«و.س. جورنال»: من يحسم الجدل حول المتعة والترفيه في السعودية؟
ترجمة وتحرير شادي خليفة - الخليج الجديد
كان المنهج الذي تتبعه السعودية من الإسلام لوقتٍ طويل معاديًا للفنون والتسلية. السينمات محظورة، والحفلات الموسيقية نادرة، وغالبًا ما يحيي الفنانون السعوديون حفلاتهم في الخارج. والخيارات القليلة المتاحة للرفاهية، مثل مراكز التسوّق والمتنزّهات المحلية، عادةً ما تكون بتوجيه الأسرة وتفصل بين الجنسين.
لكن مع جهود الحكومة لإعادة تشكيل الاقتصاد بعيدًا عن إدمان النفط وخلق عائدات من قطاعات أخرى، يحاول السعوديون تطوير قطاع الترفيه، الأمر الذي أثار جدلًا بين المحافظين الدينيين والمتحرّرين اجتماعيًا حول طرق تمضية وقت جيد دون انتهاك قواعد الدين الإسلامي.
وقال «خالد السليمان»، صاحب عمود مقالي في جريدة عكاظ اليومية، في مقابلة مؤخرًا مع التلفزيون المحلّي:«معظم هؤلاء الذين يعارضون السينما لم يدخلوا أبدًا سينما في حياتهم. ولا يعرفون ما هي السينما. أتعجّب كيف يصدر شخصٌ ما فتوى في قضيةً لا يعرف أبعادها».
وردّ المحافظون قائلين:«لا نحتاج أشخاصًا من هوليوود أو من أي مكانٍ آخر للترفيه عنّا»، وفق ما جاء على لسان «عبد الله المطلق»، رجل الدين البارز، وعضو هيئة كبار العلماء.
إنّه نقاش عالي المخاطر، وتستثمر الشركات الأجنبية والمحلية في نتائج هذا النقاش.
وقال الأمير «محمد بن سلمان»، ولي ولي العهد البالغ 31 عامًا، والذي يقود خطّة التحوّل الاقتصادي، أنّ انعدام خيارات الترفيه قد قلّل من جودة الحياة في المدن السعودية، وهو ما يصدّ المستثمرين والعمّال الأجانب.
وقد حاولت الحكومة إثناء المحافظين الدينيين الذين عارضوا المرح العلني. ففي أبريل/نيسان الماضي، قرّرت الحكومة الحدّ من سلطات الشرطة الدينية، وهي القوّة التي لطالما عملت على فرض قواعد أخلاقية صارمة ومراقبة الفصل بين الجنسين. ووفقًا للقواعد التنظيمية الجديدة، لم يعد مسموحًا للشرطة الدينية أن تعتقل المارّة أو حتّى إيقافهم وطلب هويّاتهم. وفي مايو/أيار، أنشأت السعودية الهيئة العامة للترفيه لتقديم خيارات إضافية للترفيه للمواطنين، الذين يبلغ 60 بالمائة منهم أقل من 30 عامًا
وصرّح «خالد الفالح»، وزير النفط، في المنتدى الاقتصادي العالمي دافوس: «نعمل على تحويل السعودية إلى مكانٍ أكثر ودًّا، ليكون مكانً أكثر متعة للعيش فيه. ونسعى لجعل الناس في المملكة سعداء».
وقد أثارت الحكومة بالفعل جدلًا بعروضها، وجاء ذلك في أحد العروض لفرقة الرقص إليمونيت، التي تتخذ نيويورك مقرًّا لها، في أكتوبر/تشرين الأول. وتمّت هذه العروض في الظلام في الرياض حيث يرتدي أفراد الفرقة أضواء الليد. وفوجئ الحضور أثناء تحيّة الفرقة بعد العرض أنّ المجموعة قد شملت راقصة. وفي العاصمة السعودية، افإن لفصل بين الجنسين هو الطبيعي.
والخطوة القادمة في خطّة الهيئة، حفل في مدينة جدّة الساحلية هذا الشهر يحيه الفنان سعودي المولد، «محمد عبده»، واحد من أشهر المطربين العرب. وجمهوره المحلّي العريض حريص على رؤيته في عرضٍ حيّ، لكنّ المحافظين يتّهمونه بنشر المجون لأنّ معظم أغانيه تتحدّث عن الحبّ الرومانسي. وكان «محمد عبده» قد رفض تلك الاتهامات.
وقال المفتي الأكبر للمملكة، الشيخ «عبد العزيز آل الشيخ»، في مداخلة هاتفية مع أحد البرامج التلفزيونية: «نعلم أنّ الحفلات الموسيقية وعروض السينما ضارّة ومفسدة».
وقد اشتعل النقاش حول ما يجب وما لا يجب من أنواع الترفيه، بعدما قتل عدد من السعوديين أثناء حادث إطلاق النار الإرهابي على ملهىً ليلي بإسطنبول. واتّهم بعض الأشخاص الضحايا بجلب العار لأسرهم بسبب ذهابهم إلى ملهى ليلي، الأمر الذي يعدّ خارج حدود الترفيه المقبول، حيث يشمل الرقص وصبحة أناس يشربون الكحول.
وعندما يغادر السعوديون بلادهم، يقضون الكثير من الوقت في الترفيه بحرية. ويشاهد العديد من السعوديين يملؤون دور السينما في بلاد مجاورة أكثر حرية اجتماعية مثل البحرين والإمارات. وقدّر «أحمد الخطيب» رئيس الهيئة العامّة للترفيه أنّ السعوديين ينفقون 20 مليار دولار سنويًا على الترفيه خارج المملكة.
وقال السيّد الخطيب أنّ خطوات تطوير قطاع الترفيه قد جذبت شركات أمريكية كبرى مثل «six flags» للترفيه، والتي تخطّط لفتح متنزّه في الرياض بالإضافة إلى اثنين آخرين على الساحل الغربي للبلاد.
وتمضي الحكومة قدمًا، رغم معارضة المحافظين، وقد شجّعت شركات الترفيه المحلية. وقال «عبادة عوض» صاحب الـ 26 عامًا، الرئيس التنفيذي لشركة تايم للترفيه، ومقرّها الرياض، أنّ شركته تعتزم استضافة اتّفاق لكتاب هزلي هو الأول من نوعه في البلاد في جدة الشهر القادم، وتخطّط لعرض أزياء لاحقًا هذا العام. وفي نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، نظّمت الشركة حدثًا لمصارعة المحترفين في الرياض.
ويقول السيد «عوض»: «لا تمنع تقاليد البلاد والقواعد الإسلامية أحدًا من الحصول على المتعة».
المصدر | وول ستريت جورنال