومدينة وكان من أبرز هذه الأهداف هو إعادة “الشرعية”المتمثلة بهادي رغم أنه وبموجب المبادرة الخليجية نفسها أصبح بدون شرعية كون فترة رئاسته كمرشح توافقي حُددت بعامين فقط وتم التمديد له لعام وفوق ذلك قدم استقالته للبرلمان وقبلها رئيس الحكومة قدم استقالته غير أن السعودية ومن وراءها امريكا قررا الخوض في العدوان من خلال عاصفة الحزم سيئة الذكر وكان بالإمكان أن يضغطوا على كافة الأطراف للخروج بحلول سياسية توافقية كما حدث في 2011م أن كانوا حريصين على اليمن ووحدته وأمنه واستقراره وليس العكس.
ولأن عاصفة الحزم هذه لم تحقق أي هدف من اهدافها المُعلنة في اليمن سوى أنها خلفت عشرات الالاف من القتلى والجرحى وشردت ما يزيد على اربعة مليون مواطن ودمرت المنازل والمصانع والطروق والجسور والمستشفيات والمزارع والمدارس والمعالم السياحية والأثرية والمطارات والموانئ والمنشئات الرياضيةوقوارب الصيد والصيادين وحتى مجالس عزاء النساء لم تسلم من قصف طائراتهم وغدرهم وهذه هي أهدافهم الحقيقية التي وصلت الى الحصار ونقل البنك المركزي وتعذر صرف المرتبات للموظفين التي قد تنذر بكارثة إنسانية إن لم يكف التحالف وأعوانه عن محاربة الناس في اقواتهم وارزاقهم!!
طبعاً التحالف بقيادة السعودية عجز عن تحقيق أي هدف ومن الوهلة الأولى حيث كانوا يتوقعون أن العاصفة سوف تحقق أهدافها المعلنة ولا أقول الخفية في أسابيع أو شهور في أسوء الأحوال، ولأن ذلك لم يحدث فقد اضطروا الى تغير الاسم فقطمن عاصفة الحزم الى إعادة الأمل وكأن العدوان توقف وأهدافهم تحققت وعادت شرعيتهم ولكي يوهموا الناس وبعض الدول والمنظمات أن الحرب انتهت بالفعل وأن ما يقومون به هو جهود إنسانية بحتة وضربات محددة حسب زعمهم خصوصاً في ظل التعتيم الإعلامي وشراء المواقف والولاءات من قبل السعودية وسقوط الأقنعة عن هذه الجهات وظهورها على حقيقتها ومن اسباب تغيير الاسم ايضاً أن التحالف لم يستمر في الحرب سوى شهور وليس أعوام ولكي لا يقال عنه أنه فشل ولكي لا يتحمل المسئولية القانونية عن ما يحدث، ولكن ذلك لن يجديه نفعاً ولن يعفيه من مسئولية العدوان وتبعاته ولن يجعله منتصراً كما يزعم بل مجرما وقاتلاً ملاحقاً في المحاكم الدولية كمجرم حرب.
إعادة الأمل هذه يفترض أن تُسمى بإعادة البؤس والحرمان والتدمير وليس الأمل حيث كان العدوان ولا يزال اشد فتكاً وضراوةً من عاصفة الحزم وهو ما عليه واقع الحال في بلادنا، وهنا وبصريح العبارة وبعد مرور عامين كاملين على العدوان يتساءل الجميع عن جدوى استمرار عاصفة الحزم و”عاصفة “إعادة الأمل ومن سيحكم هادي بعد إبادة الشعب اليمني الذي لم يعد يقبل بوجوده كمواطن وليس كحاكم، ومن الذي سيتحمل إعادة الإعمار وجبر الضرر خصوصاً وأنه كلما طال أمد الحرب واوغل المعتدي في القتل والدمار والحصار زادت الرغبة لدى ابناء اليمن في الانتقام والثأر وبالتالي لن تكون دول التحالف والسعودية بمأمن من الثأر ولو بعد حين؟!
الا يكفي تجار الحروب في الداخل والخارج هذه الكارثة التي حلت باليمن جراء العدوان والحصار، ولماذا توقفت المسارات السياسية وما تم التوصل اليه في جنيف 1و2 والكويت، وما مصير الجولات القادمة من المفاوضات التي كان من المزمع عقدها في الأردن، وما مصير خطة كيري وتعديلاتها، وكيف تُفسر التصريحات الأمريكية المتناقضة التي تدعي الى السلام والحل السلمي في اليمن وفي نفس الوقت تقوم بالتدخل المباشر من خلال طائرات بدون طيار أو الإنزال المظلي والاعتداء على السيادة اليمنية تحت ذريعة محاربة تنظيم القاعدة والإرهاب وتصريحات وزير الخارجية في حكومة الإنقاذ بهذا الخصوص واضحة جداحيث رحب بالسلام العادل والشامل وليس الاستسلام وأحتج على التدخل الامريكي احادي الجانب بدون تنسيق مسبق مع السلطات اليمنية ؟!
نعم بعد كل هذه الحقائق والمعطيات على الواقع وبعد عامين كاملين من العدوان وتعذر الحسم عسكريا لطرف واستحالة عودة هادي على أكتاف الدبابات والصواريخ وعلى أشلاء الأطفال والنساء والخراب والدمار الذي جعل من اليمن مدينة اشباح، فإن ما يجب على الجميع واولهم كما اسلفت التحالف وتجار الحروب في الداخل والخارج أن يعوا ويفهموا ويستفيدوا من التأريخ والتجارب ومن معطيات العدوان نفسه في كافة جبهات القتل أن الحل لن يكون إلا سياسياً وسياسياً بحتاً ولا يمكن للحل العسكري أن يكون البديل ولن ينتصر طرف على أخر من ابناء اليمن حيث وأن الخاسر الأكبر هم ابناء اليمن وليس غيرهم، الأفكار والاستفسارات كثيرة وخصوصاً عدم استقرار وإدارة الأمور في المناطق” المحررة” من أهلها في الجنوب ومتى سيقتنع التحالف بقيادة السعودية أن الحل السياسي هو الخيار الوحيد وأن اليمن هو بلد السند والمدد ويجب الحفاظ عليه وكسب ود ابناءه وليس العكس وأن يتحركوا في هذا الاتجاه ويكتفوا بما حدث ويحدث حتى هذه اللحظة من جرائم ومآسي يندى لها الجبين؟!