الاسد و سلمان..الصاعد و النازل
أحمد الحباسى
بعد انتصار حلب التاريخى عم الحداد و اليأس المملكة السعودية و ألغت محمية قطر الصهيونية احتفالاتها بما يسمى بالعيد الوطنى كل ذلك حدادا على هزيمة الارهاب على يد الجيش السورى و حلفاءه ، لم يقف الامر عند هذا الحد بل كان لأمير قطر و شيخ الكفر القرضاوى دعوات صريحة لإسرائيل للتدخل المباشر فى سوريا و بالتالى فان اعتداء الطائرات الصهيونية منذ ساعات على مطار المزة و خرقها للسيادة السورية قد كان الاستجابة الفورية لمثل هذه الدعوات الفاجرة الصادرة عن كل دول الخليج ، فى الحقيقة كان مفعول انتصار حلب على اعداء سوريا السعودية ، قطر ، أمريكا و تركيا بالذات مدمرا و مربكا و أصبح هؤلاء يتحدثون بمنتهى الصراحة و الوضوح عن انتصار الاسد فى معركة كسر العظم فى حلب و التى سيكون له تداعيات خطيرة على مستقبل الصراع و المحادثات بين روسيا و حلفاءها و بين مجموعة ما يسمى بأصدقاء سوريا ناقص قطر و السعودية الذين خرجا من الشباك بعد أن مولا كامل متطلبات هذه الحرب و المؤامرة القذرة على الشعب السورى و لم يعد يلتفت اليهما أحد من الفاعلين فى المشهد السياسى الذى يتم التحضير اليه فى مدينة الاستانة .
فى تصريح لافت لمدير المخابرات المركزية الامريكية السابق مايك هايدن سنة 2013 اعتبر الرجل ان انتصار بشار الاسد قد يكون الافضل بين 3 سيناريوهات مرعبة جدا موضحا بأن هذا الخيار سيكون الافضل بين كل السيناريوهات المطروحة و أنه سيكون الحل لإنهاء الصراع الدموى فى سوريا مستطردا أن تفتت الدولة السورية و نجاح ما سمى “بالمعارضة سيؤدى الى ولادة منطقة جديدة بدون حوكمة على تقاطع الحضارات و أن هذا الامر سيؤثر على وضع دول الخليج بما فيها الاردن و العراق و لبنان ، بطبيعة الحال لم يشأ المسئول المذكور الاعتراف بأن الادارة الامريكية و أدواتها فى المنطقة هم سبب الداء و العلة و أن ما يحدث فى سوريا لم يكن ثورة شعبية بل مؤامرة اسقاط دولة عضو فى الامم المتحدة باستعمال الجماعات الارهابية التى تستخدمها المخابرات و بتمويل خيالى من دول الخليج ، بالعودة أيضا الى تصريحات كل مسئولى الدول المشاركة فى هذا الغزو الارهابى للدولة السورية نلاحظ وجود اتفاق خبيث على انكار وجود الارهاب و السعى الى اقناع العالم بان ما يحدث هو افراط فى استعمال القوة من النظام مقابل تطلعات شعب مسالم يبحث عن الحرية و التخلص من هذا النظام .
فى هذا السياق كان الرئيس السورى و من البداية يصف الاشياء بمسمياتها الحقيقية ذاكرا بأن سوريا تواجه الارهاب و أن ما يحدث لا علاقة له بالثورة السلمية معبرا عن استعداده للحوار مع المعارضة الوطنية ، فى هذا السياق أيضا رفض كل مبعوثى الامم المتحدة هذا الموقف مطالبين بضرورة تنحى الرئيس المنتخب و كان لزعماء المؤامرة القذرة مواقف متشددة فى هذا الموضوع و منهم من طالب علنا بإحالة ” أوراق ” الرئيس السورى على محكمة العدل الدولية ، أيضا لم تقبل ما سمى بالمعارضة او الائتلاف السورى دعوة الحوار السورية متمسكة بتنحى الرئيس قبل المفاوضات كشرط غير قابل للنقاش لبدء الحوار مع السيد فاروق الشرع نائب الرئيس السورى ، من المهم التذكير أن القيادة السعودية السابقة قد عرضت حوافز خيالية على الرئيس بوتين لتغيير مواقفه من النظام دون جدوى و هو ما يؤكد للمتابعين أهمية و فجاجة هذه المؤامرة و رغبة خدم الصهيونية المحمومة فى التخلص من رئيس المقاومة العربية ، فى الاثناء كانت الاموال و الاسلحة الخليجية تحضر لاحتلال دمشق بالقوة مركزة على التمركز الدائم فى حلب و فى بعض المدن السورية المهمة الاخرى و لم يكن فى وارد هؤلاء أن النظام قادر على الدخول فى معركة عسكرية لاسترجاع حلب بل أن كل محللى قناة الجزيرة و قناة العربية قد تحدثوا عن معركة دمشق معتبرين أن امر حلب قد حسم لفائدة الجماعات الارهابية .
بالنهاية حصل الانتصار السورى فى حلب و حصل المستحيل فى عرف المتآمرين ، فى هذا السياق تقول الخبيرة العسكرية المتخصصة فى الشؤون السورية بمعهد دراسات الحرب فى واشنطن السيدة جينيفر كافاريلا لقناة البى .بى .سى البريطانية ان انتصار حلب قد اكسب الرئيس السورى قوة دفع كبيرة فى ميدان المعركة معتبرة ان استراتيجية الرئيس السورى فى استعادة كبرى المدن السورية قد نجحت منتهية الى أن الاسد فى موقف قوى و أنه سيستفيد على المدى الطويل من تطرف الارهابيين بل أن الغرب قد بات اليوم يفكر بجدية حول مسألة رحيل الاسد الذى خرج منتصرا من هذه المواجهة الدموية المفروضة عليه ، على كل يعتقد كبار المعلقين فى العالم أن سقوط حلب فى يد النظام السورى هو انكسار كبير لما تبقى من معنويات و أحلام كبار القادة المشاركين فى هذه المؤامرة و من بينهم الملك سلمان و الرئيس التركى رجب أوردغان و الامير القطرى تميم بن حمد ، يعتقد هؤلاء أيضا أن هزيمة المجموعات الارهابية تؤكد وجود تباين و انقسام فى الرؤية بين دول المؤامرة و خاصة الادارة الامريكية التى رحلت تاركة الجميع فى التسلل و هذا هو الامر الذى دفع بعض الارهابيين الرافضين لهذه الهزيمة النكراء الى ضرب المصالح التركية التى تبين أنها استعملتهم بعض الوقت لخدمة مشاريعها الخاصة فى سوريا .
“حلب حررت ” لعل هذه هى العبارة التى تدمر أعصاب الملك سلمان بالليل و النهار و لعل هذا التحرير المفاجئ هو من جعل هذا الخائن يمتنع عن الحديث منذ مدة حول الشأن السورى فى تعبير واضح عن عمق خيبة الامل السعودية و انكسار مشروعها الدموى فى المنطقة ، من الواضح أيضا أن قناة العربية و مثيلتها القطرية الجزيرة قد أصابهما الارتباك بحيث لم تستطيعا القبول بهذا الواقع الجديد و ما جاء على لسان قوبلز الجزيرة فيصل القاسم منذ ساعات من اتهامات بالعمالة لما سمى بالمعارضة التى طالما استقبلها و استعملها فى حربه الاعلامية ضد الشعب السورى و نظامه المنتخب هو افراز لحالة من الرعب المعنوية بعد أن تضمنت كل نشرات و صفحات الاعلام العالمية أخبار و تحاليل الانتصار السورى للرئيس بشار الاسد معتبرة أن أكثر المنهزمين هو الملك سلمان ، و فى حين تلتجئ القيادة السورية الى الحذر فى خصوص التوجهات المعلنة للرئيس الامريكى المقبل المتعلقة بهواجسه العدائية للإسلام الراديكالى تتوجس دول الخليج من مواقف الادارة الامريكية المقبلة خاصة و ان الرئيس اوباما قد “سمح ” للكونغرس بإصدار قانون يعتبر السعودية بلدا ارهابيا يتحمل مسؤولية أحداث 11 سبتمبر 2001 و ما ينجر عنها من تعويضات خيالية للمتضررين بما سيزيد من عجز الميزانية السعودية الذى يحصل لأول مرة فى تاريخها بسبب الانفاق الخيالى على الارهاب فى سوريا و على عاصفة الحزم فى اليمن .
تقول صحيفة ” نيويورك تايمز ” أن الرئيس الاسد على مشارف النصر التام فى سوريا معتبرة أن سيطرته على حلب هى هزيمة لتركيا التى تسعى بقوة لبسط سيطرتها على شمال سوريا و دفع اللاجئين الى هذا الشريط فضلا على أن سقوط حلب يعنى بالضرورة خسارة الرهان التركى على ” المعارضة ” ، تقول صحيفة ” هأاريتس ” الصهيونية أن انتصار حلب يؤكد للمتابعين أن حلفاء سوريا قادرين دون مساعدة امريكا و الغرب عموما على تحقيق انجازات كبيرة فى مكافحة الارهاب و التطرف فى المنطقة ، بالمقابل تجمع عديد الصحف العالمية على ان الشعب السوري قد اظهر صمودا و مقاومة عجيبة لمدة ستة سنوات و استطاع الوقوف فى وجه الارهابيين من 80 دولة مع الداعمين لهم امريكا و الصهاينة و ادواتهم فى المنطقة و على رأسهم النظام السعودى البائد ، تقول صحيفة ” الايكونوميست ” البريطانية ان المملكة السعودية تجد نفسها مع نهاية عام 2016 فى تراجع مرعب على جميع المستويات بل على جميع الجبهات بما فيها جبهة اوبك و أن الشعب اليمنى عازم على هزم هذه الحرب المجنونة لكسر شوكة النظام السعودى الى الابد ، بالنهاية تشكل زيارة الرئيس اللبنانى الى السعودية لطمة موجعة على جبين ملك المافيا الخائن و تأكيد خيار انتصار الارادة اللبنانية الحرة التى يمثلها حزب الله و حلفاءه ، اليوم يعيش سلمان حالة من الانكسار المعنوى زادتها حالة من الزهايمر المتقدم و دعوات الانتقام التى ترتفع الى السماء من عائلات الشهداء الابرار فى سوريا و اليمن و العراق و لعل حالة الملك العميل اليوم لا تختلف معنويا و جسديا عن حالة اريال شارون فى اخر ايامه التى بقيت عالقة بأذهان شرفاء العالم ، و تلك الايام نداولها بين الناس .